الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة السادسة : قال بعض علماء الشافعية : قوله تعالى : { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } دليل على جواز الحيلة في التوصل إلى المباح واستخراج الحقوق . [ ص: 70 ]

                                                                                                                                                                                                              قال القاضي الإمام أبو بكر رضي الله عنه : هذا وهم عظيم . وقوله : { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } قيل فيه : كما مكنا ليوسف ملك نفسه عن امرأة العزيز مكنا له ملك الأرض عن العزيز أو مثله مما لا يشبه ما ذكره . قال الشفعوي : ومثله : { وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث } .

                                                                                                                                                                                                              قال الإمام الفقيه القاضي أبو بكر بن العربي رضي الله عنه : ليس هذا حيلة ; إنما هو حمل لليمين على الألفاظ أو على المقاصد ، وقد بيناه في كتب المسائل . قال الشفعوي : وحديث أبي سعيد في عامل خيبر [ قال الإمام ابن العربي : نص هذا الحديث ] { أن عامل خيبر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر جنيب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا ، يا رسول الله ، ولكنا نبيع الصاع من هذا بالصاعين من تمر الجمع . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا ، وكذلك البسر } خرجه الأئمة . ومقصود الشافعية من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يبيع جمعا ويبتاع جنيبا من الذي باع منه الجمع أو من غيره .

                                                                                                                                                                                                              قال المالكية : معناه من غيره ، لئلا يكون جنيبا بجمع والدراهم ربا ، كما قال ابن عباس : جريرة بجريرة والدراهم ربا . قال الشفعوي : ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند : { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 71 ] قال القاضي : { قالت هند للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أبا سفيان رجل مسيك لا يعطيني ما يكفيني وولدي . قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } . وهذا من باب الفتوى وتسليط المفتي للمستفتي على حكم الدعوى ، فهو أعلم بنفسه ، وربه أعلم من الكل بكذبه أو صدقه ، ولا حيلة في شيء من هذا . وعجبا لمن يتصدى للإمامة ، ويتميز في الفرق بالزعامة ، ويأتي بهذا السفساف من المقال . قال القاضي : وزاد بعد ذلك من معاريض النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب ما هو خارج عن هذا الغرض على خط لا يجتمع مع هذا المقصد في دائرة الأفق ، فكيف في مقدار من التقابل أصغر من نفق .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية