روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
قتادة قال : سألت
أنسا عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830022كان يمد مدا إذا قرأ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم ، يمد بسم الله ، ويمد بالرحمن ، ويمد بالرحيم .
وروى
الترمذي عن
أم سلمة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830023كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقطع قراءته يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين [ الفاتحة : 2 ] ثم يقف nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1الرحمن الرحيم [ الفاتحة : 3 ] ثم يقف ، وكان يقرأها : ( nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4ملك يوم الدين ) [ الفاتحة : 4 ] قال : حديث غريب . وأخرجه
أبو داود بنحوه .
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836606أحسن الناس صوتا من إذا قرأ رأيته يخشى الله تعالى .
وروي عن
زياد النميري أنه جاء مع القراء إلى
أنس بن مالك فقيل له : اقرأ . فرفع صوته وطرب ، وكان رفيع الصوت ، فكشف
أنس عن وجهه ، وكان على وجهه خرقة سوداء فقال : يا هذا ، ما هكذا كانوا يفعلون ! وكان إذا رأى شيئا ينكره ، كشف الخرقة عن وجهه . وروي عن
قيس بن عباد أنه
[ ص: 30 ] قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرهون رفع الصوت عند الذكر . وممن روى عنه كراهة رفع الصوت عند قراءة القرآن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين والنخعي وغيرهم ، وكرهه
مالك بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ; كلهم كره
nindex.php?page=treesubj&link=18651_32258_18977_29585رفع الصوت بالقرآن والتطريب فيه . روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه سمع
عمر بن عبد العزيز يؤم الناس فطرب في قراءته ; فأرسل إليه
سعيد يقول : أصلحك الله ! إن الأئمة لا تقرأ هكذا . فترك
عمر التطريب بعد . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد : أن رجلا قرأ في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فطرب ; فأنكر ذلك
القاسم وقال : يقول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=41وإنه لكتاب عزيز [ فصلت : 41 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=42لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه [ فصلت : 42 ] الآية .
وروي عن
مالك أنه سئل عن
nindex.php?page=treesubj&link=18649_18619النبر في قراءة القرآن في الصلاة ; فأنكر ذلك وكرهه كراهة شديدة ، وأنكر رفع الصوت به . وروى
ابن القاسم عنه أنه سئل عن
nindex.php?page=treesubj&link=29585الألحان في الصلاة فقال : لا يعجبني ، وقال : إنما هو غناء يتغنون به ليأخذوا عليه الدراهم . وأجازت طائفة رفع الصوت بالقرآن والتطريب به ; وذلك لأنه إذا حسن الصوت به كان أوقع في النفوس وأسمع في القلوب ، واحتجوا بقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830024زينوا القرآن بأصواتكم رواه
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب . أخرجه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي . وبقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830025ليس منا من لم يتغن بالقرآن أخرجه
مسلم . وبقول
أبي موسى للنبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500001لو أعلم أنك تستمع لقراءتي لحبرته لك تحبيرا . وبما رواه
عبد الله بن مغفل قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830026قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح في مسير له سورة الفتح على راحلته فرجع في قراءته . وممن ذهب إلى هذا
أبو حنيفة وأصحابه
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=15409والنضر بن شميل ، وهو اختيار
أبي جعفر الطبري nindex.php?page=showalam&ids=12997وأبي الحسن بن بطال والقاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبي بكر بن العربي وغيرهم .
قلت : القول الأول أصح لما ذكرناه ويأتي . وأما ما احتجوا به من الحديث الأول فليس على ظاهره ، وإنما هو من باب المقلوب ; أي
nindex.php?page=hadith&LINKID=836610زينوا أصواتكم بالقرآن . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836610زينوا أصواتكم بالقرآن ; وقالوا هو من باب المقلوب ; كما قالوا : عرضت الحوض على الناقة ، وإنما هو عرضت الناقة على الحوض . قال : ورواه
معمر عن
منصور عن
طلحة ; فقدم الأصوات على القرآن ، وهو الصحيح .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : ورواه
طلحة عن
عبد الرحمن بن عوسجة عن
البراء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830024زينوا القرآن بأصواتكم . أي الهجوا بقراءته واشغلوا به أصواتكم واتخذوه شعارا وزينة ; وقيل : معناه الحض على قراءة القرآن والدءوب عليه . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836610زينوا أصواتكم بالقرآن . وروي عن
عمر أنه قال : حسنوا أصواتكم بالقرآن .
