[ ص: 520 ] سورة الروم فيها ثلاث آيات
الآية الأولى
قوله تعالى : { في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون } .
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : في : سبب نزولها
روى الترمذي وغيره واللفظ له عن قال : لما كان يوم بدر ظهرت أبي سعيد الخدري الروم على فارس ، فأعجب ذلك المؤمنين ، فنزلت : { الم غلبت الروم في أدنى الأرض } إلى قوله : { يفرح المؤمنون بنصر الله } . قال : ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس .
وذكر عن قال : غلبت ابن عباس الروم وغلبت ، كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم ; لأنهم وإياهم أهل أوثان ، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس ; لأنهم وإياهم كانوا أهل كتاب ، فذكروه لأبي بكر ، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { } . فذكره أما إنهم سيغلبون أبو بكر لهم ، فقالوا : اجعل بيننا وبينك أجلا ; فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا ، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا . فجعل أجلا خمس سنين ، فلم يظهروا فذكر ذلك للنبي عليه السلام فقال : { ألا أخفضت } . وفي رواية : { ألا أحبطت } . وفي رواية : " { } ألا جعلته إلى دون ، أراه العشرة
. [ ص: 521 ] قال : والبضع ما دون العشرة ; ثم ظهرت أبو سعيد الروم ; فذلك قوله تعالى : { الم غلبت الروم } إلى قوله : { يفرح المؤمنون بنصر الله } قال سفيان : سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر .
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب .
وروي أيضا عن نيار بن مكرم الأسلمي قال : لما نزلت : { الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين } وكانت فارس يوم نزلت هذه الآية . قاهرين للروم ، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم ; لأنهم وإياهم أهل كتاب ، وذلك قوله : { ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم } فكانت قريش تحب ظهور فارس ; لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ، ولا إيمان ببعث فلما أنزل الله هذه الآية خرج يصيح في نواحي أبو بكر الصديق مكة : { الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين } . قال ناس من قريش لأبي بكر : فذلك بيننا وبينكم ، زعم صاحبك أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين ; أفلا نراهنك على ذلك ، قال : بلى . وذلك قبل تحريم الرهان . فارتهن أبو بكر والمشركون ، وتواضعوا الرهان ، وقالوا لأبي بكر : كم تجعل ؟ البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين . فسم بيننا وبينكم وسطا قال : فسموا بينهم ست سنين قال : فمضت الست سنين قبل أن يظهروا ; فأخذ المشركون رهن أبي بكر ، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس ، فعاب المشركون على أبي بكر تسمية ست سنين ; لأن الله تعالى قال : في بضع سنين . قال : وأسلم عند ذلك ناس كثير ; فهذه أحاديث صحاح حسان غراب