المسألة الرابعة : قوله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } دليل على وجوب على الوالد لعجزه وضعفه ; فجعل الله تعالى ذلك على يدي أبيه لقرابته منه وشفقته عليه ; وسمى الله تعالى الأم لأن الغذاء يصل إليه بوساطتها في الرضاعة ، كما قال تعالى : { نفقة الولد وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن } لأن الغذاء لا يصل إلى الحمل إلا بوساطتهن في الرضاعة ; وهذا باب من أصول الفقه ، وهو أن ما لا يتم الواجب إلا به واجب مثله .
المسألة الخامسة : قوله تعالى : { بالمعروف } يعني على قدر حال الأب من السعة والضيق ، كما قال تعالى في سورة الطلاق : { لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله } ومن هذه النكتة أخذ علماؤنا جواز إجارة الظئر بالنفقة والكسوة ، وبه قال ، وأنكره أبو حنيفة صاحباه ، لأنها إجارة مجهولة فلم تجز ، كما لو كانت الإجارة به على عمل الآخر ، وذلك عند استحسان ، وهو عند أبي حنيفة مالك أصل في الارتضاع ، وفي كل عمل ، وحمل على العرف والعادة في مثل ذلك العمل . ولولا أنه معروف ما أدخله الله تعالى في المعروف . والشافعي
فإن قيل : الذي يدل على أنه مخصوص أنه قدر بحال الأب من عسر ويسر ، ولو كان على رسم الأجرة لم يختلف كبدل سائر الأعواض . قلنا : قدروه بالمعروف أصلا في الإجارات ، ونوعه باليسار والإقتار رفقا ; فانتظم الحكمان ، واطردت الحكمتان . وفي مسائل الخلاف ترى تمام ذلك إن شاء الله تعالى .