قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين
فيه خمس مسائل : الأولى : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أفمن أسس أي أصل ، وهو استفهام معناه التقرير . و ( من ) بمعنى الذي ، وهي في موضع رفع بالابتداء ، وخبره ( خير ) . وقرأ
نافع وابن عامر وجماعة ( أسس بنيانه ) على بناء ( أسس ) للمفعول ورفع ( بنيان ) فيهما . وقرأ
ابن كثير وأبو عمرو وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وجماعة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أسس بنيانه على بناء الفعل للفاعل ونصب ( بنيانه ) فيهما . وهي اختيار
أبي عبيد لكثرة من قرأ به ، وأن الفاعل سمي فيه . وقرأ
نصر بن عاصم بن علي " أفمن أسس "
[ ص: 184 ] بالرفع ( بنيانه ) بالخفض . وعنه أيضا ( أساس بنيانه ) وعنه أيضا ( أس بنيانه ) بالخفض . والمراد أصول البناء كما تقدم . وحكى
أبو حاتم قراءة سادسة وهي ( أفمن آساس بنيانه ) قال
النحاس : وهذا جمع أس ; كما يقال : خف وأخفاف ، والكثير " إساس " مثل خفاف . قال الشاعر :
أصبح الملك ثابت الأساس في البهاليل من بني العباس
الثانية : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109على تقوى من الله قراءة
عيسى بن عمر - فيما حكى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه - بالتنوين ، والألف ألف إلحاق كألف تترى فيما نون ، وقال الشاعر :
يستن في علقى وفي مكور
وأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه التنوين ، وقال : لا أدري ما وجهه .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109على شفا الشفا : الحرف والحد ، وقد مضى في ( آل عمران ) مستوفى . و
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109جرف قرئ برفع الراء ،
وأبو بكر وحمزة بإسكانها ; مثل الشغل والشغل ، والرسل والرسل ، يعني جرفا ليس له أصل . والجرف : ما يتجرف بالسيول من الأودية ، وهو جوانبه التي تنحفر بالماء ، وأصله من الجرف والاجتراف ; وهو اقتلاع الشيء من أصله .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109هار ساقط ; يقال . تهور البناء إذا سقط ، وأصله هائر ، فهو من المقلوب يقلب وتؤخر ياؤها ، فيقال : هار وهائر ، قاله
الزجاج . ومثله لاث الشيء به إذا دار ; فهو لاث أي لائث . وكما قالوا : شاكي السلاح وشائك السلاح . قال
العجاج :
لاث به الأشاء والعبري
الأشاء النخل ، والعبري السدر الذي على شاطئ الأنهار . ومعنى لاث به مطيف به . وزعم
أبو حاتم أن الأصل فيه هاور ، ثم يقال هائر مثل صائم ، ثم يقلب فيقال هار . وزعم
الكسائي أنه من ذوات الواو ومن ذوات الياء ، وأنه يقال : تهور وتهير .
قلت : ولهذا يمال ويفتح .
الثالثة : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109فانهار به في نار جهنم فاعل ( انهار ) الجرف ; كأنه قال : فانهار الجرف بالبنيان في النار ; لأن الجرف مذكر . ويجوز أن يكون الضمير في ( به ) يعود على ( من ) وهو الباني ; والتقدير : فانهار من أسس بنيانه على غير تقوى . وهذه الآية ضرب مثل لهم ، أي من أسس بنيانه على الإسلام خير أم من أسس بنيانه على الشرك والنفاق . وبين أن بناء الكافر كبناء على جرف جهنم يتهور بأهله فيها . والشفا : الشفير . وأشفى على كذا أي دنا منه .
