المسألة الثالثة : قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وبالوالدين إحسانا } :
nindex.php?page=treesubj&link=18004بر الوالدين ركن من أركان الدين في المفروضات كما تقدم ، وبرهما يكون في
[ ص: 545 ] الأقوال والأعمال ; فأما في الأقوال فكما قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما } فإن لها حق الرحم المطلقة ، وحق القرابة الخاصة ; إذ أنت جزء منه ، وهو أصلك الذي أوجدك ، وهو القائم بك حال ضعفك وعجزك عن نفسك .
وقد {
عرض رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، فقال : يا رسول الله ، إن كنت تريد النساء البيض والنوق الأدم فعليك ببني مدلج . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله سبحانه منع مني سبي بني مدلج لصلتهم الرحم } . وفي الإسرائيليات : أن
يوسف لما دخل عليه أبواه فلم يقم لهما قال الله عز وجل : وعزتي لا أخرجت من صلبك نبيا ، فلا نبي فيهم من عقبه . وفي الحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12134إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه } ; ومن حقه أن يرجع في هبته ، وأن يأكل من مال ولده ; قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10888إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه } . وقد بيناه في مسائل الخلاف .
فإن قيل : إذا أخذ الوالد الهبة من الولد أغضبه فعقه ، وما أدى إلى المعصية فمعصية . قلنا : أما إذا عصى أخذ بالشرع فلا لعا له ولا عذر ، إنما يكون العذر لمن أطاع الله أو عصى الله فيه .
[ ص: 546 ]
فإن قيل :
nindex.php?page=treesubj&link=18007هل من بر الرجل بوالده المشرك ألا يقتله ؟ قلنا : من بره بنفسه أن يتولى قتله . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=96576قال عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول مستأذنا في قتل أبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أذنت لي في قتله قتلته } : وهكذا فعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وللرحم حق ، ولكن لما جاء حق الله تعالى بطل حق الرحم .
المسألة الرابعة ، والخامسة : اليتامى والمساكين : وقد تقدمتا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا } :
nindex.php?page=treesubj&link=18004بِرُّ الْوَالِدَيْنِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ فِي الْمَفْرُوضَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَبِرُّهُمَا يَكُونُ فِي
[ ص: 545 ] الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ ; فَأَمَّا فِي الْأَقْوَالِ فَكَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا } فَإِنَّ لَهَا حَقَّ الرَّحِمِ الْمُطْلَقَةِ ، وَحَقَّ الْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ ; إذْ أَنْتَ جُزْءٌ مِنْهُ ، وَهُوَ أَصْلُكَ الَّذِي أَوْجَدَكَ ، وَهُوَ الْقَائِمُ بِكَ حَالَ ضَعْفِكَ وَعَجْزِكَ عَنْ نَفْسِكَ .
وَقَدْ {
عَرَضَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنْ كُنْت تُرِيدُ النِّسَاءَ الْبِيضَ وَالنُّوقَ الْأُدْمَ فَعَلَيْكَ بِبَنِي مُدْلِجٍ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مَنَعَ مِنِّي سَبْيَ بَنِي مُدْلِجٍ لِصِلَتِهِمْ الرَّحِمَ } . وَفِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ : أَنَّ
يُوسُفَ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَبَوَاهُ فَلَمْ يَقُمْ لَهُمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَعِزَّتِي لَا أَخْرَجْت مِنْ صُلْبِكَ نَبِيًّا ، فَلَا نَبِيَّ فِيهِمْ مِنْ عَقِبِهِ . وَفِي الْحَدِيثِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12134إنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ } ; وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ ، وَأَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ ; قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10888إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ } . وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ .
فَإِنْ قِيلَ : إذَا أَخَذَ الْوَالِدُ الْهِبَةَ مِنْ الْوَلَدِ أَغْضَبَهُ فَعَقَّهُ ، وَمَا أَدَّى إلَى الْمَعْصِيَةِ فَمَعْصِيَةٌ . قُلْنَا : أَمَّا إذَا عَصَى أُخِذَ بِالشَّرْعِ فَلَا لَعًا لَهُ وَلَا عُذْرَ ، إنَّمَا يَكُونُ الْعُذْرُ لِمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ أَوْ عَصَى اللَّهَ فِيهِ .
[ ص: 546 ]
فَإِنْ قِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=18007هَلْ مِنْ بِرِّ الرَّجُلِ بِوَالِدِهِ الْمُشْرِكِ أَلَّا يَقْتُلَهُ ؟ قُلْنَا : مِنْ بِرِّهِ بِنَفْسِهِ أَنْ يَتَوَلَّى قَتْلَهُ . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=96576قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ مُسْتَأْذِنًا فِي قَتْلِ أَبِيهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنْ أَذِنْت لِي فِي قَتْلِهِ قَتَلْته } : وَهَكَذَا فَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَلِلرَّحِمِ حَقٌّ ، وَلَكِنْ لَمَا جَاءَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بَطَلَ حَقُّ الرَّحِمِ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ ، وَالْخَامِسَةُ : الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ : وَقَدْ تَقَدَّمَتَا .