[ ص: 113 ] المسألة الثامنة عشرة : قال علماؤنا : إذا فعليه مع القطع القيمة إن كان موسرا وإن كان معسرا فلا شيء عليه . وقال سرق السارق وجب القطع عليه ورد العين ; فإن تلفت : الغرم ثابت في ذمته في الحالين . وقال الشافعي : لا يجتمع القطع مع الغرم بحال ; لأن الله سبحانه وتعالى قال : { أبو حنيفة والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله } ولم يذكر غرما ، والزيادة على النص ، وهي نسخ ، ونسخ القرآن لا يجوز إلا بقرآن مثله ، أو بخبر متواتر ،
وأما بنظر فلا يجوز قلنا : لا نسلم أن الزيادة على النص نسخ ; وقد بينا ذلك في مسائل الأصول فلينظر هناك ، وقد قال الله تعالى : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى } مطلقا . وقال : يعطى لذوي القربى إلا أن يكونوا فقراء ; فزاد على النص بغير نص مثله من قرآن أو خبر متواتر . وأما علماء الشافعية فعولوا على أن القطع والغرم حقان لمستحقين مختلفين ، فلا يسقط أحدهما الآخر ، كالدية والكفارة . وأما المالكية فليس لهم متعلق قوي ، ونازع بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبو حنيفة } . وهذا حديث باطل . إذا أقيم على السارق الحد فلا ضمان
وقال بعضهم : لأن الإتباع بالغرم عقوبة ، والقطع عقوبة ، ولا تجتمع عقوبتان ، وعليه عول ، وهو كلام مختل اللفظ . وصوابه ما بيناه في مسائل الخلاف من أن القطع واجب في البدن ، والغرم على الموسر واجب في المال ، فصارا حقين في محلين . [ ص: 114 ] وإذا كان معسرا فقلنا : يثبت الغرم عليه في ذمته ، كما أوجبنا عليه القطع في البدن والغرم وهو محل واحد ، فلم يجز ، ألا ترى أن الدية على العاقلة والكفارة في ماله أو ذمته ، والجزاء في الصيد المملوك ينقض هذا الأصل ; لأنه يجمع مع القيمة ، وكذلك الحد والمهر إلا أن يطرد أصلنا ، فنقول : إذا وجب الحد وكان معسرا لم يجب المهر ، وإن الجزاء إذا وجب عليه ، وهو معسر ، سقطت القيمة عنه ، فحينئذ تطرد المسألة ويصح المذهب ; أما أنه قد روى القاضي عبد الوهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { النسائي } . فلو صح هذا لحملناه على المعسر . المسألة التاسعة عشرة قال لا يغرم صاحب سرقة إذا أقمتم عليه الحد : إن شاء أغرم السارق ولم يقطعه ، وإن شاء قطعه ولم يغرمه ; فجعل الخيار إليه ; والخيار إنما يكون للمرء بين حقين هما له ، والقطع في السرقة حق الله تعالى ، فلم يجز أن يخير العبد فيه كالحد والمهر . أبو حنيفة