[ ص: 31 ]
قلت : وإلى هذا المعنى يرجع قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830025ليس منا من لم يتغن بالقرآن أي ليس منا من لم يحسن صوته بالقرآن ; كذلك تأوله
nindex.php?page=showalam&ids=12531عبد الله بن أبي مليكة . قال
عبد الجبار بن الورد : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة يقول : قال
عبد الله بن أبي يزيد : مر بنا
أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته ، فإذا رجل رث الهيئة ، فسمعته يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830025ليس منا من لم يتغن بالقرآن . قال : فقلت
nindex.php?page=showalam&ids=12531لابن أبي مليكة : يا
أبا محمد ، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يحسنه ما استطاع . ذكره
أبو داود ، وإليه يرجع أيضا قول
أبي موسى للنبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500002إني لو علمت أنك تستمع لقراءتي لحسنت صوتي بالقرآن ، وزينته ورتلته . وهذا يدل أنه كان يهذ في قراءته مع حسن الصوت الذي جبل عليه . والتحبير : التزيين والتحسين ; فلو علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمعه لمد في قراءته ورتلها ; كما كان يقرأ على النبي - صلى الله عليه وسلم - ; فيكون ذلك زيادة في حسن صوته بالقراءة . ومعاذ الله أن يتأول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول : إن القرآن يزين بالأصوات أو بغيرها ; فمن تأول هذا فقد واقع أمرا عظيما أن يحوج القرآن إلى من يزينه ، وهو النور والضياء والزين الأعلى لمن ألبس بهجته واستنار بضيائه . وقد قيل : إن الأمر بالتزيين اكتساب القراءات وتزيينها بأصواتنا وتقدير ذلك ، أي زينوا القراءة بأصواتكم ; فيكون القرآن بمعنى القراءة ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وقرآن الفجر [ الإسراء : 78 ] أي قراءة الفجر ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فإذا قرأناه فاتبع قرآنه [ القيامة : 18 ] أي قراءته . وكما جاء في صحيح
مسلم عن
عبد الله بن عمرو قال : إن في البحر شياطين مسجونة أوثقها
سليمان عليه السلام ، ويوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا ; أي قراءة . وقال الشاعر في
عثمان رضي الله عنه :
ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي قراءة . فيكون معناه على هذا التأويل صحيحا إلا أن يخرج القراءة التي هي التلاوة عن حدها - على ما نبينه - فيمتنع . وقد قيل : إن معنى يتغنى به ، يستغني به من الاستغناء الذي هو ضد الافتقار ، لا من الغناء ; يقال : تغنيت وتغانيت بمعنى استغنيت . وفي الصحاح : تغنى الرجل بمعنى استغنى ، وأغناه الله . وتغانوا أي استغنى بعضهم عن بعض . قال
المغيرة بن حبناء التيمي :
كلانا غني عن أخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا
وإلى هذا التأويل ذهب
سفيان بن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع بن الجراح ، ورواه
سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص . وقد روي عن
سفيان أيضا وجه آخر ، ذكره
إسحاق بن راهويه ، أي : يستغنى به عما سواه من الأحاديث . وإلى هذا التأويل ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري محمد بن إسماعيل لإتباعه الترجمة بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=51أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم [ العنكبوت : 51 ] . والمراد الاستغناء بالقرآن عن
[ ص: 32 ] علم أخبار الأمم قاله أهل التأويل . وقيل : إن معنى يتغنى به ، يتحزن به ; أي يظهر على قارئه الحزن الذي هو ضد السرور عند قراءته وتلاوته ، وليس من الغنية ; لأنه لو كان من الغنية لقال : يتغانى به ، ولم يقل يتغنى به . ذهب إلى هذا جماعة من العلماء : منهم الإمام
أبو محمد بن حبان البستي ، واحتجوا بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830027رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء . الأزيز ( بزايين ) : صوت الرعد وغليان القدر . قالوا : ففي هذا الخبر بيان واضح على أن المراد بالحديث التحزن ; وعضدوا هذا أيضا بما رواه الأئمة عن
عبد الله قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830028اقرأ علي ! ، فقرأت عليه سورة النساء " حتى إذا بلغت nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [ النساء : 41 ] فنظرت إليه فإذا عيناه تدمعان . فهذه أربع تأويلات ، ليس فيها ما يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=29585_32262القراءة بالألحان والترجيع فيها . وقال
أبو سعيد بن الأعرابي في قوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830025ليس منا من لم يتغن بالقرآن قال : كانت العرب تولع بالغناء والنشيد في أكثر أقوالها ، فلما نزل القرآن أحبوا أن يكون القرآن هجيراهم مكان الغناء ; فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830025ليس منا من لم يتغن بالقرآن .
التأويل الخامس : ما تأوله من استدل به على الترجيع والتطريب ; فذكر
عمر بن شبة قال : ذكرت
nindex.php?page=showalam&ids=12063لأبي عاصم النبيل تأويل
ابن عيينة في قوله : " يتغن " يستغنى ; فقال : لم يصنع
ابن عيينة شيئا . وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن تأويل
ابن عيينة فقال : نحن أعلم بهذا ، لو أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - الاستغناء لقال : من لم يستغن ، ولكن لما قال : " يتغن " علمنا أنه أراد التغني . قال
الطبري : المعروف عندنا في كلام العرب أن التغني إنما هو الغناء الذي هو حسن الصوت بالترجيع . وقال الشاعر :
تغن بالشعر مهما كنت قائله إن الغناء بهذا الشعر مضمار
قال : وأما ادعاء الزاعم أن " تغنيت " بمعنى " استغنيت " فليس في كلام العرب وأشعارها ، ولا نعلم أحدا من أهل العلم قاله ; وأما احتجاجه بقول
الأعشى :
وكنت امرءا زمنا بالعراق عفيف المناخ طويل التغن
وزعم أنه أراد الاستغناء فإنه غلط منه ، وإنما عنى
الأعشى في هذا الموضع : الإقامة ، من قول العرب : غني فلان بمكان كذا أي أقام ; ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=92كأن لم يغنوا فيها [ الأعراف : 92 ] ، وأما استشهاده بقوله :
ونحن إذا متنا أشد تغانيا
فإنه إغفال منه ; وذلك أن التغاني تفاعل من نفسين إذا استغنى كل واحد منهما عن صاحبه ; كما يقال : تضارب الرجلان ، إذا ضرب كل واحد منهما صاحبه . ومن قال هذا في فعل الاثنين لم
[ ص: 33 ] يجز أن يقول مثله في الواحد ; فغير جائز أن يقال : تغانى زيد وتضارب عمرو ، وكذلك غير جائز أن يقال : تغنى بمعنى استغنى .
