علمنا منطق الطير } : فيها مسألتان : المسألة الأولى : القول في منطق الطير ، وهو صوت تتفاهم به في معانيها على صيغة واحدة ، بخلاف منطقنا ، فإنه على صيغ مختلفة ، نفهم به معانيها . قوله تعالى : {
قال علماؤنا : وفي المواضعات غرائب ; ألا ترى أن صوت البوق تفهم منه أفعال مختلفة من حل وترحال ، ونزول وانتقال ، وبسط وربط ، وتفريق وجمع ، وإقبال وإدبار ، بحسب المواضعة والاصطلاح .
وقد كان صاحبنا مموس الدريدي يقرأ معنا ببغداد ، وكان من قوم كلامهم حروف الشفتين ، ليس لحروف الحلق عندهم أصل .
فجعل الله لسليمان معجزة فهم كلام الطير والبهائم والحشرات ; وإنما خص الطير لأجل سوق قصة الهدهد بعدها . ألا تراه كيف ذكر قصة النمل معها ، وليست من الطير .
ولا خلاف عند العلماء في أن الحيوانات كلها لها أفهام وعقول .
وقد قال : الحمام أعقل الطير . وقد قال علماء الأصوليين : انظروا إلى النملة كيف تقسم كل حبة تدخرها نصفين لئلا ينبت الحب ، إلا حب الكزبرة فإنها تقسم الحبة منه على أربع ; لأنها إذا قسمت بنصفين تنبت ، وإذا قسمت بأربعة أنصاف لم تنبت . الشافعي
وهذه من غوامض العلوم عندنا ، وأدركتها النمل بخلق الله ذلك لها .
وقال الأستاذ أبو المظفر شاه نور الإسفراييني : ولا يبعد أن تدرك البهائم حدوث [ ص: 473 ] العالم ، وخلق المخلوقات ، ووحدانية الإله ، ولكنا لا نفهم عنهم ، ولا تفهم عنا ، أما أنا نطلبها وهي تفر منا فبحكم الجنسية .
المسألة الثانية : روى عن ابن وهب أن مالك سليمان النبي مر على قصر بالعراق ، فإذا فيه كتاب :
خرجنا من قرى إصطخر إلى القصر فقلناه فمن سال عن القصر
فمبنيا وجدناه
وروى وغيره في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { مالك } . نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة ، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ، ثم أمر ببيتها فأحرق ، فأوحى الله إليه فهلا نملة واحدة