[ ص: 23 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
nindex.php?page=treesubj&link=29001قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قال
الزجاج :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة منصوب بمعنى اتبع فطرة الله . قال : لأن معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين اتبع الدين الحنيف واتبع فطرة الله . وقال
الطبري :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله مصدر من معنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك لأن معنى ذلك : فطر الله الناس ذلك فطرة . وقيل : معنى ذلك اتبعوا دين الله الذي خلق الناس له ; وعلى هذا القول يكون الوقف على حنيفا تاما . وعلى القولين الأولين يكون متصلا ، فلا يوقف على حنيفا . وسميت الفطرة دينا لأن الناس يخلقون له ، قال جل وعز :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . ويقال : عليها بمعنى لها ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وإن أسأتم فلها . والخطاب ب
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105أقم وجهك للنبي صلى الله عليه وسلم ، أمره بإقامة وجهه للدين المستقيم ; كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=43فأقم وجهك للدين القيم وهو دين الإسلام . وإقامة الوجه هو تقويم المقصد والقوة على الجد في أعمال الدين ; وخص الوجه بالذكر لأنه جامع حواس الإنسان وأشرفه . ودخل في هذا الخطاب أمته باتفاق من أهل التأويل . و حنيفا معناه معتدلا مائلا عن جميع الأديان المحرفة المنسوخة .
الثانية : في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832282ما من مولود إلا يولد على الفطرة - في رواية ( على هذه الملة ) - أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : واقرءوا إن شئتم ;
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله في رواية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832283حتى تكونوا أنتم تجدعونها [ ص: 24 ] قالوا : يا رسول الله ; أفرأيت من يموت صغيرا ؟ قال : الله أعلم بما كانوا عاملين . لفظ
مسلم .
الثالثة : واختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=28644معنى الفطرة المذكورة في الكتاب والسنة على أقوال متعددة ; منها الإسلام ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب وغيرهما ; قالوا : وهو المعروف عند عامة السلف من أهل التأويل ; واحتجوا بالآية وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وعضدوا ذلك بحديث
عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس يوما :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500479ألا أحدثكم بما حدثني الله في كتابه ، إن الله خلق آدم وبنيه حنفاء مسلمين ، وأعطاهم المال حلالا لا حرام فيه فجعلوا مما أعطاهم الله حلالا وحراما . . الحديث . وبقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832284خمس من الفطرة . . فذكر منها قص الشارب ، وهو من سنن الإسلام ، وعلى هذا التأويل فيكون معنى الحديث : أن الطفل خلق سليما من الكفر على الميثاق الذي أخذه الله على ذرية
آدم حين أخرجهم من صلبه ، وأنهم إذا ماتوا قبل أن يدركوا في الجنة ; أولاد مسلمين كانوا أو أولاد كفار .
وقال آخرون : الفطرة هي البداءة التي ابتدأهم الله عليها ; أي على ما فطر الله عليه خلقه من أنه ابتدأهم للحياة والموت والسعادة والشقاء ، وإلى ما يصيرون إليه عند البلوغ . قالوا : والفطرة في كلام العرب البداءة . والفاطر : المبتدئ ; واحتجوا بما روي عن
ابن عباس أنه قال : لم أكن أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى أتى أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها ; أي ابتدأتها . قال
المروزي : كان
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا القول ثم تركه . قال
أبو عمر في كتاب التمهيد له : ما رسمه
مالك في موطئه وذكر في باب القدر فيه من الآثار - يدل على أن مذهبه في ذلك نحو هذا ، والله أعلم . ومما احتجوا به ما روي عن
كعب القرظي في قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=30فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة قال : من ابتدأ الله خلقه للضلالة صيره إلى الضلالة وإن
[ ص: 25 ] عمل بأعمال الهدى ، ومن ابتدأ الله خلقه على الهدى صيره إلى الهدى وإن عمل بأعمال الضلالة ، ابتدأ الله خلق إبليس على الضلالة وعمل بأعمال السعادة مع الملائكة ، ثم رده الله إلى ما ابتدأ عليه خلقه ، قال : وكان من الكافرين .