قلت : ما ادعاه
الطبري من أنه لم يرد في كلام العرب تغنى بمعنى استغنى ، فقد ذكره
الجوهري كما ذكرنا ، وذكره
الهروي أيضا . وأما قوله : أن صيغة " فاعل " إنما تكون من اثنين فقد جاءت من واحد في مواضع كثيرة ; منها قول
ابن عمر : وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام . وتقول العرب : طارقت النعل وعاقبت اللص وداويت العليل ، وهو كثير ; فيكون " تغانى " منها . وإذا احتمل قوله عليه الصلاة والسلام : " يتغن " ، الغناء والاستغناء فليس حمله على أحدهما بأولى من الآخر ، بل حمله على الاستغناء أولى لو لم يكن لنا تأويل غيره ، لأنه مروي عن صحابي كبير كما ذكر
سفيان . وقد قال
ابن وهب في حق
سفيان : ما رأيت أعلم بتأويل الأحاديث من
سفيان بن عيينة ، ومعلوم أنه رأى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعاصره .
وتأويل سادس : وهو ما جاء من الزيادة في صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830029ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به قال
الطبري : ولو كان كما قال
ابن عيينة لم يكن لذكر " حسن الصوت " والجهر به معنى . قلنا قوله : ( يجهر به ) لا يخلو أن يكون من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو من قول
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أو غيره ، فإن كان الأول وفيه بعد ، فهو دليل على عدم التطريب والترجيع ، لأنه لم يقل : يطرب به ، وإنما قال : يجهر به ، أي يسمع نفسه ومن يليه ; بدليل قوله عليه السلام للذي سمعه وقد رفع صوته بالتهليل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830030أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لستم تدعون أصم ولا غائبا . . . الحديث . وسيأتي . كذلك إن كان من صحابي أو غيره فلا حجة فيه على ما راموه ; وقد اختار هذا التأويل بعض علمائنا فقال : وهذا أشبه ، لأن العرب تسمي كل من رفع صوته ووالى به غانيا وفعله ذلك غناء وإن لم يلحنه بتلحين الغناء . قال : وعلى هذا فسره الصحابي ، وهو أعلم بالمقام وأقعد بالحال .
وقد احتج
nindex.php?page=showalam&ids=12997أبو الحسن بن بطال لمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فقال : وقد رفع الإشكال في هذه المسألة ما رواه
ابن أبي شيبة قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب قال : حدثنا
موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن
عقبة بن عامر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830031تعلموا القرآن وغنوا به واكتبوه فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من المخاض من العقل . قال علماؤنا : وهذا الحديث وإن صح سنده فيرده ما يعلم على القطع والبتات من أن قراءة القرآن بلغتنا متواترة عن كافة المشايخ ، جيلا فجيلا إلى العصر الكريم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس فيها تلحين ولا تطريب ، مع كثرة المتعمقين في مخارج الحروف
[ ص: 34 ] وفي المد والإدغام والإظهار وغير ذلك من كيفية القراءات . ثم إن في الترجيع والتطريب همز ما ليس بمهموز ومد ما ليس بممدود ; فترجع الألف الواحدة ألفات والواو الواحدة واوات والشبهة الواحدة شبهات ، فيؤدي ذلك إلى زيادة في القرآن وذلك ممنوع ، وإن وافق ذلك موضع نبر وهمز صيروها نبرات وهمزات ، والنبرة حيثما وقعت من الحروف فإنما هي همزة واحدة لا غير ; إما ممدودة وإما مقصورة . فإن قيل : فقد روى
عبد الله بن مغفل قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830032قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسير له سورة " الفتح " على راحلته فرجع في قراءته ; وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وقال في
nindex.php?page=treesubj&link=32262صفة الترجيع : آء آء آء ، ثلاث مرات .
قلنا : ذلك محمول على إشباع المد في موضعه ، ويحتمل أن يكون حكاية صوته عند هز الراحلة ; كما يعتري رافع صوته إذا كان راكبا من انضغاط صوته وتقطيعه لأجل هز المركوب ; وإذا احتمل هذا فلا حجة فيه . وقد خرج
أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من حديث
قتادة عن
عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500003كانت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المد ليس فيها ترجيع . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
عطاء عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836617كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذن يطرب ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الأذان سهل سمح فإذا كان أذانك سمحا سهلا وإلا فلا تؤذن . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه . فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد منع ذلك في الأذان فأحرى ألا يجوزه في القرآن الذي حفظه الرحمن ، فقال وقوله الحق :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [ الحجر : 9 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=42لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد [ فصلت : 42 ] .
قلت : وهذا الخلاف إنما هو ما لم يفهم معنى القرآن بترديد الأصوات وكثرة الترجيعات ، فإن زاد الأمر على ذلك حتى لا يفهم معناه فذلك حرام باتفاق ; كما يفعل القراء بالديار المصرية الذين يقرءون أمام الملوك والجنائز ، ويأخذون على ذلك الأجور والجوائز ،
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=104ضل سعيهم ، وخاب عملهم ، فيستحلون بذلك تغيير كتاب الله ، ويهونون على أنفسهم الاجتراء على الله بأن يزيدوا في تنزيله ما ليس فيه ; جهلا بدينهم ، ومروقا عن سنة نبيهم ، ورفضا لسير الصالحين فيه من سلفهم ، ونزوعا إلى ما يزين لهم الشيطان من أعمالهم ; وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ; فهم في غيهم يترددون ، وبكتاب الله يتلاعبون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ! لكن قد أخبر الصادق أن ذلك يكون ، فكان كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - .
ذكر الإمام الحافظ
أبو الحسين رزين nindex.php?page=showalam&ids=14155وأبو عبد الله الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " من حديث
حذيفة nindex.php?page=hadith&LINKID=836618أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل العشق ولحون أهل الكتابين وسيجيء بعدي قوم يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والنواح لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب الذي يعجبهم شأنهم . اللحون : جمع لحن ، وهو التطريب وترجيع الصوت وتحسينه بالقراءة والشعر والغناء .
قال علماؤنا : ويشبه أن يكون هذا الذي يفعله قراء زماننا بين يدي الوعاظ وفي المجالس من اللحون الأعجمية التي يقرءون بها ، ما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . والترجيع في القراءة : ترديد
[ ص: 35 ] الحروف كقراءة
النصارى . والترتيل في القراءة هو التأني فيها والتمهل وتبيين الحروف والحركات تشبيها بالثغر المرتل ، وهو المشبه بنور الأقحوان ، وهو المطلوب في قراءة القرآن ; قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4ورتل القرآن ترتيلا [ المزمل : 4 ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=830033وسئلت أم سلمة عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلاته ; فقالت : ما لكم وصلاته ! ، ثم نعتت قراءته ، فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
قَتَادَةَ قَالَ : سَأَلْتُ
أَنَسًا عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830022كَانَ يَمُدُّ مَدًّا إِذَا قَرَأَ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، يَمُدُّ بِسْمِ اللَّهِ ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ .
وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830023كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ يَقُولُ : nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ الْفَاتِحَةِ : 2 ] ثُمَّ يَقِفُ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [ الْفَاتِحَةِ : 3 ] ثُمَّ يَقِفُ ، وَكَانَ يَقْرَأُهَا : ( nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) [ الْفَاتِحَةِ : 4 ] قَالَ : حَدِيثٌ غَرِيبٌ . وَأَخْرَجَهُ
أَبُو دَاوُدَ بِنَحْوِهِ .
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836606أَحْسَنُ النَّاسِ صَوْتًا مَنْ إِذَا قَرَأَ رَأَيْتَهُ يَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى .
وَرُوِيَ عَنْ
زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ أَنَّهُ جَاءَ مَعَ الْقُرَّاءِ إِلَى
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقِيلَ لَهُ : اقْرَأْ . فَرَفَعَ صَوْتَهُ وَطَرَّبَ ، وَكَانَ رَفِيعَ الصَّوْتِ ، فَكَشَفَ
أَنَسٌ عَنْ وَجْهِهِ ، وَكَانَ عَلَى وَجْهِهِ خِرْقَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَ : يَا هَذَا ، مَا هَكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ! وَكَانَ إِذَا رَأَى شَيْئًا يُنْكِرُهُ ، كَشَفَ الْخِرْقَةَ عَنْ وَجْهِهِ . وَرُوِيَ عَنْ
قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ أَنَّهُ
[ ص: 30 ] قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الذِّكْرِ . وَمِمَّنْ رُوِىَ عَنْهُ كَرَاهَةُ رَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيد بْنُ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=14946وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيِّ وَغَيْرُهُمْ ، وَكَرِهَهُ
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ; كُلُّهُمْ كَرِهَ
nindex.php?page=treesubj&link=18651_32258_18977_29585رَفْعَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ وَالتَّطْرِيبَ فِيهِ . رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ
عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَؤُمُّ النَّاسَ فَطَرَّبَ فِي قِرَاءَتِهِ ; فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ
سَعِيدٌ يَقُولُ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ ! إِنَّ الْأَئِمَّةَ لَا تَقْرَأُ هَكَذَا . فَتَرَكَ
عُمَرُ التَّطْرِيبَ بَعْدُ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ : أَنَّ رَجُلًا قَرَأَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَرَّبَ ; فَأَنْكَرَ ذَلِكَ
الْقَاسِمُ وَقَالَ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=41وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ [ فُصِّلَتْ : 41 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=42لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ [ فُصِّلَتْ : 42 ] الْآيَةَ .
وَرُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=18649_18619النَّبْرِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ ; فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَكَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً ، وَأَنْكَرَ رَفْعَ الصَّوْتِ بِهِ . وَرَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=29585الْأَلْحَانِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ : لَا يُعْجِبُنِي ، وَقَالَ : إِنَّمَا هُوَ غِنَاءٌ يَتَغَنَّوْنَ بِهِ لِيَأْخُذُوا عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ . وَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ وَالتَّطْرِيبَ بِهِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا حَسُنَ الصَّوْتُ بِهِ كَانَ أَوْقَعَ فِي النُّفُوسِ وَأَسْمَعَ فِي الْقُلُوبِ ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830024زَيَّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ . أَخْرَجَهُ
أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ . وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830025لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ . وَبِقَوْلِ
أَبِي مُوسَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500001لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِي لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا . وَبِمَا رَوَاهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830026قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ فِي مَسِيرٍ لَهُ سُورَةَ الْفَتْحِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَرَجَّعَ فِي قِرَاءَتِهِ . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16418وَابْنُ الْمُبَارَكِ nindex.php?page=showalam&ids=15409وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ
أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12997وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ بَطَّالٍ وَالْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
قُلْتُ : الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَيَأْتِي . وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْمَقْلُوبِ ; أَيْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=836610زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14228الْخَطَّابِيُّ : وَكَذَا فَسَّرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836610زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ ; وَقَالُوا هُوَ مِنْ بَابِ الْمَقْلُوبِ ; كَمَا قَالُوا : عَرَضْتُ الْحَوْضَ عَلَى النَّاقَةِ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَرَضْتُ النَّاقَةَ عَلَى الْحَوْضِ . قَالَ : وَرَوَاهُ
مَعْمَرٌ عَنْ
مَنْصُورٍ عَنْ
طَلْحَةَ ; فَقَدَّمَ الْأَصْوَاتَ عَلَى الْقُرْآنِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14228الْخَطَّابِيُّ : وَرَوَاهُ
طَلْحَةُ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنِ
الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830024زَيَّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ . أَيِ الْهَجُوا بِقِرَاءَتِهِ وَاشْغَلُوا بِهِ أَصْوَاتَكُمْ وَاتَّخِذُوهُ شِعَارًا وَزِينَةً ; وَقِيلَ : مَعْنَاهُ الْحَضُّ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالدُّءُوبُ عَلَيْهِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836610زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ . وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : حَسِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ .
