الآية الثالثة قوله تعالى : { وذكر اسم ربه فصلى } : فيها مسألتان :
المسألة الأولى قد بينا أن الذكر حقيقته إنما هو في القلب ; لأنه محل النسيان الذي هو ضده ، والضدان إنما يتضادان في المحل الواجب ; فأوجب الله بهذه الآية خصوصا ، وإن كان قد اقتضاها عموما قوله تعالى : { النية في الصلاة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } .
وقوله صلى الله عليه وسلم : { } . والصلاة أم الأعمال ، ورأس العبادات ، ومحل النية في الصلاة مع تكبيرة الإحرام ; فإن الأفضل في كل نية بفعل أن تكون مع الفعل لا قبله ; وإنما رخص في تقديم نية الصوم لأجل تعذر اقتران النية فيه [ ص: 329 ] بأول الفعل عند الفجر ، لوجوده والناس في غفلة ، وبقيت سائر العبادات على الأصل وتوهم بعض القاصرين عن معرفة الحق أن تقديم النية على الصلاة جائز بناء على ما قال علماؤنا من تجويز تقديم النية على الوضوء في الذي إنما الأعمال بالنيات أن يجزئه قال : فكذلك الصلاة . يمشي إلى النهر في الغسل ; فإذا وصل واغتسل نسي
وهذا القائل ممن دخل في قوله تعالى : { أفمن يمشي مكبا على وجهه } ; وقد بيناه في كل موضع يعترى فيه ، وحققنا أن الصلاة أصل متفق عليه في وجوب النية ، والوضوء فرع مختلف فيه ، فكيف يقاس المتفق عليه على المختلف فيه ، ويحمل الأصل على الفرع ؟