قلت : قد مضى قول كعب هذا في ( الأعراف ) وجاء معناه مرفوعا من حديث
عائشة رضي الله عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832285دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة غلام من الأنصار فقلت : يا رسول الله ، طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة ، لم يعمل السوء ولم يدركه ، قال : أو غير ذلك يا عائشة ، إن الله خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم خرجه
ابن ماجه في السنن . وخرج
أبو عيسى الترمذي عن
عبد الله بن عمرو قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832286خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال : أتدرون ما هذان الكتابان ؟ فقلنا : لا يا رسول الله ، إلا أن تخبرنا ; فقال للذي في يده اليمنى : هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا - ثم قال للذي في شماله - هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا . . وذكر الحديث ، وقال فيه : حديث حسن . وقالت فرقة : ليس المراد بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطر الناس عليها ولا قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832287كل مولود يولد على الفطرة العموم ؛ وإنما المراد بالناس المؤمنون ; إذ لو فطر الجميع على الإسلام لما كفر أحد ، وقد ثبت أنه خلق أقواما للنار ; كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولقد ذرأنا لجهنم وأخرج الذرية من صلب
آدم سوداء وبيضاء . وقال في الغلام الذي قتله
الخضر : طبع يوم طبع كافرا . وروى
أبو سعيد الخدري قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832288صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بنهار ; وفيه : وكان فيما حفظنا أن قال : ألا إن بني آدم خلقوا طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا ، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا ، ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت كافرا ، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت مؤمنا ، ومنهم حسن القضاء حسن الطلب . ذكره
حماد بن زيد بن سلمة في
[ ص: 26 ] مسند
الطيالسي قال : حدثنا
علي بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
أبي سعيد . قالوا : والعموم بمعنى الخصوص كثير في لسان العرب ; ألا ترى إلى قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=25تدمر كل شيء ولم تدمر السماوات والأرض . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فتحنا عليهم أبواب كل شيء ولم تفتح عليهم أبواب الرحمة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه الحنظلي : تم الكلام عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين حنيفا ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله أي فطر الله الخلق فطرة إما بجنة أو نار ، وإليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832287كل مولود يولد على الفطرة ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لا تبديل لخلق الله قال شيخنا
أبو العباس : من قال هي سابقة السعادة والشقاوة فهذا إنما يليق بالفطرة المذكورة في القرآن ; لأن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لا تبديل لخلق الله وأما في الحديث فلا ; لأنه قد أخبر في بقية الحديث بأنها تبدل وتغير . وقالت طائفة من أهل الفقه والنظر : الفطرة هي الخلقة التي خلق عليها المولود في المعرفة بربه ; فكأنه قال : كل مولود يولد على خلقة يعرف بها ربه إذا بلغ مبلغ المعرفة ; يريد خلقة مخالفة لخلقة البهائم التي لا تصل بخلقتها إلى معرفته . واحتجوا على أن الفطرة الخلقة ، والفاطر الخالق ; لقول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1الحمد لله فاطر السماوات والأرض يعني خالقهن ، وبقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=22وما لي لا أعبد الذي فطرني يعني خلقني ، وبقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=56الذي فطرهن يعني خلقهن . قالوا : فالفطرة الخلقة ، والفاطر الخالق ; وأنكروا أن يكون المولود يفطر على كفر أو إيمان أو معرفة أو إنكار . قالوا : وإنما المولود على السلامة في الأغلب خلقة وطبعا وبنية ليس معها إيمان ولا كفر ولا إنكار ولا معرفة ; ثم يعتقدون الكفر والإيمان بعد البلوغ إذا ميزوا . واحتجوا بقوله في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832289كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء - يعني سالمة -
nindex.php?page=hadith&LINKID=832290هل تحسون فيها من جدعاء يعني مقطوعة الأذن . فمثل قلوب بني آدم بالبهائم لأنها تولد كاملة الخلق ليس فيها نقصان ، ثم تقطع آذانها بعد وأنوفها ; فيقال : هذه بحائر وهذه سوائب . يقول : فكذلك قلوب الأطفال في حين ولادتهم ليس لهم كفر ولا إيمان ، ولا معرفة ولا إنكار كالبهائم السائمة ، فلما بلغوا استهوتهم الشياطين فكفر أكثرهم ، وعصم الله أقلهم . قالوا : ولو كان الأطفال قد فطروا على شيء من الكفر والإيمان في أولية أمورهم ما انتقلوا عنه أبدا ، وقد نجدهم يؤمنون ثم يكفرون . قالوا : ويستحيل في المعقول أن يكون الطفل في حين ولادته يعقل كفرا أو إيمانا ؛ لأن الله أخرجهم في حال لا يفقهون معها شيئا ، قال الله تعالى :
