الآية الرابعة عشرة قوله تعالى : { والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم } . فيها أربع مسائل : [ ص: 376 ] المسألة الأولى : في المراد بهذه البيوت : أربعة أقوال :
الأول : أنها الخانات والخانكات .
الثاني : أنها دكاكين التجار ; قاله الشعبي .
الثالث : قال : هي منازل الأسفار ومناجاة الرجال . مجاهد
الرابع : أنها الخرابات العاطلة ; قال . قتادة
المسألة الثانية : قوله تعالى : { فيها متاع لكم } فيها ثلاثة أقوال : الأول : أنها أموال التجار . الثاني : أنها المنافع كلها . الثالث : أنها الخلاء لحاجة الإنسان .
المسألة الثالثة : قال الفقيه القاضي أبو بكر رضي الله عنه : أما من قال إنها الخانات وهي الفنادق ، والخانكات وهي المدارس للطلبة ، فإنما مشتركة بين السكان فيها والعاملين بها فلا يصح المنع ; فلا يتصور الإذن . وكذلك دكاكين التجار ، قال الشعبي : لا إذن فيها ; لأن أصحابها جاءوا ببيوعهم ، وجعلوها فيها ، وقالوا للناس هلم . فالمعنى في ذلك كله ألا يدخل في كل موضع بغير إذن إلا من كان من أهله ومن خرج عنهم فلا دخول فيه لهم .
المسألة الرابعة :
وأما من فسر المتاع بأنه جميع الانتفاع فقد طبق المفصل ، وجاء بالفيصل ، وبين أن دخول الداخل فيها إنما هو لما له من الانتفاع ، فالطالب يدخل في الخانكات للعلم ، والساكن يدخل في الخان للمنزل فيه ، أو لطلب من نزل لحاجته إليه ، والزبون يدخل لدكان الابتياع ، والحاقن يدخل الخلاء للحاجة ، وكل يؤتى على وجهه من بابه ، فإن دخل في موضع من هذه باسمها الظاهر ولمنفعتها البادية ونيته غير ذلك فالله عليم بما أبدى ، وبما كتم ، يجازيه عليه وبما يظهره منه .