المسألة الثالثة عشرة : إذا ثبت أن الغنيمة لمن حضر ، فأما من غاب فلا شيء له .
والمغيب على ثلاثة أوجه : إما بمرض ، أو بضلال ، أو بأسر .
فأما المريض فلا شيء له إلا أن يكون له رأي ، وقال المتأخرون من علمائنا : إن مرض بعد القتال أسهم له ، وإن مرض بعد الإرادة وقبل القتال ففيه قولان : والأصح وجوب ذلك له .
واختلف في الضال على قولين ; وقال أشهب : يسهم للأسير ، وإن كان في الحديد .
والصحيح أن لا سهم له ; لأنه ملك يستحق بالقتال ، فمن غاب خاب ، ومن حضر مريضا كمن لم يحضر .
وأما الغائب المطلق فلم يسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قط لغائب إلا يوم خيبر ; قسم لأهل الحديبية من حضر منهم ومن غاب ، لقوله تعالى : { وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها } ، وقسم يوم بدر لعثمان لبقائه على ابنته ، وقسم لسعيد بن زيد وطلحة وكانا غائبين .
فأما أهل الحديبية فكان ميعادا من الله اختص بأولئك النفر ، فلا يشاركهم فيه غيرهم .
وأما عثمان وسعيد وطلحة فيحتمل أن يكون أسهم لهم من الخمس ; لأن الأمة أجمعت على أنه من بقي لعذر فلا شيء له ، بيد أن محمد بن المواز قال : إذا أرسل [ ص: 413 ] الإمام أحدا في مصلحة الجيش فإنه يشرك من غنم بسهمه ; قال ابن وهب ، وابن نافع عن مالك .
وقيل عنه أيضا : لا شيء له ، وهذا أحسن ; فإن الإمام يرضخ له ، ولا يعطى من الغنيمة لعدم السبب الذي يستحق به عنده ، والله أعلم .
هذا لباب ما في الكتاب الكبير ، فمن تعذر عليه شيء فلينظره هنالك إن شاء الله .