[ ص: 27 ] nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا فمن لا يعلم شيئا استحال منه كفر أو إيمان ، أو معرفة أو إنكار . قال
أبو عمر بن عبد البر : هذا أصح ما قيل في معنى الفطرة التي يولد الناس عليها . ومن الحجة أيضا في هذا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16إنما تجزون ما كنتم تعملون و
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=38كل نفس بما كسبت رهينة ومن لم يبلغ وقت العمل لم يرتهن بشيء . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ولما أجمعوا على دفع القود والقصاص والحدود والآثام عنهم في دار الدنيا كانت الآخرة أولى بذلك . والله أعلم . ويستحيل أن تكون الفطرة المذكورة الإسلام ، كما قال
ابن شهاب ; لأن الإسلام والإيمان : قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح ، وهذا معدوم من الطفل ، لا يجهل ذلك ذو عقل . وأما قول
الأوزاعي : سألت
الزهري عن رجل
nindex.php?page=treesubj&link=23891_16568عليه رقبة أيجزي عنه الصبي أن يعتقه وهو رضيع ؟ قال : نعم ; لأنه ولد على الفطرة يعني الإسلام ; فإنما أجزى عتقه عند من أجازه ; لأن حكمه حكم أبويه . وخالفهم آخرون فقالوا : لا يجزي في الرقاب الواجبة إلا من صام وصلى ، وليس في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29كما بدأكم تعودون ولا في ( أن يختم الله للعبد بما قضاه له وقدره عليه ) دليل على أن الطفل يولد حين يولد مؤمنا أو كافرا ; لما شهدت له العقول أنه في ذلك الوقت ليس ممن يعقل إيمانا ولا كفرا ، والحديث الذي جاء فيه : ( إن الناس خلقوا على طبقات ) ليس من الأحاديث التي لا مطعن فيها ; لأنه انفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد بن جدعان ، وقد كان
شعبة يتكلم فيه . على أنه يحتمل قوله : ( يولد مؤمنا ) ؛ أي يولد ليكون مؤمنا ، ويولد ليكون كافرا على سابق علم الله فيه ، وليس في قوله في الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=832291خلقت هؤلاء للجنة وخلقت هؤلاء للنار أكثر من مراعاة ما يختم به لهم ; لا أنهم في حين طفولتهم ممن يستحق جنة أو نارا ، أو يعقل كفرا أو إيمانا .
قلت : وإلى ما اختاره
أبو عمر واحتج له ، ذهب غير واحد من المحققين منهم
ابن عطية في تفسيره في معنى الفطرة ، وشيخنا
أبو العباس . قال
ابن عطية : والذي يعتمد عليه في تفسير هذه اللفظة أنها الخلقة والهيئة التي في نفس الطفل التي هي معدة ومهيأة لأن يميز بها
[ ص: 28 ] مصنوعات الله تعالى ، ويستدل بها على ربه ، ويعرف شرائعه ويؤمن به ; فكأنه تعالى قال : أقم وجهك للدين الذي هو الحنيف ، وهو فطرة الله الذي على الإعداد له فطر البشر ، لكن تعرضهم العوارض ; ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832287كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه فذكر الأبوين إنما هو مثال للعوارض التي هي كثيرة . وقال شيخنا في عبارته : إن الله تعالى خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق ، كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات ، فما دامت باقية على ذلك القبول وعلى تلك الأهلية أدركت الحق ودين الإسلام وهو الدين الحق . وقد دل على صحة هذا المعنى قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832289كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء يعني أن البهيمة تلد ولدها كامل الخلقة سليما من الآفات ، فلو ترك على أصل تلك الخلقة لبقي كاملا بريئا من العيوب ، لكن يتصرف فيه فيجدع أذنه ويوسم وجهه ، فتطرأ عليه الآفات والنقائص فيخرج عن الأصل ; وكذلك الإنسان ، وهو تشبيه واقع ووجهه واضح .
قلت : وهذا القول مع القول الأول موافق له في المعنى ، وأن ذلك بعد الإدراك حين عقلوا أمر الدنيا ، وتأكدت حجة الله عليهم بما نصب من الآيات الظاهرة : من خلق السماوات والأرض ، والشمس والقمر ، والبر والبحر ، واختلاف الليل والنهار ; فلما عملت أهواؤهم فيهم أتتهم الشياطين فدعتهم إلى اليهودية والنصرانية فذهبت بأهوائهم يمينا وشمالا ، وأنهم إن ماتوا صغارا فهم في الجنة ، أعني جميع الأطفال ؛ لأن الله تعالى لما أخرج ذرية
آدم من صلبه في صورة الذر أقروا له بالربوبية وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا . ثم أعادهم في صلب
آدم بعد أن أقروا له بالربوبية ، وأنه الله لا إله غيره ، ثم يكتب العبد في بطن أمه شقيا أو سعيدا على الكتاب الأول ; فمن كان في الكتاب الأول شقيا عمر حتى يجري عليه القلم فينقض الميثاق الذي أخذ عليه في صلب
آدم بالشرك ، ومن كان في الكتاب الأول سعيدا عمر حتى يجري عليه القلم فيصير سعيدا ،
nindex.php?page=treesubj&link=28637ومن مات صغيرا من أولاد المسلمين قبل أن يجري عليه القلم فهم مع آبائهم في الجنة ، ومن كان من أولاد المشركين فمات قبل أن يجري عليه القلم فليس يكونون مع آبائهم ; لأنهم ماتوا على الميثاق الأول الذي أخذ عليهم في صلب
