[ ص: 223 ] قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85وإلى مدين أخاهم شعيبا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى وإلى مدين قيل في مدين : اسم بلد وقطر . وقيل : اسم قبيلة كما يقال :
بكر وتميم . وقيل : هم من ولد
مدين بن إبراهيم الخليل عليه السلام . فمن رأى أن مدين اسم رجل لم يصرفه ; لأنه معرفة أعجمي . ومن رآه اسما للقبيلة أو الأرض فهو أحرى بألا يصرفه . قال
المهدوي : ويروى أنه كان ابن بنت لوط . وقال
مكي : كان زوج بنت لوط . واختلف في نسبه ; فقال
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق وغيرهما :
وشعيب هو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم عليه السلام . وكان اسمه بالسريانية
بيروت . وأمه
ميكائيل بنت لوط . وزعم
الشرقي بن القطامي أن
شعيبا ابن عيفاء بن يوبب بن مدين بن إبراهيم . وزعم
ابن سمعان أن
شعيبا ابن جزى بن يشجر بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم .
وشعيب تصغير شعب أو شعب . وقال
قتادة : هو
شعيب بن يوبب . وقيل :
شعيب بن صفوان بن عيفاء بن ثابت بن مدين بن إبراهيم . والله أعلم . وكان أعمى ; و لذلك قال قومه : وإنا لنراك فينا ضعيفا
[ ص: 224 ] وكان يقال له : خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه . وكان قومه أهل كفر بالله وبخس للمكيال والميزان .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85قد جاءتكم بينة من ربكم أي بيان ، وهو مجيء شعيب بالرسالة . ولم يذكر له معجزة في القرآن . وقيل : معجزته فيما ذكر
الكسائي في قصص الأنبياء .
الثانية
nindex.php?page=treesubj&link=28978قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85ولا تبخسوا الناس أشياءهم البخس النقص . وهو يكون في السلعة بالتعييب والتزهيد فيها ، أو المخادعة عن القيمة ، والاحتيال في التزيد في الكيل والنقصان منه . وكل ذلك من أكل المال بالباطل ، وذلك منهي عنه في الأمم المتقدمة والسالفة على ألسنة الرسل صلوات الله وسلامه على جميعهم وحسبنا الله ونعم الوكيل .
الثالثة
nindex.php?page=treesubj&link=28978قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85ولا تبخسوا وهو لفظ يعم دقيق الفساد وجليله . قال
ابن عباس : كانت الأرض قبل أن يبعث الله
شعيبا رسولا يعمل فيها بالمعاصي وتستحل فيها المحارم وتسفك فيها الدماء . قال : فذلك فسادها . فلما بعث الله
شعيبا ودعاهم إلى الله صلحت الأرض . وكل نبي بعث إلى قومه فهو صلاحهم .
الرابعة قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86ولا تقعدوا بكل صراط نهاهم عن القعود بالطرق والصد عن الطريق الذي يؤدي إلى طاعة الله ، وكانوا يوعدون العذاب من آمن . واختلف العلماء في معنى قعودهم على الطرق على ثلاثة معان ; قال
ابن عباس وقتادة ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : كانوا يقعدون على الطرقات المفضية إلى
شعيب فيتوعدون من أراد المجيء إليه ويصدونه ويقولون : إنه كذاب فلا تذهب إليه ; كما كانت
قريش تفعله مع النبي صلى الله عليه وسلم . وهذا ظاهر الآية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : هذا نهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=9797قطع الطريق ، وأخذ السلب ; وكان ذلك من فعلهم . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
رأيت ليلة أسري بي خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا مثل لقوم من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه ثم تلا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86ولا تقعدوا بكل صراط توعدون الآية . وقد مضى القول في اللصوص والمحاربين ، والحمد لله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أيضا : كانوا عشارين متقبلين . ومثلهم اليوم هؤلاء المكاسون الذين يأخذون ما لا يلزمهم شرعا من الوظائف المالية بالقهر والجبر ; فضمنوا ما لا يجوز ضمان أصله من الزكاة والمواريث والملاهي . والمترتبون في الطرق إلى غير ذلك مما قد كثر في الوجود وعمل به في سائر البلاد . وهو من أعظم الذنوب وأكبرها وأفحشها ; فإنه غصب
[ ص: 225 ] وظلم وعسف على الناس وإذاعة للمنكر وعمل به ودوام عليه وإقرار له ، وأعظمه تضمين الشرع والحكم للقضاء ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ! لم يبق من الإسلام إلا رسمه ، ولا من الدين إلا اسمه .
يعضد هذا التأويل ما تقدم من النهي في شأن المال في الموازين والأكيال والبخس .
قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86من آمن به الضمير في به يحتمل أن يعود على اسم الله تعالى ، وأن يعود إلى
شعيب في قول من رأى القعود على الطريق للصد ، وأن يعود على السبيل . عوجا قال
أبو عبيدة والزجاج : كسر العين في المعاني . وفتحها في الأجرام .
nindex.php?page=treesubj&link=28978قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم أي كثر عددكم ، أو كثركم بالغنى بعد الفقر . أي كنتم فقراء فأغناكم .
فاصبروا ليس هذا أمرا بالمقام على الكفر ، ولكنه وعيد وتهديد . وقال : وإن كان طائفة منكم فذكر على المعنى ، ولو راعى اللفظ قال : كانت .
قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=88قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين
[ ص: 223 ] قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِلَى مَدْيَنَ قِيلَ فِي مَدْيَنَ : اسْمُ بَلَدٍ وَقُطْرٍ . وَقِيلَ : اسْمُ قَبِيلَةٍ كَمَا يُقَالُ :
بَكْرٍ وَتَمِيمٍ . وَقِيلَ : هُمْ مِنْ وَلَدِ
مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ . فَمَنْ رَأَى أَنَّ مَدْيَنَ اسْمُ رَجُلٍ لَمْ يَصْرِفْهُ ; لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ أَعْجَمِيٌّ . وَمَنْ رَآهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ أَوِ الْأَرْضِ فَهُوَ أَحْرَى بِأَلَّا يَصْرِفَهُ . قَالَ
الْمَهْدَوِيُّ : وَيُرْوَى أَنَّهُ كَانَ ابْنَ بِنْتِ لُوطٍ . وَقَالَ
مَكِّيٌّ : كَانَ زَوْجَ بِنْتِ لُوطٍ . وَاخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ ; فَقَالَ
عَطَاءٌ nindex.php?page=showalam&ids=12563وَابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا :
وَشُعَيْبٌ هُوَ ابْنُ مِيكِيلَ بْنِ يَشْجُرَ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَكَانَ اسْمُهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ
بَيْرُوتَ . وَأُمُّهُ
مِيكَائِيلُ بِنْتُ لُوطٍ . وَزَعَمَ
الشَّرْقِيُّ بْنُ الْقُطَامِيِّ أَنَّ
شُعَيْبًا ابْنُ عَيْفَاءَ بْنِ يَوْبَبَ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ . وَزَعَمَ
ابْنُ سَمْعَانَ أَنَّ
شُعَيْبًا ابْنُ جَزَى بْنِ يَشْجُرَ بْنِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ .
وَشُعَيْبٌ تَصْغِيرُ شَعْبٍ أَوْ شِعْبٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : هُوَ
شُعَيْبُ بْنُ يَوْبَبَ . وَقِيلَ :
شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ عَيْفَاءَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَكَانَ أَعْمَى ; وَ لِذَلِكَ قَالَ قَوْمُهُ : وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا
[ ص: 224 ] وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ لِحُسْنِ مُرَاجَعَتِهِ قَوْمَهُ . وَكَانَ قَوْمُهُ أَهْلَ كُفْرٍ بِاللَّهِ وَبَخْسٍ لِلْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ أَيْ بَيَانٌ ، وَهُوَ مَجِيءُ شُعَيْبٍ بِالرِّسَالَةِ . وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُعْجِزَةٌ فِي الْقُرْآنِ . وَقِيلَ : مُعْجِزَتُهُ فِيمَا ذَكَرَ
الْكِسَائِيُّ فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ .
الثَّانِيَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=28978قَوْلُهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ الْبَخْسُ النَّقْصُ . وَهُوَ يَكُونُ فِي السِّلْعَةِ بِالتَّعْيِيبِ وَالتَّزْهِيدِ فِيهَا ، أَوِ الْمُخَادَعَةِ عَنِ الْقِيمَةِ ، وَالِاحْتِيَالِ فِي التَّزَيُّدِ فِي الْكَيْلِ وَالنُّقْصَانِ مِنْهُ . وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ ، وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالسَّالِفَةِ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلِ .
الثَّالِثَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=28978قَوْلُهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا عَطْفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85وَلَا تَبْخَسُوا وَهُوَ لَفْظٌ يَعُمُّ دَقِيقَ الْفَسَادِ وَجَلِيلَهُ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَتِ الْأَرْضُ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ
شُعَيْبًا رَسُولًا يُعْمَلُ فِيهَا بِالْمَعَاصِي وَتُسْتَحَلُّ فِيهَا الْمَحَارِمُ وَتُسْفَكُ فِيهَا الدِّمَاءُ . قَالَ : فَذَلِكَ فَسَادُهَا . فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ
شُعَيْبًا وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ صَلَحَتِ الْأَرْضُ . وَكُلُّ نَبِيٍّ بُعِثَ إِلَى قَوْمِهِ فَهُوَ صَلَاحُهُمْ .
