[ ص: 313 ] سورة عبس [ فيها آيتان ]
الآية الأولى قوله تعالى : { عبس وتولى } فيها مسألتان :
المسألة الأولى لا خلاف أنها نزلت في الأعمى ، وقد روي في الصحيح قال ابن أم مكتوم : إن مالك حدثه عن هشام بن عروة عروة أنه قال : { عبس وتولى } في ابن أم مكتوم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقول : يا نزلت { محمد ; علمني مما علمك الله ، وعند النبي صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر ، ويقول : يا فلان ، هل ترى بما أقول بأسا ، فيقول : لا ، ما أرى بما تقول بأسا ، فأنزل الله عز وجل { عبس وتولى } } .
قالت المالكية من علمائنا : اسم ، والرجل من عظماء المشركين هو ابن أم مكتوم عمرو ، ويقال عبد الله الوليد بن المغيرة ، ويكنى أبا عبد شمس خرجه الترمذي مسندا قال : أنبأنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، حدثني أبي قال : هذا ما عرضنا على عن أبيه عن هشام بن عروة قالت : نزلت { عائشة عبس وتولى } فذكر مثله .
المسألة الثانية هذا مثل قوله : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي } .
ومعناه نحوه حيثما وقع ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصد تألف الرجل الطارئ ثقة بما كان في قلب من الإيمان ، كما قال : { ابن أم مكتوم } . إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار على وجهه
وأما قول علمائنا : إنه الوليد بن المغيرة . وقال آخرون : إنه أمية بن خلف ، فهذا كله [ ص: 314 ] باطل وجهل من المفسرين الذين لم يتحققوا الدين ; وذلك أن أمية والوليد كانا بمكة ، كان وابن أم مكتوم بالمدينة ، ما حضر معهما ولا حضرا معه ، وكان موتهما كافرين ; أحدهما قبل الهجرة والآخر في بدر ولم يقصد قط أمية المدينة ، ولا حضر عنده مفردا ولا مع أحد .