المسألة الرابعة : في : فأما من قرأها بضم الغين فمعناه : ما كان لنبي أن يخون في مغنم فإنه ليس بمتهم . ولا في وحي ، فإنه ليس بظنين ولا ضنين ، أي ليس بمتهم عليه ولا بخيل فيه ، فإنه إذا [ ص: 393 ] كان أمينا حريصا على المؤمنين فكيف يخون وهو يأخذ ما أحب من رأس الغنيمة ويكون له فيه سهم الصفي ; إذا كان له أن يصطفي من رأس الغنيمة ما أراد ، ثم يأخذ الخمس وتكون القسمة بعد ذلك ؟ فما كان ليفعل ذلك كرامة أخلاق وطهارة أعراق ، فكيف مع مرتبة النبوة وعصمة الرسالة . ومن قرأ يغل بنصب الغين فله أربعة معان : الأول : يوجد غالا ، كما تقول : أحمدت فلانا . معنى الآية
الثاني : ما كان لنبي أن يخونه أحد ، وقد روي أن هذا تلي على ، وفسر بهذا ابن عباس علي . فقال : نعم ويقتل . وهذا لا يصح عندنا ; فإن باعه في العلم والتفسير لا يبوعه أحد من الخلق ، فإنه ليس المعنى بقوله : وما كان لنبي أن يغل بفتح الغين ، أن يخونه أحد وجودا ، إنما المراد به أن يخونه أحد شرعا ، نعم يكون ذلك فيهم فجورا وتعديا ، وخص النبي صلى الله عليه وسلم بالذكر تعظيما لقدره ، وإن كان غيره أيضا لا يجوز أن يخون ، ولكن هو أعظم حرمة . وابن مسعود
الثالث : ما كان لنبي أن يتهم فإنه مبرأ من ذلك ، وهذا يدل على بطلان قول من قال : إن شيطانا لبس على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي وجاءه في صورة ملك ، وهذا باطل قطعا . وقد بيناه في المشكلين ، وخصصناه برسالة سميناها بكتاب " تنبيه الغبي على مقدار النبي " وسنذكرها في سورة الحج إن شاء الله تعالى .
الرابع : ما كان لنبي أن يغل بفتح الغين ، ولا يعلم ، وإنما يتصور ذلك في غير النبي صلى الله عليه وسلم ; أما النبي صلى الله عليه وسلم فإذا خانه أحد أطلعه الله سبحانه عليه . وهذا أقوى وجوه هذه الآية ; فقد ثبت في الصحيح { كركرة فمات ، فقال النبي عليه السلام : هو في النار } فذهبوا ينظرون إليه فوجدوه قد غل عباءة . [ ص: 394 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على ثقله رجل يقال له
وقد روى أبو داود وغيره ، في الموطأ أن رجلا أصيب يوم خيبر فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { } فتغيرت وجوه القوم . فقال صلى الله عليه وسلم : { صلوا على صاحبكم } . وفي رواية فقال : { والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا } . إن صاحبكم قد غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من خرز يهود ما يساوي درهمين