الآية الحادية عشرة
قوله تعالى : { اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون قالت يأيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم } .
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : قوله : { كتاب كريم }
فيه ستة أقوال :
الأول : لختمه ، وكرامة الكتاب ختمه .
الثاني : لحسن ما فيه من بلاغة وإصابة معنى .
الثالث : كرامة صاحبه ; لأنه ملك .
الرابع : كرامة رسوله ; لأنه طائر ; وما عهدت الرسل منها .
الخامس : لأنه بدأ فيه ببسم الله .
السادس : لأنه بدأ فيه بنفسه ، ولا يفعل ذلك إلا الجلة .
وفي حديث ابن عمر أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه : لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين ; إني أقر لك بالسمع والطاعة ما استطعت ، وإن بني قد أقروا لك بذلك .
وهذه الوجوه كلها صحيحة . وقد روي أنه لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم أحد قبل سليمان . [ ص: 486 ]
المسألة الثانية :
الوصف الكريم في الكتاب غاية الوصف ; ألا ترى إلى قوله : { إنه لقرآن كريم } . وأهل الزمان يصفون الكتاب بالخطير ، وبالأثير ، وبالمبرور ; فإن كان لملك قالوا : العزيز ; وأسقطوا الكريم غفلة ، وهو أفضلها خصلة . فأما الوصف بالعزيز فقد اتصف به القرآن أيضا ; فقال : { وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } .
فهذه عزته ، وليست لأحد إلا له ; فاجتنبوها في كتبكم ، واجعلوا بدلها العالي ، توقية لحق الولاية ، وحياطة للديانة .