[ ص: 31 ]
قُلْتُ : وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى يَرْجِعُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830025لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ أَيْ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُحَسِّنْ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ ; كَذَلِكَ تَأَوَّلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12531عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِيِ مُلَيْكَةَ . قَالَ
عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ : قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ : مَرَّ بِنَا
أَبُو لُبَابَةَ فَاتَّبَعْنَاهُ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ ، فَإِذَا رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830025لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ . قَالَ : فَقُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12531لِابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ : يَا
أَبَا مُحَمَّدٍ ، أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ ؟ قَالَ : يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ . ذَكَرَهُ
أَبُو دَاوُدَ ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ أَيْضًا قَوْلُ
أَبِي مُوسَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500002إِنِّي لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِي لَحَسَّنْتُ صَوْتِيَّ بِالْقُرْآنِ ، وَزَيَّنْتُهُ وَرَتَّلْتُهُ . وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّهُ كَانَ يَهُذُّ فِي قِرَاءَتِهِ مَعَ حُسْنِ الصَّوْتِ الَّذِي جُبِلَ عَلَيْهِ . وَالتَّحْبِيرُ : التَّزْيِينُ وَالتَّحْسِينُ ; فَلَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْمَعُهُ لَمَدَّ فِي قِرَاءَتِهِ وَرَتَّلَهَا ; كَمَا كَانَ يَقْرَأُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; فَيَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي حُسْنِ صَوْتِهِ بِالْقِرَاءَةِ . وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُتَأَوَّلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ : إِنَّ الْقُرْآنَ يُزَيَّنُ بِالْأَصْوَاتِ أَوْ بِغَيْرِهَا ; فَمَنْ تَأَوَّلَ هَذَا فَقَدْ وَاقَعَ أَمْرًا عَظِيمًا أَنْ يُحْوِجَ الْقُرْآنَ إِلَى مَنْ يُزَيِّنُهُ ، وَهُوَ النُّورُ وَالضِّيَاءُ وَالزَّيْنُ الْأَعْلَى لِمَنْ أُلْبِسَ بَهْجَتَهُ وَاسْتَنَارَ بِضِيَائِهِ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْأَمْرَ بِالتَّزْيِينِ اكْتِسَابُ الْقِرَاءَاتِ وَتَزْيِينُهَا بِأَصْوَاتِنَا وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ ، أَيْ زَيِّنُوا الْقِرَاءَةَ بِأَصْوَاتِكُمْ ; فَيَكُونُ الْقُرْآنُ بِمَعْنَى الْقِرَاءَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [ الْإِسْرَاءِ : 78 ] أَيْ قِرَاءَةَ الْفَجْرِ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=18فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ [ الْقِيَامَةِ : 18 ] أَيْ قِرَاءَتَهُ . وَكَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : إِنَّ فِي الْبَحْرِ شَيَاطِينَ مَسْجُونَةً أَوْثَقَهَا
سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَيُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ فَتَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرْآنًا ; أَيْ قِرَاءَةً . وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي
عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
ضَحَّوْا بِأَشْمَطَ عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ يُقَطِّعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحًا وَقُرْآنًا
أَيْ قِرَاءَةً . فَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ صَحِيحًا إِلَّا أَنْ يُخْرِجَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي هِيَ التِّلَاوَةُ عَنْ حَدِّهَا - عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ - فَيُمْتَنَعُ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى يَتَغَنَّى بِهِ ، يَسْتَغْنِي بِهِ مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الِافْتِقَارِ ، لَا مِنَ الْغِنَاءِ ; يُقَالُ : تَغَنَّيْتُ وَتَغَانَيْتُ بِمَعْنَى اسْتَغْنَيْتُ . وَفِي الصِّحَاحِ : تَغَنَّى الرَّجُلُ بِمَعْنَى اسْتَغْنَى ، وَأَغْنَاهُ اللَّهُ . وَتَغَانَوْا أَيِ اسْتَغْنَى بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ . قَالَ
الْمُغِيرَةُ بْنُ حَبْنَاءَ التَّيْمِيُّ :
كِلَانَا غَنِيٌّ عَنْ أَخِيهِ حَيَاتَهُ وَنَحْنُ إِذَا مُتْنَا أَشَدُّ تَغَانِيَا
وَإِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ذَهَبَ
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ nindex.php?page=showalam&ids=17277وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ، وَرَوَاهُ
سُفْيَانُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
سُفْيَانَ أَيْضًا وَجْهٌ آخَرُ ، ذَكَرَهُ
إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ، أَيْ : يُسْتَغْنَى بِهِ عَمَّا سِوَاهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ . وَإِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ لِإِتْبَاعِهِ التَّرْجَمَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=51أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ [ الْعَنْكَبُوتِ : 51 ] . وَالْمُرَادُ الِاسْتِغْنَاءُ بِالْقُرْآنِ عَنْ
