المسألة الثامنة عشرة : قوله تعالى : { وإن كنتم مرضى } : المرض عبارة عن خروج البدن عن الاعتدال والاعتياد إلى الاعوجاج والشذوذ ; وهو على ضربين : يسير وكثير ، وقد يخاف المريض من استعماله ، وقد يعدم من يناوله [ ص: 561 ] إياه وهو يعجز عن تناوله ، ومطلق اللفظ يبيح التيمم لكل مريض إذا خاف من استعماله وتأذيه بالماء وروي عن أنه قال : يباح الشافعي إذا خاف التلف ; ونظر إلى أن زيادة المرض غير متحققة ، لأنها قد تكون وقد لا تكون ، ولا يجوز ترك الفرض المتيقن للخوف المشكوك فيه . التيمم للمريض
قلنا : ظاهر الآية يجوز له التيمم ; فليس لك في هذا القول أصل ترد إليه كلامك ; بل قد ناقضت ; فإنك قلت : إذا خاف التلف من البرد يتيمم ، فكما يبيح التيمم خوف التلف كذلك يبيحه له خوف المرض ; فإن المرض محذور ، كما أن التلف محذور ، وكذلك يقول : إذا خاف المريض من البرد يتيمم فكيف بزيادة المرض . ،
وقد روى { قال : خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر في رأسه فشجه ثم احتلم ، فقال لأصحابه : هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا : ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء ; فاغتسل ، فمات ; فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك ، فقال : قتلوه ، قتلهم الله . ألا سألوا إذا لم يعلموا ، فإنما شفاء العي السؤال ; إنما كان يكفيه أن يتيمم ، أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده جابر بن عبد الله } . خرجه أبو داود وغيره . وعجبا يقول : لو زاد الماء على قيمته حبة لم يلزم شراؤه صيانة للمال ; ويلزمه التيمم ، وهو يخاف على بدنه المرض ، وليس لهم عليه كلام يساوي سماعه . للشافعي