قوله تعالى : { واللذان يأتيانها منكم فآذوهما  فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما    } فيها أربع مسائل : 
المسألة الأولى : فيها ثلاثة أقوال : الأول : أن الإذاية في الأبكار قاله  قتادة  والسدي  وابن زيد    . 
الثاني : أنها عامة في الرجال والنساء . 
الثالث : أنها عامة في أبكار الرجال وثيبهم قاله  مجاهد    ; واحتج بأن لفظ الآية الأولى مؤنث ; فاقتضى النساء ; وهذا لفظ مذكر ، فاقتضى الرجال .  [ ص: 465 ] 
ورد عليه الطبري  وأبو عبد الله النحوي  وغيرهما وقالوا : إن لفظ الآية الثانية يصلح للذكر والأنثى . قال ابن العربي    : والصواب مع  مجاهد    ; وبيانه أن الآية الأولى نص في النساء بمقتضى التأنيث والتصريح باسمهن المخصوص لهن ، فلا سبيل لدخول الرجال فيه ، ولفظ الثانية يحتمل الرجال والنساء ، وكان يصح دخول النساء معهم فيها لولا أن حكم النساء تقدم ، والآية الثانية لو استقلت لكانت حكما آخر معارضا له ، فينظر فيه ، ولكن لما جاءت منوطة بها ، مرتبطة معها ، محالة بالضمير عليها فقال : { يأتيانها منكم    } علم أنه أراد الرجال ضرورة . وإذا ثبت هذا قلنا وهي : 
المسألة الثانية : إن قوله : { واللذان يأتيانها منكم فآذوهما    } عام في البكر والثيب ، فاقتضى مساق الآيتين أن الله تعالى جعل في زنا النساء عقوبة الإمساك في البيوت  ، وجعل في زنا الرجال على الإطلاق فيهما جميعا الإيذاء ، فاحتمل وهي : 
المسألة الثالثة : أن يكون الإيذاء الذي جعل الله عقوبة لهم [ عقوبة ] دون الإمساك ، واحتمل الإيذاء والإمساك حملا على النساء ، والأول أظهر . وإذا ثبت هذا فهاهنا نكتة حسنة وهي : 
المسألة الرابعة : أن الجلد بالآية والرجم بالحديث نسخ هذا الإيذاء في الرجال    ; لأنه لم يكن ممدودا إلى غاية ، وقد حصل التعارض ; وعلم التاريخ ، ولم يمكن الجمع ، فوجب القضاء بالنسخ ; وأما الجلد فقرآن نسخ قرآنا ، وأما الرجم فخبر متواتر نسخ قرآنا ، ولا خلاف فيه بين المحققين ، وقد بيناه في أصول الفقه ، وأوعبنا القول في القسم الثاني قبل هذا فيه . 
				
						
						
