وقال أبو حنيفة : أسآر السباع نجسة . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه سئل عن حياض [ ص: 444 ] تكون بين مكة والمدينة تردها السباع وفي رواية : والكلاب فقال : لها ما حملت في بطونها ، ولنا ما بقي غير شراب وطهور } .
وفي الموطأ أن عمر وعمرا وقفا على حوض ، فقال عمرو : يا صاحب الحوض ، هل ترد حوضك السباع ؟ فقال له عمر : يا صاحب الحوض ، لا تخبرنا ، فإنا نرد على السباع ، وترد علينا . وهذا ; لأن الماء كان كثيرا ، ولو كان قليلا لكان للمسألة حكم قدمناه قبل في هذه الآية .
وقد روي عن سهل بن سعد أن امرأة دخلت عليه مع نسوة ، فقال : لو أني سقيتكن من بئر بضاعة لكرهتن ذلك . وقد والله سقيت منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي .
وهذا أيضا ; لأن ماءها كان كثيرا لا يؤثر فيه محائض النساء ، وعذرات الناس ، ولحوم الكلاب .
وقد قال أبو داود : سمعت قتيبة بن سعيد قال : سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها ، قلت : ما أكثر ما يكون الماء فيها ؟ قال : إلى العانة . قلت : فإذا نقص ماؤها ؟ قال : إلى العورة قال أبو داود : فقدرتها بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع . وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليها : هل غير بناؤها عما كانت عليه ؟ فقال : لا . قال أبو داود : ورأيت ماءها متغير اللون جدا . قال الفقيه القاضي أبو بكر رضي الله عنه : تغير ماؤها ; لأنها في وسط السبخة ، فماؤها يكون قرارها . وبضاعة دور بني ساعدة ، ولها يقول أبو أسيد مالك بن ربيعة الساعدي : [ ص: 445 ]
نحن حمينا عن بضاعة كلها ونحن بنينا معرضا هو مشرف فأصبح معمورا طويلا قذاله
وتخرب آطام بها وتقصف


