[ ص: 617 ] المسألة السادسة عشرة : قوله : { ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا    }    : 
وهي من خصائصه ; فقد خص بأحكام ، وشرف بمعالم ومعان لم يشاركه فيها أحد ، تمييزا لشرفه ، وتنبيها على مرتبته . 
وقد روي أن سبب نزول هذه الكلمة أن آية الحجاب لما نزلت قالوا : يمنعنا من بنات عمنا ; لئن حدث به الموت لنتزوجن نساءه من بعده ، فأنزل الله هذه الكلمة . 
وروي أن رجلا قال : لئن مات لأتزوجن  عائشة  ، فأنزل الله هذه الآية ، وصان خلوة نبيه ، وحقق غيرته ، فقصرهن عليه ، وحرمهن بعد موته . 
وقد اختلف في حالهن بعد موته ، وهي : 
المسألة السابعة عشرة : هل بقين أزواجا أو زال النكاح بالموت ; وإذا قلنا : إن حكم النكاح زال بالموت ، فهل عليهن عدة أم لا ؟ فقيل : عليهن العدة ; لأنهن زوجات توفي عنهن زوجهن ، وهي عبادة . 
وقيل : لا عدة عليهن ; لأنها مدة تربص لا ينتظر بها الإباحة . 
وببقاء الزوجية أقول ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ما تركت بعد نفقة عيالي ومؤنة عاملي صدقة   } . 
وقد ورد في بعض ألفاظ الحديث : { ما تركت بعد نفقة أهلي   } وهذا اسم خاص بالزوجية ; لأنه أبقى عليهن النفقة مدة حياتهن ، لكونهن نساءه . 
وفي بعض الآثار : { كل سبب ونسب ينقطع إلا سببي ونسبي   } . 
والأول أصح ، وعليه المعول . 
 [ ص: 618 ] ومعنى إبقاء النكاح بقاء أحكامه من تحريم الزوجية ، ووجوب النفقة والسكنى ; إذ جعل الموت في حقه عليه السلام بمنزلة المغيب في حق غيره ، لكونهن أزواجا له قطعا ، بخلاف سائر الناس ; لأن الميت لا يعلم كونه مع أهله في دار واحدة ، فربما كان أحدهم في الجنة والآخر في النار ، فبهذا الوجه انقطع السبب في حق الخلق ، وبقي في حق النبي صلى الله عليه وسلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					