[ ص: 32 ] عِلْمِ أَخْبَارِ الْأُمَمِ قَالَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ . وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى يَتَغَنَّى بِهِ ، يَتَحَزَّنُ بِهِ ; أَيْ يَظْهَرُ عَلَى قَارِئِهِ الْحُزْنُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ السُّرُورِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ وَتِلَاوَتِهِ ، وَلَيْسَ مِنَ الْغَنِيَّةِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْغَنِيَّةِ لَقَالَ : يَتَغَانَى بِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ يَتَغَنَّى بِهِ . ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ : مِنْهُمُ الْإِمَامُ
أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حِبَّانَ الْبُسْتِيُّ ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17098مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830027رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي وَلِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْبُكَاءِ . الْأَزِيزُ ( بِزَايَيْنِ ) : صَوْتُ الرَّعْدِ وَغَلَيَانِ الْقِدْرِ . قَالُوا : فَفِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ التَّحَزُّنُ ; وَعَضَّدُوا هَذَا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830028اقْرَأْ عَلِيَّ ! ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ " حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [ الْنِسَاءِ : 41 ] فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ . فَهَذِهِ أَرْبَعُ تَأْوِيلَاتٍ ، لَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29585_32262الْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ وَالتَّرْجِيعِ فِيهَا . وَقَالَ
أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830025لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ قَالَ : كَانَتِ الْعَرَبُ تُولَعُ بِالْغِنَاءِ وَالنَّشِيدِ فِي أَكْثَرِ أَقْوَالِهَا ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أَحَبُّوا أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ هِجِّيرَاهُمْ مَكَانَ الْغِنَاءِ ; فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830025لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ .
التَّأْوِيلُ الْخَامِسُ : مَا تَأَوَّلَهُ مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى التَّرْجِيعِ وَالتَّطْرِيبِ ; فَذَكَرَ
عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ : ذَكَرْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12063لِأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ تَأْوِيلَ
ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي قَوْلِهِ : " يَتَغَنَّ " يَسْتَغْنِى ; فَقَالَ : لَمْ يَصْنَعِ
ابْنُ عُيَيْنَةَ شَيْئًا . وَسُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ عَنْ تَأْوِيلِ
ابْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ : نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَذَا ، لَوْ أَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِاسْتِغْنَاءَ لَقَالَ : مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ ، وَلَكِنْ لَمَّا قَالَ : " يَتَغَنَّ " عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ التَّغَنِّي . قَالَ
الطَّبَرَيُّ : الْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ التَّغَنِّي إِنَّمَا هُوَ الْغِنَاءُ الَّذِي هُوَ حُسْنُ الصَّوْتِ بِالتَّرْجِيعِ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
تَغَنَّ بِالشِّعْرِ مَهْمَا كُنْتَ قَائِلَهُ إِنَّ الْغِنَاءَ بِهَذَا الشِّعْرِ مِضْمَارُ
قَالَ : وَأَمَّا ادِّعَاءُ الزَّاعِمِ أَنَّ " تَغَنَّيْتُ " بِمَعْنَى " اسْتَغْنَيْتُ " فَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهَا ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَهُ ; وَأَمَّا احْتِجَاجُهُ بِقَوْلِ
الْأَعْشَى :
وَكُنْتُ امْرَءًا زَمِنًا بِالْعِرَاقِ عَفِيفَ الْمُنَاخِ طَوِيلَ التَّغَنْ
وَزَعْمَ أَنَّهُ أَرَادَ الِاسْتِغْنَاءَ فَإِنَّهُ غَلَطٌ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا عَنَى
الْأَعْشَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : الْإِقَامَةَ ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ : غَنِيَ فَلَانٌ بِمَكَانِ كَذَا أَيْ أَقَامَ ; وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=92كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا [ الْأَعْرَافِ : 92 ] ، وَأَمَّا اسْتِشْهَادُهُ بِقَوْلِهِ :
وَنَحْنُ إِذَا مُتْنَا أَشَدُّ تَغَانِيَا
فَإِنَّهُ إِغْفَالٌ مِنْهُ ; وَذَلِكَ أَنَّ التَّغَانِيَ تَفَاعُلٌ مِنْ نَفْسَيْنِ إِذَا اسْتَغْنَى كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ ; كَمَا يُقَالُ : تَضَارَبَ الرَّجُلَانِ ، إِذَا ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ . وَمَنْ قَالَ هَذَا فِي فِعْلِ الِاثْنَيْنِ لَمْ
[ ص: 33 ] يَجُزْ أَنْ يَقُولَ مَثْلَهُ فِي الْوَاحِدِ ; فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ : تَغَانَى زَيْدٌ وَتَضَارَبَ عَمْرٌو ، وَكَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ : تَغَنَّى بِمَعْنَى اسْتَغْنَى .
