الآية الموفية أربعين : قوله تعالى { أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين } .
وهي الآية الموفية أربعين .
ومعناه : أفمن ؟ وإن كان قصد به التقوى ، وليس من هذا القبيل : العسل أحلى من الخل ، فإن الخل حلو ، كما أن العسل حلو ; وكل شيء ملائم فهو حلو ، ولذلك يقال : احلولى العشق ، أي كان حلوا ، لكونه إما على مقتضى اللذة أو موافقة الأمنية ؟ ألا ترى أن من الناس من يقدم الخل على العسل ، مفردا بمفرد ومضافا إلى غيره بمضاف . أسس بنيانه على اعتقاد تقوى حقيقة خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار
المسألة الأولى : قوله تعالى { فانهار به في نار جهنم } : قيل : إنه حقيقة ، { وإن النبي صلى الله عليه وسلم إذ أرسل إليه فهدم رئي الدخان يخرج منه } ، من رواية وغيره : حتى رئي الدخان في زمان سعيد بن جبير . أبي جعفر المنصور
[ ص: 588 ] وقيل : هذا مجاز ، المعنى أن مآله إلى نار جهنم ، فكأنه انهار إليه ، وهوى فيه .
وهذا كقوله : { فأمه هاوية } إشارة إلى أن النار تحت ، كما أن الجنة فوق .
وقال : أنا رأيت الدخان يخرج منه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو صح هذا لكان جابر بن عبد الله رافعا للإشكال . جابر
وهذا يدل على أن كل شيء ابتدئ بنية تقوى الله ، والقصد لوجهه الكريم ، فهو الذي يبقى ، ويسعد به صاحبه ، ويصعد إلى الله ويرفع إليه ، ويخبر عنه بقوله : { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } على أحد الوجهين ، ويخبر عنه أيضا بقوله : { والباقيات الصالحات خير عند ربك } .