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ نَهَاهُمْ عَنِ الْقُعُودِ بِالطُّرُقِ وَالصَّدِّ عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ ، وَكَانُوا يُوعِدُونَ الْعَذَابَ مَنْ آمَنَ . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قُعُودِهِمْ عَلَى الطُّرُقِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ ; قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ : كَانُوا يَقْعُدُونَ عَلَى الطُّرُقَاتِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى
شُعَيْبٍ فَيَتَوَعَّدُونَ مَنْ أَرَادَ الْمَجِيءَ إِلَيْهِ وَيَصُدُّونَهُ وَيَقُولُونَ : إِنَّهُ كَذَّابٌ فَلَا تَذْهَبْ إِلَيْهِ ; كَمَا كَانَتْ
قُرَيْشٌ تَفْعَلُهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَهَذَا ظَاهِرُ الْآيَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : هَذَا نَهْيٌ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=9797قَطْعِ الطَّرِيقِ ، وَأَخْذِ السَّلَبِ ; وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ . وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي خَشَبَةً عَلَى الطَّرِيقِ لَا يَمُرُّ بِهَا ثَوْبٌ إِلَّا شَقَّتْهُ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا خَرَقَتْهُ فَقُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا مَثَلٌ لِقَوْمٍ مِنْ أُمَّتِكَ يَقْعُدُونَ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَقْطَعُونَهُ ثُمَّ تَلَا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ الْآيَةَ . وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي اللُّصُوصِ وَالْمُحَارَبِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ أَيْضًا : كَانُوا عَشَّارِينَ مُتَقَبِّلِينَ . وَمِثْلُهُمُ الْيَوْمَ هَؤُلَاءِ الْمَكَّاسُونَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ مَا لَا يَلْزَمُهُمْ شَرْعًا مِنَ الْوَظَائِفِ الْمَالِيَّةِ بِالْقَهْرِ وَالْجَبْرِ ; فَضَمِنُوا مَا لَا يَجُوزُ ضَمَانُ أَصْلِهِ مِنَ الزَّكَاةِ وَالْمَوَارِيثِ وَالْمَلَاهِي . وَالْمُتَرَتِّبُونَ فِي الطُّرُقِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ كَثُرَ فِي الْوُجُودِ وَعُمِلَ بِهِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ . وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ وَأَكْبَرِهَا وَأَفْحَشِهَا ; فَإِنَّهُ غَصْبٌ
[ ص: 225 ] وَظُلْمٌ وَعَسْفٌ عَلَى النَّاسِ وَإِذَاعَةٌ لِلْمُنْكَرِ وَعَمَلٌ بِهِ وَدَوَامٌ عَلَيْهِ وَإِقْرَارٌ لَهُ ، وَأَعْظَمُهُ تَضْمِينُ الشَّرْعِ وَالْحُكْمِ لِلْقَضَاءِ ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ! لَمْ يَبْقَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا رَسْمُهُ ، وَلَا مِنَ الدِّينِ إِلَّا اسْمُهُ .
يُعَضِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ النَّهْيِ فِي شَأْنِ الْمَالِ فِي الْمَوَازِينِ وَالْأَكْيَالِ وَالْبَخْسِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86مَنْ آمَنَ بِهِ الضَّمِيرُ فِي بِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنْ يَعُودَ إِلَى
شُعَيْبٍ فِي قَوْلِ مَنْ رَأَى الْقُعُودَ عَلَى الطَّرِيقِ لِلصَّدِّ ، وَأَنْ يَعُودَ عَلَى السَّبِيلِ . عِوَجًا قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ وَالزَّجَّاجُ : كَسْرُ الْعَيْنِ فِي الْمَعَانِي . وَفَتْحُهَا فِي الْأَجْرَامِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28978قَوْلُهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ أَيْ كَثَّرَ عَدَدَكُمْ ، أَوْ كَثَّرَكُمْ بِالْغِنَى بَعْدَ الْفَقْرِ . أَيْ كُنْتُمْ فُقَرَاءَ فَأَغْنَاكُمْ .
فَاصْبِرُوا لَيْسَ هَذَا أَمْرًا بِالْمُقَامِ عَلَى الْكُفْرِ ، وَلَكِنَّهُ وَعِيدٌ وَتَهْدِيدٌ . وَقَالَ : وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ فَذَكَّرَ عَلَى الْمَعْنَى ، وَلَوْ رَاعَى اللَّفْظَ قَالَ : كَانَتْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=88قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