قُلْتُ : مَا ادَّعَاهُ
الطَّبَرَيُّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ تَغَنَّى بِمَعْنَى اسْتَغْنَى ، فَقَدْ ذَكَرَهُ
الْجَوْهَرِيُّ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَذَكَرَهُ
الْهَرَوِيُّ أَيْضًا . وَأَمَّا قَوْلُهُ : أَنَّ صِيغَةَ " فَاعَلَ " إِنَّمَا تَكُونُ مِنَ اثْنَيْنِ فَقَدْ جَاءَتْ مِنْ وَاحِدٍ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ ; مِنْهَا قَوْلُ
ابْنِ عُمَرَ : وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ . وَتَقُولُ الْعَرَبُ : طَارَقْتُ النَّعْلَ وَعَاقَبْتُ اللِّصَّ وَدَاوَيْتُ الْعَلِيلَ ، وَهُوَ كَثِيرٌ ; فَيَكُونُ " تَغَانَى " مِنْهَا . وَإِذَا احْتَمَلَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : " يَتَغَنَّ " ، الْغِنَاءَ وَالِاسْتِغْنَاءَ فَلَيْسَ حَمْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِأُولَى مِنَ الْآخَرِ ، بَلْ حَمْلُهُ عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ أَوْلَى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَنَا تَأْوِيلٌ غَيْرُهُ ، لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ صَحَابِيٍّ كَبِيرٍ كَمَا ذَكَرَ
سُفْيَانُ . وَقَدْ قَالَ
ابْنُ وَهْبٍ فِي حَقِّ
سُفْيَانَ : مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بِتَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ مِنْ
سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ رَأَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ وَعَاصَرَهُ .
وَتَأْوِيلٌ سَادِسٌ : وَهُوَ مَا جَاءَ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830029مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ قَالَ
الطَّبَرَيُّ : وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ
ابْنُ عُيَيْنَةَ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ " حَسَنِ الصَّوْتِ " وَالْجَهْرِ بِهِ مَعْنًى . قُلْنَا قَوْلَهُ : ( يَجْهَرُ بِهِ ) لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَوْ مِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ غَيْرِهِ ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَفِيهِ بُعْدٌ ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ التَّطْرِيبِ وَالتَّرْجِيعِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ : يُطَرِّبُ بِهِ ، وَإِنَّمَا قَالَ : يَجْهَرُ بِهِ ، أَيْ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ ; بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلَّذِي سَمِعَهُ وَقَدْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّهْلِيلِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830030أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَسْتُمْ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا . . . الْحَدِيثَ . وَسَيَأْتِي . كَذَلِكَ إِنْ كَانَ مِنْ صَحَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى مَا رَامُوهُ ; وَقَدِ اخْتَارَ هَذَا التَّأْوِيلَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا فَقَالَ : وَهَذَا أَشْبَهُ ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ مَنْ رَفْعَ صَوْتَهُ وَوَالَى بِهِ غَانِيًا وَفِعْلَهُ ذَلِكَ غِنَاءً وَإِنْ لَمْ يُلَحِّنْهُ بِتَلْحِينِ الْغِنَاءِ . قَالَ : وَعَلَى هَذَا فَسَّرَهُ الصَّحَابِيُّ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمَقَامِ وَأَقْعَدُ بِالْحَالِ .
وَقَدِ احْتَجَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12997أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ لِمَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فَقَالَ : وَقَدْ رَفَعَ الْإِشْكَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830031تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَغَنُّوا بِهِ وَاكْتُبُوهُ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الْمَخَاضِ مِنَ الْعُقُلِ . قَالَ عُلَمَاؤُنَا : وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ صَحَّ سَنَدُهُ فَيَرُدُّهُ مَا يُعْلَمُ عَلَى الْقِطَعِ وَالْبَتَاتِ مِنْ أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ بَلَغَتْنَا مُتَوَاتِرَةً عَنْ كَافَّةِ الْمَشَايِخِ ، جِيلًا فَجِيلًا إِلَى الْعَصْرِ الْكَرِيمِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ فِيهَا تَلْحِينٌ وَلَا تَطْرِيبٌ ، مَعَ كَثْرَةِ الْمُتَعَمِّقِينَ فِي مَخَارِجِ الْحُرُوفِ
[ ص: 34 ] وَفِي الْمَدِّ وَالْإِدْغَامِ وَالْإِظْهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَيْفِيَّةِ الْقِرَاءَاتِ . ثُمَّ إِنَّ فِي التَّرْجِيعِ وَالتَّطْرِيبِ هَمْزُ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ وَمَدُّ مَا لَيْسَ بِمَمْدُودٍ ; فَتَرْجِعُ الْأَلِفُ الْوَاحِدَةُ أَلِفَاتٍ وَالْوَاوُ الْوَاحِدَةُ وَاوَاتٍ وَالشُّبْهَةُ الْوَاحِدَةُ شُبَهَاتٍ ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى زِيَادَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ ، وَإِنْ وَافَقَ ذَلِكَ مَوْضِعَ نَبْرٍ وَهَمْزٍ صَيَّرُوهَا نَبْرَاتٍ وَهَمْزَاتٍ ، وَالنَّبْرَةُ حَيْثُمَا وَقَعَتْ مِنَ الْحُرُوفِ فَإِنَّمَا هِيَ هَمْزَةٌ وَاحِدَةٌ لَا غَيْرَ ; إِمَّا مَمْدُودَةٌ وَإِمَّا مَقْصُورَةٌ . فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ رَوَى
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830032قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسِيرٍ لَهُ سُورَةَ " الْفَتْحِ " عَلَى رَاحِلَتِهِ فَرَجَّعَ فِي قِرَاءَتِهِ ; وَذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ وَقَالَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32262صِفَةِ التَّرْجِيعِ : آء آء آء ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قُلْنَا : ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى إِشْبَاعِ الْمَدِّ فِي مَوْضِعِهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِكَايَةَ صَوْتِهِ عِنْدَ هَزِّ الرَّاحِلَةِ ; كَمَا يَعْتَرِي رَافِعَ صَوْتِهِ إِذَا كَانَ رَاكِبًا مِنَ انْضِغَاطِ صَوْتِهِ وَتَقْطِيعِهِ لِأَجْلِ هَزِّ الْمَرْكُوبِ ; وَإِذَا احْتَمَلَ هَذَا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ . وَقَدْ خَرَّجَ
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْحَافِظُ مِنْ حَدِيثِ
قَتَادَةَ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500003كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدَّ لَيْسَ فِيهَا تَرْجِيعٌ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ
عَطَاءٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836617كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَذِّنٌ يُطَرِّبُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَ الْأَذَانَ سَهْلٌ سَمْحٌ فَإِذَا كَانَ أَذَانُكَ سَمْحًا سَهْلًا وَإِلَّا فَلَا تُؤَذِّنْ . أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ . فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَنَعَ ذَلِكَ فِي الْأَذَانِ فَأَحْرَى أَلَّا يُجَوِّزَهُ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي حَفِظَهُ الرَّحْمَنُ ، فَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [ الْحِجْرِ : 9 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=42لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [ فُصِلَتْ : 42 ] .
