المسألة السادسة : قال بعض علماء الشافعية : قوله تعالى : { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } دليل على جواز . [ ص: 70 ] الحيلة في التوصل إلى المباح واستخراج الحقوق
قال القاضي الإمام أبو بكر رضي الله عنه : هذا وهم عظيم . وقوله : { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } قيل فيه : كما مكنا ليوسف ملك نفسه عن امرأة العزيز مكنا له ملك الأرض عن العزيز أو مثله مما لا يشبه ما ذكره . قال الشفعوي : ومثله : { وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث } .
قال الإمام الفقيه القاضي أبو بكر بن العربي رضي الله عنه : ليس هذا حيلة ; إنما هو حمل لليمين على الألفاظ أو على المقاصد ، وقد بيناه في كتب المسائل . قال الشفعوي : وحديث في عامل أبي سعيد خيبر [ قال الإمام ابن العربي : نص هذا الحديث ] { خيبر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر جنيب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا ، يا رسول الله ، ولكنا نبيع الصاع من هذا بالصاعين من تمر الجمع . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا ، وكذلك البسر } خرجه الأئمة . ومقصود الشافعية من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يبيع جمعا ويبتاع جنيبا من الذي باع منه الجمع أو من غيره . أن عامل
قال المالكية : معناه من غيره ، لئلا يكون جنيبا بجمع والدراهم ربا ، كما قال : جريرة بجريرة والدراهم ربا . قال الشفعوي : ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس لهند : { } . خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف
[ ص: 71 ] قال القاضي : { هند للنبي صلى الله عليه وسلم : إن رجل مسيك لا يعطيني ما يكفيني وولدي . قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف أبا سفيان } . وهذا من باب الفتوى وتسليط المفتي للمستفتي على حكم الدعوى ، فهو أعلم بنفسه ، وربه أعلم من الكل بكذبه أو صدقه ، ولا حيلة في شيء من هذا . وعجبا لمن يتصدى للإمامة ، ويتميز في الفرق بالزعامة ، ويأتي بهذا السفساف من المقال . قال قالت القاضي : وزاد بعد ذلك من معاريض النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب ما هو خارج عن هذا الغرض على خط لا يجتمع مع هذا المقصد في دائرة الأفق ، فكيف في مقدار من التقابل أصغر من نفق .