الرابعة : في هذه الآية دليل على أن كل شيء ابتدئ بنية
nindex.php?page=treesubj&link=19863_19695تقوى الله تعالى والقصد لوجهه [ ص: 185 ] الكريم فهو الذي يبقى ويسعد به صاحبه ويصعد إلى الله ويرفع إليه ، ويخبر عنه بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام على أحد الوجهين . ويخبر عنه أيضا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=46والباقيات الصالحات على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
الخامسة : واختلف العلماء في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109فانهار به في نار جهنم هل ذلك حقيقة أو مجاز على ؛ قولين ; الأول : أن ذلك حقيقة وأن النبي صلى الله عليه وسلم إذ أرسل إليه فهدم رئي الدخان يخرج منه ; من رواية
سعيد بن جبير . وقال بعضهم : كان الرجل يدخل فيه سعفة من سعف النخل فيخرجها سوداء محترقة . وذكر أهل التفسير أنه كان يحفر ذلك الموضع الذي انهار فيخرج منه دخان . وروى
عاصم بن أبي النجود عن
زر بن حبيش عن
ابن مسعود أنه قال : جهنم في الأرض ، ثم تلا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109فانهار به في نار جهنم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : أنا رأيت الدخان يخرج منه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( والثاني ) أن ذلك مجاز ، والمعنى : صار البناء في نار جهنم ، فكأنه انهار إليه وهوى فيه ; وهذا كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=9فأمه هاوية . والظاهر الأول ، إذ لا إحالة في ذلك . والله أعلم .
قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم
قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110لا يزال بنيانهم الذي بنوا يعني مسجد الضرار
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110ريبة في قلوبهم أي شكا في قلوبهم ونفاقا ; قاله
ابن عباس وقتادة والضحاك . وقال
النابغة :
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب
وقال
الكلبي : حسرة وندامة ; لأنهم ندموا على بنيانه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وحبيب nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد : ريبة أي حزازة وغيظا .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110إلا أن تقطع قلوبهم قال
ابن عباس : أي تنصدع قلوبهم فيموتوا ; كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=46لقطعنا منه الوتين لأن الحياة تنقطع بانقطاع الوتين ; وقاله
قتادة والضحاك ومجاهد . وقال
سفيان : إلا أن يتوبوا .
عكرمة : إلا أن تقطع قلوبهم في قبورهم ،
[ ص: 186 ] وكان أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود يقرءونها : " ريبة في قلوبهم ولو تقطعت قلوبهم " . وقرأ
الحسن ويعقوب وأبو حاتم " إلى أن تقطع " على الغاية ، أي لا يزالون في شك منه إلى أن يموتوا فيستيقنوا ويتبينوا . واختلف القراء في قوله ( تقطع ) فالجمهور " تقطع " بضم التاء وفتح القاف وشد الطاء على الفعل المجهول . وقرأ
ابن عامر وحمزة وحفص ويعقوب كذلك إلا أنهم فتحوا التاء . وروي عن
يعقوب وأبي عبد الرحمن " تقطع " على الفعل المجهول مخفف القاف . وروي عن
شبل وابن كثير " تقطع " خفيفة القاف " قلوبهم " نصبا ، أي أنت تفعل ذلك بهم . وقد ذكرنا قراءة أصحاب
عبد الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110والله عليم حكيم تقدم .
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ : الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أَفَمَنْ أَسَّسَ أَيْ أَصَّلَ ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّقْرِيرُ . وَ ( مَنْ ) بِمَعْنَى الَّذِي ، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ ، وَخَبَرُهُ ( خَيْرٌ ) . وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَجَمَاعَةٌ ( أُسِّسَ بُنْيَانُهُ ) عَلَى بِنَاءِ ( أُسِّسَ ) لِلْمَفْعُولِ وَرَفْعِ ( بُنْيَانُ ) فِيهِمَا . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَجَمَاعَةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ وَنَصْبِ ( بُنْيَانَهُ ) فِيهِمَا . وَهِيَ اخْتِيَارُ