قُلْتُ : وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ مَا لَمْ يُفْهَمْ مَعْنَى الْقُرْآنِ بِتَرْدِيدِ الْأَصْوَاتِ وَكَثْرَةِ التَّرْجِيعَاتِ ، فَإِنْ زَادَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ فَذَلِكَ حَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ ; كَمَا يَفْعَلُ الْقُرَّاءُ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ أَمَامَ الْمُلُوكِ وَالْجَنَائِزِ ، وَيَأْخُذُونَ عَلَى ذَلِكَ الْأُجُورَ وَالْجَوَائِزَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=104ضَلَّ سَعْيُهُمْ ، وَخَابَ عَمَلُهُمْ ، فَيَسْتَحِلُّونَ بِذَلِكَ تَغْيِيرَ كِتَابِ اللَّهِ ، وَيُهَوِّنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمُ الِاجْتِرَاءَ عَلَى اللَّهِ بِأَنْ يَزِيدُوا فِي تَنْزِيلِهِ مَا لَيْسَ فِيهِ ; جَهْلًا بِدِينِهِمْ ، وَمُرُوقًا عَنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِمْ ، وَرَفْضًا لِسَيْرِ الصَّالِحِينَ فِيهِ مِنْ سَلَفِهِمْ ، وَنُزُوعًا إِلَى مَا يُزَيِّنُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ ; وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ; فَهُمْ فِي غَيِّهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ، وَبِكِتَابِ اللَّهِ يَتَلَاعَبُونَ ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ! لَكِنْ قَدْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ ، فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
ذَكَرَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ
أَبُو الْحُسَيْنِ رَزِينٌ nindex.php?page=showalam&ids=14155وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي " نَوَادِرِ الْأُصُولِ " مِنْ حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=836618أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِلُحُونِ الْعَرَبِ وَأَصْوَاتِهَا وَإِيَّاكُمْ وَلَحَوْنَ أَهْلِ الْعِشْقِ وَلَحَوْنَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَسَيَجِيءُ بَعْدِي قَوْمٌ يُرَجِّعُونَ بِالْقُرْآنِ تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ وَالنُّوَاحِ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ مَفْتُونَةٌ قُلُوبُهُمْ وَقُلُوبُ الَّذِي يُعْجِبُهُمْ شَأْنُهُمْ . اللُّحُونُ : جَمْعُ لَحْنٍ ، وَهُوَ التَّطْرِيبُ وَتَرْجِيعُ الصَّوْتِ وَتَحْسِينُهُ بِالْقِرَاءَةِ وَالشِّعْرِ وَالْغِنَاءِ .
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الَّذِي يَفْعَلُهُ قُرَّاءُ زَمَانِنَا بَيْنَ يَدَيِّ الْوُعَّاظِ وَفِي الْمَجَالِسِ مِنَ اللُّحُونِ الْأَعْجَمِيَّةِ الَّتِي يَقْرَءُونَ بِهَا ، مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَالتَّرْجِيعُ فِي الْقِرَاءَةِ : تَرْدِيدُ
[ ص: 35 ] الْحُرُوفِ كَقِرَاءَةِ
النَّصَارَى . وَالتَّرْتِيلُ فِي الْقِرَاءَةِ هُوَ التَّأَنِّي فِيهَا وَالتَّمَهُّلُ وَتَبْيِينُ الْحُرُوفِ وَالْحَرَكَاتِ تَشْبِيهًا بِالثَّغْرِ الْمُرَتَّلِ ، وَهُوَ الْمُشَبَّهُ بِنُورِ الْأُقْحُوَانِ ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ; قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [ الْمُزَّمِلِ : 4 ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=830033وَسُئِلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَلَاتِهِ ; فَقَالَتْ : مَا لَكُمْ وَصَلَاتُهُ ! ، ثُمَّ نَعَتَتْ قِرَاءَتَهُ ، فَإِذَا هِيَ تَنْعِتُ قِرَاءَةً مُفَسَّرَةً حَرْفًا حَرْفًا . أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .