قوله تعالى : { والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }
فيها ثماني مسائل : المسألة الأولى : قوله : { والشعراء } . قال الشعر نوع من الكلام : حسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيحه يعني أن الشعر ليس يكره لذاته ، وإنما يكره لمتضمناته . وقد كان عند الشافعي العرب عظيم الموقع حتى قال الأول منهم :
وجرح اللسان كجرح اليد
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الشعر الذي كان يرد به على المشركين : { } . إنه لأسرع فيهم من النبلوقد أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار ، أنبأنا البرمكي والقزويني الزاهد ، أنبأنا ابن حيوة ، أنبأنا أبو محمد السكري ، أنبأنا أبو محمد الدينوري ، حدثني يزيد بن عمرو الغنوي ، حدثنا زكريا بن يحيى ، حدثنا عمرو بن زحر بن حصن عن جده حميد بن منهب قال : { خريم بن أوس بن حارثة يقول : هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة منصرفه من تبوك ، فسمعت قال : يا رسول الله ، إني أريد أن أمتدحك . فقال : قل ، لا يفضض الله فاك . فقال العباس ممتدحا : العباس
من قبلها طبت في الظلال وفي مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر أنت ولا مضغة ولا علق
[ ص: 463 ] بل نطفة تركب السفين وقد ألجم نسرا وأهله الغرق
تنقل من صالب إلى رحم إذا مضى عالم بدا طبق
حتى استوى بينك المهيمن من خندف علياء تحتها النطق
وأنت لما بعثت أشرقت الأرض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي النور وسبل الرشاد نخترق