الآية الرابعة والعشرون قوله تعالى : { فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال } .
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : في حقيقة العرض : وقد بيناه في المشكلين . [ ص: 628 ] المسألة الثانية : في ذكر الأمانة :
وفيها اختلاط كثير من القول ، لبابه في عشرة أقوال :
الأول : أنها الأمر والنهي ; قاله أبو العالية .
الثاني : أنها الفرائض ; روي عن وغيره . ابن عباس
الثالث : أنها أمانة الفرج عند المرأة ; قاله . أبي
الرابع : أن الله وضع الرحم عند آدم أمانة .
الخامس : أنها الخلافة .
السادس : أنها الجنابة والصلاة والصوم ; قاله . زيد بن أسلم
السابع : أنها أمانة آدم قابيل على أهله وولده ، فقتل قابيل هابيل .
الثامن : أنها ودائع الناس .
التاسع : أنها الطاعة .
العاشر : أنها التوحيد .
فهذه الأقوال كلها متقاربة ، ترجع إلى قسمين :
أحدهما : التوحيد : فإنه أمانة عند العبد ، وخفي في القلب ، لا يعلمه إلا الله ; ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : { } . إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس
ثانيهما : قسم العمل :
وهو في جميع أنواع الشريعة ، وكلها أمانة تختص بتأكيد الاسم فيها .
والمعنى ما كان خفيا لا يطلع عليه الناس ، فأخفاه أحقه بالحفظ ، وأخفاه ألزمه بالرعاية وأولاه .