المسألة الثالثة قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3ليلة القدر خير من ألف شهر } ليس فيها ليلة القدر في قول المفسرين ; لأنها [ لا يصح أن ] تكون خيرا من نفسها ، وتركب على هذا قول النحاة : إنه لا يجوز : زيد أفضل إخوته ; لأنه من الإخوة ، يريدون ولا [ يجوز أن ] يكون الشيء أفضل من نفسه . وهذا تدقيق لا يئول إلى تحقيق .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=29068_26777ليلة القدر فإنها خير من ألف شهر ، فيها ليلة القدر ، فيكون العمل فيها خيرا من ألف شهر هي من جملتها ، فإذا عمر الرجل بعد البلوغ عاما كتب الله له بليلة القدر ألف شهر
[ ص: 372 ] فيها ليلة القدر ، ولا يكتب له ليلة القدر ، وألف شهر زائدا عليها ، وركب على هذا بقية الأعوام .
وأما قولهم : زيد أفضل إخوته فهذا تجوز جائز ; لأن
العرب قد سحبت على هذا الغرض ذيل الغلط ، وأجرته على مساق الجواز في النطق ، فإنها تقول الاثنان نصف الأربعة ; تتجوز بذلك ، لأن الاثنين من الأربعة .
وتحقيق القول في نسبتها لشيء تركب مثله ، وفي قولهم : الواحد ثلث الثلاثة شيء تركب مثليه ، وهكذا إلى آخر النسب ، ولكنها لم تتحاش عن هذا المذهب ; لأن اللفظ منظوم ، والمعنى مفهوم ; ووجه المجاز فيه ظاهر . والله أعلم .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي قَوْلِ الْمُفَسِّرِينَ ; لِأَنَّهَا [ لَا يَصِحُّ أَنْ ] تَكُونَ خَيْرًا مِنْ نَفْسِهَا ، وَتَرَكَّبَ عَلَى هَذَا قَوْلُ النُّحَاةِ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ : زَيْدٌ أَفْضَلُ إخْوَتِهِ ; لِأَنَّهُ مِنْ الْإِخْوَةِ ، يُرِيدُونَ وَلَا [ يَجُوزُ أَنْ ] يَكُونَ الشَّيْءُ أَفْضَلَ مِنْ نَفْسِهِ . وَهَذَا تَدْقِيقٌ لَا يَئُولُ إلَى تَحْقِيقٍ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29068_26777لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَإِنَّهَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، فَيَكُونُ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ هِيَ مِنْ جُمْلَتِهَا ، فَإِذَا عَمَّرَ الرَّجُلُ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَامًا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ أَلْفَ شَهْرٍ
[ ص: 372 ] فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، وَلَا يَكْتُبُ لَهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، وَأَلْفَ شَهْرٍ زَائِدًا عَلَيْهَا ، وَرُكِّبَ عَلَى هَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْوَامِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : زَيْدٌ أَفْضَلُ إخْوَتِهِ فَهَذَا تَجَوُّزٌ جَائِزٌ ; لِأَنَّ
الْعَرَبَ قَدْ سَحَبَتْ عَلَى هَذَا الْغَرَضِ ذَيْلَ الْغَلَطِ ، وَأَجْرَتْهُ عَلَى مَسَاقِ الْجَوَازِ فِي النُّطْقِ ، فَإِنَّهَا تَقُولُ الِاثْنَانِ نِصْفُ الْأَرْبَعَةِ ; تَتَجَوَّزُ بِذَلِكَ ، لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ .
وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي نِسْبَتِهَا لِشَيْءٍ تَرَكَّبَ مِثْلُهُ ، وَفِي قَوْلِهِمْ : الْوَاحِدُ ثُلُثُ الثَّلَاثَةِ شَيْءٌ تَرَكَّبَ مِثْلَيْهِ ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ النَّسَبِ ، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَتَحَاشَ عَنْ هَذَا الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ اللَّفْظَ مَنْظُومٌ ، وَالْمَعْنَى مَفْهُومٌ ; وَوَجْهُ الْمَجَازِ فِيهِ ظَاهِرٌ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .