المسألة العاشرة : من اضطر إلى خمر  ، فإن كان بإكراه شرب بلا خلاف ، وإن كان لجوع أو عطش فلا يشرب ، وبه قال  مالك  في العتبية ، وقال : لا تزيده الخمر إلا عطشا ، وحجته أن الله تعالى حرم الخمر مطلقا ، وحرم الميتة بشرط عدم الضرورة ، ومنهم من حمله على الميتة . 
وقال  أبو بكر الأبهري    : إن ردت الخمر عنه جوعا أو عطشا شربها . 
وقد قال الله تعالى في الخنزير : { فإنه رجس    } ثم أباحه للضرورة ، وقال تعالى أيضا في الخمر : إنها رجس ، فتدخل في إباحة ضرورة الخنزير ; فالمعنى الجلي الذي هو أقوى من القياس ; ولا بد أن تروي ولو ساعة وترد الجوع ولو مدة . 
المسألة الحادية عشرة : إذا غص بلقمة فهل يجيزها [ بخمر ] أم لا  ؟ قيل : لا يسيغها بالخمر مخافة أن يدعي ذلك  [ ص: 84 ] وقال ابن حبيب    : يسيغها ; لأنها حالة ضرورة . 
وقد قال العلماء : من اضطر إلى أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل  دخل النار ، إلا أن يعفو الله تعالى عنه . 
والصحيح أنه سبحانه حرم الميتة والدم ولحم الخنزير أعيانا مخصوصة في أوقات مطلقة ، ثم دخل التخصيص بالدليل في بعض الأعيان ، وتطرق التخصيص بالنص إلى بعض الأوقات والأحوال ، فقال تعالى : { فمن اضطر غير باغ ولا عاد    } ; فرفعت الضرورة التحريم ، ودخل التخصيص أيضا بحال الضرورة إلى حال تحريم الخمر لوجهين : أحدهما : حملا على هذا بالدليل كما تقدم من أنه محرم ، فأباحته الضرورة كالميتة . 
والثاني : أن من يقول : إن تحريم الخمر لا يحل بالضرورة ذكر أنها لا تزيده إلا عطشا ، ولا تدفع عنه شبعا ; فإن صح ما ذكره كانت حراما ، وإن لم يصح وهو الظاهر أباحتها الضرورة كسائر المحرمات . 
وأما الغاص بلقمة فإنه يجوز له فيما بينه وبين الله تعالى ، وأما فيما بيننا فإن شهدناه فلا يخفى بقرائن الحال صورة الغصة من غيرها ، فيصدق إذا ظهر ذلك ، وإن لم يظهر حددناه ظاهرا وسلم من العقوبة عند الله تعالى باطنا . 
				
						
						
