قوله تعالى : { ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين } .
وقد تقدم القول فيها ، ويحق أن نعيده لعظمه ، وقد نادى الله عليهم بأنهم أول من اقتحم هذا ، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فينا من رواية : { عبد الله بن عمر بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، حتى لو كان منهم من يأتي أمه علانية ، كان في أمتي من يصنع ذلك } . وليأتين على أمتي ما أتى على
وقد روى وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه { ابن وهب } . ولقد كتب : اقتلوا الفاعل والمفعول به في ذلك إلى خالد بن الوليد ، فكتب إليه أبي بكر الصديق : عليه الرجم . [ ص: 515 ] وتابعه على ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر : إن العرب تأنف من العار وشهرته أنفا لا تأنفه من الحدود التي تمضي في الأحكام ، فأرى أن تحرقه بالنار فقال علي بن أبي طالب : صدق أبو بكر أبو الحسن . فكتب إلى أن أحرقه بالنار ، ففعل . فقال خالد : لا أرى ابن وهب أحرقه إلا بعد قتله ; لأن النار لا يعذب بها إلا الله تعالى . خالدا
قال القاضي : ليس كما زعم ، كان ابن وهب يرى الحرق بالنار عقوبة ، ولذلك كان ما أخبرنا علي ، أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار البرقاني الحافظ الإسماعيلي ، حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ، حدثنا ، حدثنا محمد بن عباد قال : رأيت إسماعيل عمرو بن دينار ، ، وأيوب وعمارا الرهيني ، اجتمعوا فتناكروا الذين حرقهم ، فحدث علي أيوب عن عكرمة عن أنه لما بلغه قال : لو كنت أنا ما أحرقتهم ؟ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } ، ولقتلتهم " ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تعذبوا بعذاب الله } . فقال من ترك دينه فاقتلوه عمار : لم يكن حرقهم ، ولكنه حفر لهم حفائر ، وخرق بعضها إلى بعض ، ثم دخن عليهم حتى ماتوا . فقال : قال الشاعر : عمار
لترم بي المنايا حيث شاءت إذا لم ترم بي في الحفرتين إذا ما أججوا حطبا ونارا
هناك الموت نقدا غير دين
ومن حديث ما يصدق ذلك : عن يحيى بن بكير أنه وجد في ضواحي علي العرب رجلا ينكح كما تنكح المرأة كان اسمه الفجاءة ، فاستشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم أبو بكر ، وكان يومئذ أشد فيهم قولا ، فقال علي : إن هذا الذنب لم تعص به أمة من الأمم ، إلا أمة واحدة ، صنع الله بها ما علمتم ; أرى أن يحرق بالنار . فاجتمع رأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق بالنار ، فكتب علي بن أبي طالب إلى أبو بكر [ ص: 516 ] أن يحرقهم بالنار ، فأحرقهم بالنار ، ثم أحرقهم خالد بن الوليد في زمانه ، ثم أحرقهم ابن الزبير ، ثم أحرقهم هشام بن عبد الملك خالد القسري بالعراق .
وقد روي أن أتي بسبعة أخذوا في لواط ، فسأل عنهم ، فوجدوا أربعة قد أحصنوا ، فأمر بهم فخرج بهم من عبد الله بن الزبير الحرم ، ثم رجموا بالحجارة ، حتى ماتوا ، وجلد الثلاثة حتى ماتوا بالحد . قال : وعنده ، ابن عباس ، فلم ينكرا عليه . وابن عمر
وقد ذهب إلى هذا ، والذي صار إليه الشافعي أحق ، وهو أصح سندا ، وأقوى معتمدا ، حسبما بيناه قبل هذا . مالك
وقد روي عن أنه سئل عن ابن عباس ، فقال : يصعد به في الجبل ، ثم يردى منه ، ثم يتبع بالحجارة . حد اللواط