أَبِي عُبَيْدٍ لِكَثْرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِ ، وَأَنَّ الْفَاعِلَ سُمِّيَ فِيهِ . وَقَرَأَ
نَصْرُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ " أَفَمَنْ أَسَسُ "
[ ص: 184 ] بِالرَّفْعِ ( بُنْيَانِهِ ) بِالْخَفْضِ . وَعَنْهُ أَيْضًا ( أَسَاسُ بُنْيَانِهِ ) وَعَنْهُ أَيْضًا ( أَسُّ بُنْيَانِهِ ) بِالْخَفْضِ . وَالْمُرَادُ أُصُولُ الْبِنَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ . وَحَكَى
أَبُو حَاتِمٍ قِرَاءَةً سَادِسَةً وَهِيَ ( أَفَمَنْ آسَاسُ بُنْيَانِهِ ) قَالَ
النَّحَّاسُ : وَهَذَا جَمْعُ أُسٍّ ; كَمَا يُقَالُ : خُفٌّ وَأَخْفَافٌ ، وَالْكَثِيرُ " إِسَاسٌ " مِثْلُ خِفَافٍ . قَالَ الشَّاعِرُ :
أَصْبَحَ الْمُلْكُ ثَابِتَ الْأَسَاسِ فِي الْبَهَالِيلِ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ قِرَاءَةُ
عِيسَى بْنِ عُمَرَ - فِيمَا حَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ - بِالتَّنْوِينِ ، وَالْأَلِفُ أَلِفُ إِلْحَاقٍ كَأَلِفِ تَتْرَى فِيمَا نُوِّنَ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
يَسْتَنُّ فِي عَلْقًى وَفِي مُكُورِ
وَأَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ التَّنْوِينَ ، وَقَالَ : لَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109عَلَى شَفَا الشَّفَا : الْحَرْفُ وَالْحَدُّ ، وَقَدْ مَضَى فِي ( آلِ عِمْرَانَ ) مُسْتَوْفًى . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109جُرُفٍ قُرِئَ بِرَفْعِ الرَّاءِ ،
وَأَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ بِإِسْكَانِهَا ; مِثْلَ الشُّغُلِ وَالشُّغْلِ ، وَالرُّسُلِ وَالرُّسْلِ ، يَعْنِي جُرُفًا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ . وَالْجُرُفُ : مَا يَتَجَرَّفُ بِالسُّيُولِ مِنَ الْأَوْدِيَةِ ، وَهُوَ جَوَانِبُهُ الَّتِي تَنْحَفِرُ بِالْمَاءِ ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْجَرْفِ وَالِاجْتِرَافِ ; وَهُوَ اقْتِلَاعُ الشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109هَارٍ سَاقِطٍ ; يُقَالُ . تَهَوَّرَ الْبِنَاءُ إِذَا سَقَطَ ، وَأَصْلُهُ هَائِرٌ ، فَهُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ يُقْلَبُ وَتُؤَخَّرُ يَاؤُهَا ، فَيُقَالُ : هَارٍ وَهَائِرٍ ، قَالَهُ
الزَّجَّاجُ . وَمِثْلُهُ لَاثَ الشَّيْءُ بِهِ إِذَا دَارَ ; فَهُوَ لَاثٍ أَيْ لَائِثٍ . وَكَمَا قَالُوا : شَاكِي السِّلَاحِ وَشَائِكُ السِّلَاحِ . قَالَ
الْعَجَّاجُ :
لَاثٍ بِهِ الْأَشَاءُ وَالْعُبْرِيُّ
الْأَشَاءُ النَّخْلُ ، وَالْعُبْرِيُّ السِّدْرُ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْأَنْهَارِ . وَمَعْنَى لَاثٍ بِهِ مُطِيفٌ بِهِ . وَزَعَمَ
أَبُو حَاتِمٍ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ هَاوِرٍ ، ثُمَّ يُقَالُ هَائِرٍ مِثْلِ صَائِمٍ ، ثُمَّ يُقْلَبُ فَيُقَالُ هَارٍ . وَزَعَمَ
الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَمِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ ، وَأَنَّهُ يُقَالُ : تَهَوَّرَ وَتَهَيَّرَ .
قُلْتُ : وَلِهَذَا يُمَالُ وَيُفْتَحُ .
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَاعِلُ ( انْهَارَ ) الْجُرُفُ ; كَأَنَّهُ قَالَ : فَانْهَارَ الْجُرُفُ بِالْبُنْيَانِ فِي النَّارِ ; لِأَنَّ الْجُرُفَ مُذَكَّرٌ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي ( بِهِ ) يَعُودُ عَلَى ( مَنْ ) وَهُوَ الْبَانِي ; وَالتَّقْدِيرُ : فَانْهَارَ مِنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى غَيْرِ تَقْوَى . وَهَذِهِ الْآيَةُ ضَرْبُ مَثَلٍ لَهُمْ ، أَيْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى الشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ . وَبَيَّنَ أَنَّ بِنَاءَ الْكَافِرِ كَبِنَاءٍ عَلَى جُرُفِ جَهَنَّمَ يَتَهَوَّرُ بِأَهْلِهِ فِيهَا . وَالشَّفَا : الشَّفِيرُ . وَأَشْفَى عَلَى كَذَا أَيْ دَنَا مِنْهُ .
