الآية الحادية عشرة
قوله تعالى : { وبشر المحسنين لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم } .
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : قوله : { لن ينال الله } من الألفاظ المشكلة ; فإن النيل لا يتعلق بالبارئ سبحانه ، ولكن عبر به تعبيرا مجازيا عن القبول ; فإن كل ما نال الإنسان موافق أو مخالف ; فإن ناله موافق قبله ، أو مخالف كرهه ، ولا عبرة بالأفعال بدنية كانت أو مالية بالإضافة إلى الله تعالى ; إذ لا يختلف في حقه إلا بمقتضى نهيه وأمره ، وإنما مراتبها الإخلاص فيها والتقوى منها .
ولذلك قال : لن يصل إلى الله لحومها ولا دماؤها ، وإنما يصل إليه التقوى منكم ، فيقبله ويرفعه إليه ويسمعه .
المسألة الثانية : قوله : { كذلك سخرها لكم }
امتن علينا سبحانه بتذليلها لنا وتمكيننا من تصريفها ، وهي أعظم منا أبدانا ، وأقوى أعضاء ، ذلك ليعلم العبد أن الأمور ليست على ما تظهر إلى العبد من التدبير [ ص: 299 ] وإنما هي بحسب ما يدبرها العزيز القدير ، فيغلب الصغير الكبير ، ليعلم الخلق أن الغالب هو الله وحده القاهر فوق عباده .
المسألة الثالثة : قوله تعالى : { لتكبروا الله على ما هداكم }
ذكر سبحانه وتعالى اسمه عليها في الآية قبلها فقال : { فاذكروا اسم الله عليها صواف } ، وذكر هاهنا التكبير ، فكان يجمع بينها إذا نحر هديه ، فيقول : " بسم الله ، والله أكبر " . وهذا من فقهه رضي الله عنه . ابن عمر
وقد قال قوم : التسمية عند الذبح والتكبير عند الإحلال بدلا من التلبية عند الإحرام ، وفعل أفقه . والله أعلم . ابن عمر