المسألة الرابعة : قوله تعالى : { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة     } وفي ذلك أربعة أقوال : الأول : قيل : الفاحشة الزنا . الثاني : قيل : النشوز . الثالث : قال  عطاء    : كان الرجل من الجاهلية إذا زنت امرأته أخذ جميع مالها الذي ساقه لها ، ثم نسخ الله سبحانه ذلك بالحدود . الرابع : قيل : إنه كان في الزنا ثلاثة وجوه ، قيل لهم : { ولا تقربوا الزنا    } الآية ، ثم قيل لهم : { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم    } فجاز له عضلها عن حقها وأخذ مالها . ثم نزلت : { واللذان يأتيانها منكم فآذوهما    } فهذا البكران . 
المسألة الخامسة : في تحقيق ما تقدم من الأقوال : أما من قال إنه الزنا والنشوز فقد بينا أحكام جواز الخلع وأخذ مال المرأة في سورة البقرة . وأما قول  عطاء  فمحتمل صحيح تتناوله الآية ، لكن لا يقال في مثل هذا إنه نسخ ، وإن كان في التحقيق نسخا ; لأن محمدا  صلى الله عليه وسلم نسخ الباطل ، ولكن اللفظ مجمل ينطلق عليه ، وشرط يرتبط به معلوم عند العلماء مبين في موضعه . وأما من قال : كان في الزنا ثلاثة أنحاء فتحكم محض ، ونقل لم يصح ، وتقدير يفتقر إلى نقل ثابت ، ولم يكن ، فلا معنى للاشتغال به .  [ ص: 468 ] 
المسألة السادسة : في تقدير الآية على الصحيح من الأقوال : وهو أن المعنى لا يحل لرجل أن يحبس امرأة كرها حتى يأخذ مالها إذا ماتت كانت غير زوجة أو زوجة قد سقط غرضه فيها ، وسقطت عشرته الجميلة معها ، ولا يحل عضلها عن النكاح لغيرهم حتى يأخذ الزوج ما أعطاها صداقا ، أو ليأخذ الغاصب ما كان أخذ من مال مورثه ; إلا أن يكون منهن ذنب بزنا أو نشوز لا تحسن معه عشرة ، فجائز عند ذلك أن يتمسك بنكاحها حتى يأخذ منها مالا ، فأول الآية عام في الأزواج وغيرهم ; وآخرها عند الاستثناء مخصوص بالأزواج . 
				
						
						