الرَّابِعَةُ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ ابْتُدِئَ بِنِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=19863_19695تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْقَصْدِ لِوَجْهِهِ [ ص: 185 ] الْكَرِيمِ فَهُوَ الَّذِي يَبْقَى وَيَسْعَدُ بِهِ صَاحِبُهُ وَيَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ وَيُرْفَعُ إِلَيْهِ ، وَيُخْبَرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ . وَيُخْبَرُ عَنْهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=46وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
الْخَامِسَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ هَلْ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ عَلَى ؛ قَوْلَيْنِ ; الْأَوَّلُ : أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَهُدِمَ رُئِيَ الدُّخَانُ يَخْرُجُ مِنْهُ ; مِنْ رِوَايَةِ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : كَانَ الرَّجُلُ يُدْخِلُ فِيهِ سَعْفَةً مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ فَيُخْرِجُهَا سَوْدَاءَ مُحْتَرِقَةً . وَذَكَرَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ أَنَّهُ كَانَ يَحْفِرُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي انْهَارَ فَيَخْرُجُ مِنْهُ دُخَانٌ . وَرَوَى
عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ عَنْ
زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ : جَهَنَّمُ فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ تَلَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَا رَأَيْتُ الدُّخَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ( وَالثَّانِي ) أَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ ، وَالْمَعْنَى : صَارَ الْبِنَاءُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، فَكَأَنَّهُ انْهَارَ إِلَيْهِ وَهَوَى فِيهِ ; وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=9فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ . وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ ، إِذْ لَا إِحَالَةَ فِي ذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا يَعْنِي مَسْجِدَ الضِّرَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ أَيْ شَكًّا فِي قُلُوبِهِمْ وَنِفَاقًا ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ . وَقَالَ
النَّابِغَةُ :
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً وَلَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ لِلْمَرْءِ مَذْهَبُ
وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : حَسْرَةً وَنَدَامَةً ; لِأَنَّهُمْ نَدِمُوا عَلَى بُنْيَانِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَحَبِيبٌ nindex.php?page=showalam&ids=15153وَالْمُبَرِّدُ : رِيبَةً أَيْ حَزَازَةً وَغَيْظًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : أَيْ تَنْصَدِعُ قُلُوبُهُمْ فَيَمُوتُوا ; كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=46لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ لِأَنَّ الْحَيَاةَ تَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِ الْوَتِينِ ; وَقَالَهُ
قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ . وَقَالَ
سُفْيَانُ : إِلَّا أَنْ يَتُوبُوا .
عِكْرِمَةُ : إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ فِي قُبُورِهِمْ ،
[ ص: 186 ] وَكَانَ أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَقْرَءُونَهَا : " رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَلَوْ تَقَطَّعَتْ قُلُوبُهُمْ " . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَيَعْقُوبُ وَأَبُو حَاتِمٍ " إِلَى أَنْ تَقَطَّعَ " عَلَى الْغَايَةِ ، أَيْ لَا يَزَالُونَ فِي شَكٍّ مِنْهُ إِلَى أَنْ يَمُوتُوا فَيَسْتَيْقِنُوا وَيَتَبَيَّنُوا . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قَوْلِهِ ( تَقَطَّعَ ) فَالْجُمْهُورُ " تُقَطَّعَ " بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَشَدِّ الطَّاءِ عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمْ فَتَحُوا التَّاءَ . وَرُوِيَ عَنْ
يَعْقُوبَ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ " تُقْطَعَ " عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ مُخَفَّفِ الْقَافِ . وَرُوِيَ عَنْ
شِبْلٍ وَابْنِ كَثِيرٍ " تَقْطَعَ " خَفِيفَةَ الْقَافِ " قُلُوبَهُمْ " نَصْبًا ، أَيْ أَنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ . وَقَدْ ذَكَرْنَا قِرَاءَةَ أَصْحَابِ
عَبْدِ اللَّهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ تَقَدَّمَ .