[ ص: 529 ] المسألة الرابعة : قوله تعالى : { والذين عقدت أيمانكم } : اختلف الناس فيه ، فتارة قال : كان الرجل يعاقد الرجل أيهما مات ورثه الآخر ، فأنزل الله تعالى : { وابن عباس وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا } يعني تؤتوهم من الوصية جميلا وإحسانا في الثلث المأذون فيه . وتارة قال : كان المهاجرون لما قدموا المدينة حالف النبي صلى الله عليه وسلم بينهم ، فكان الأنصاري يرث المهاجري ، والمهاجري يرث الأنصاري ; فنزلت هذه الآية ، ثم انقطع ذلك فلا تواخي بين أحد اليوم . وقال : نزلت في الذين كانوا يتبنون الأبناء ، فرد الله الميراث إلى ذوي الأرحام والعصبة ، وجعل لهم نصيبا في الوصية . ابن المسيب
وقد أحكم ذلك في الصحيح بيانا بما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برهانا قال ابن عباس عن البخاري ، عن سعيد بن جبير في الصحيح : { ابن عباس ولكل جعلنا موالي } قال : ورثة ، { والذين عقدت أيمانكم } فكان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري دون ذي رحمه للأخوة التي آخى بها النبي صلى الله عليه وسلم بينهم ، فلما نزلت : { ولكل جعلنا موالي } نسخت . ثم قال : والذين عقدت أيمانكم من النصر والرفادة والنصيحة ، وقد ذهب الميراث ويوصى له ، وهذا غاية ليس لها مطلب .
المسألة الخامسة : قال : حكم الآية باق من يرث به وبالاشتراك في الديون لاشتراكهما عنده في العقد ، وهذا باب قد استوفيناه في مسائل الخلاف ، وقد بينا هاهنا معنى الآية ، وحققنا أنه ليس وراءها معنى . أبو حنيفة