المسألة السابعة : { إلحافا } معناه الشمول بالمسألة إما للناس ، وإما في الأموال ; فيسأل من الناس جماعة ، ويسأل من المال أكثر مما يحتاج إليه وبناء " لحف " للشمول ، ومنه اللحاف ; وهو الثوب الذي يشتمل به ، ونحوه الإلحاح ; يقال : ألحف في المسألة إذا شمل رجالا أو مالا ، وألح فيها إذا كررها .
وروى المفسرون عن أنه قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { قتادة } . ولم يصح لهذا الحديث أصل ، ولا عرف له سند ، لكن روى إن الله يحب الحليم الحيي الغني النفس المتعفف ، ويبغض الغني الفاحش البذي السائل الملحف عن مسلم قال : [ ص: 319 ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { معاوية } . لا تلحفوا في المسألة ، فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا كاره فيبارك الله له فيما أعطيته
وروى عن مالك الأسدي أنه قال : { ببقيع الغرقد ، فقال لي أهلي : اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله لنا شيئا نأكله ، وجعلوا يذكرون من حاجتهم فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلا يسأله ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا أجد ما أعطيك . فولى الرجل عنه وهو مغضب ، وهو يقول : لعمرك إنك لتعطي من شئت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه ليغضب علي ألا أجد ما أعطيه ، من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا . فقال الأسدي : للقحة لنا خير من أوقية } . نزلت أنا وأهلي
وروى ، عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { عمرو بن شعيب } . فتبين بهذا أن من سأل وله أوقية فهو ملحف ، إلا أن يسأل زائدا على ما عنده ، ويغنيه وهو محتاج إليه ; فذلك جائز . الملحف هو الذي يسأل الرجل بعدما رده عن نفسه ، أو يسأل وعنده ما يغنيه عن السؤال
وسمعت بجامع الخليفة ببغداد رجلا يقول : هذا أخوكم يحضر الجمعة معكم ، وليس له ثياب يقيم بها سنة الجمعة ، فلما كان في الجمعة الأخرى رأيت عليه ثيابا جددا ، فقيل لي : كساه إياها فلان لأخذ الثناء بها . ويكرر المسألة إذا رده المسئول والسائل يعلم أنه قادر على ما سأله إياه أو جاهل [ ص: 320 ] بحاله ، فيعيد عليه السؤال إعذارا أو إنذارا ثلاثا لا يزيد عليه ، وذلك جائز ، والأفضل تركه . والله أعلم .