آدم ولم ينقض الميثاق ،
[ ص: 29 ] ذهب إلى هذا جماعة من أهل التأويل ، وهو يجمع بين الأحاديث ، ويكون معنى قوله عليه السلام لما سئل عن
nindex.php?page=treesubj&link=28638أولاد المشركين فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832292الله أعلم بما كانوا عاملين يعني لو بلغوا . ودل على هذا التأويل أيضا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث الطويل حديث الرؤيا ، وفيه قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832293وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإبراهيم عليه السلام ، وأما الولدان حوله فكل مولود يولد على الفطرة . قال فقيل : يا رسول الله ، وأولاد المشركين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأولاد المشركين . وهذا نص يرفع الخلاف ، وهو أصح شيء روي في هذا الباب ، وغيره من الأحاديث فيها علل وليست من أحاديث الأئمة الفقهاء ; قاله
أبو عمر بن عبد البر . وقد روي من حديث
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864482سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال : لم تكن لهم حسنات فيجزوا بها فيكونوا من ملوك الجنة ، ولم تكن لهم سيئات فيعاقبوا عليها فيكونوا من أهل النار ، فهم خدم لأهل الجنة ذكره
يحيى بن سلام في التفسير له . قد زدنا هذه المسألة بيانا في كتاب التذكرة ، وذكرنا في كتاب المقتبس في شرح موطأ
مالك بن أنس ما ذكره
أبو عمر من ذلك ، والحمد لله .
وذكر
إسحاق بن راهويه قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم قال : أخبرنا
جرير بن حازم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12004أبي رجاء العطاردي قال : سمعت
ابن عباس يقول : لا يزال أمر هذه الأمة مواتيا أو متقاربا - أو كلمة تشبه هاتين - حتى يتكلموا أو ينظروا في الأطفال والقدر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم فذكرته
nindex.php?page=showalam&ids=16418لابن المبارك فقال : أيسكت الإنسان على الجهل ؟ قلت : فتأمر بالكلام ؟ قال فسكت . وقال
أبو بكر الوراق :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها هي الفقر والفاقة ; وهذا حسن ; فإنه منذ ولد إلى حين يموت فقير محتاج ، نعم ، وفي الآخرة .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لا تبديل لخلق الله أي هذه الفطرة لا تبديل لها من جهة الخالق . ولا يجيء الأمر على خلاف هذا بوجه ; أي لا يشقى من خلقه سعيدا ، ولا يسعد من خلقه شقيا . وقال
مجاهد : المعنى لا تبديل لدين الله ; وقاله
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير والضحاك وابن زيد والنخعي ، قالوا : هذا معناه في المعتقدات . وقال
عكرمة : وروي عن
ابن عباس وعمر بن الخطاب أن
[ ص: 30 ] المعنى : لا تغيير لخلق الله من البهائم أن تخصى فحولها ; فيكون معناه النهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=25279خصاء الفحول من الحيوان . وقد مضى هذا في ( النساء ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30ذلك الدين القيم أي ذلك القضاء المستقيم ; قاله
ابن عباس . وقال
مقاتل : ذلك الحساب البين . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30ذلك الدين القيم أي دين الإسلام هو الدين القيم المستقيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي لا يتفكرون فيعلمون أن لهم خالقا معبودا ، وإلها قديما سبق قضاؤه ونفذ حكمه .
[ ص: 23 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ .
nindex.php?page=treesubj&link=29001قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَالَ
الزَّجَّاجُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ مَنْصُوبٌ بِمَعْنَى اتَّبِعْ فِطْرَةَ اللَّهِ . قَالَ : لِأَنَّ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ اتَّبِعِ الدِّينَ الْحَنِيفَ وَاتَّبِعْ فِطْرَةَ اللَّهِ . وَقَالَ
الطَّبَرِيُّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ مَصْدَرٌ مِنْ مَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ ذَلِكَ فِطْرَةً . وَقِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ اتَّبِعُوا دِينَ اللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّاسَ لَهُ ; وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى حَنِيفًا تَامًّا . وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَكُونُ مُتَّصِلًا ، فَلَا يُوقَفُ عَلَى حَنِيفًا . وَسُمِّيَتِ الْفِطْرَةُ دِينًا لِأَنَّ النَّاسَ يُخْلَقُونَ لَهُ ، قَالَ جَلَّ وَعَزَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . وَيُقَالُ : عَلَيْهَا بِمَعْنَى لَهَا ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا . وَالْخِطَابُ بِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105أَقِمْ وَجْهَكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَمَرَهُ بِإِقَامَةِ وَجْهِهِ لِلدِّينِ الْمُسْتَقِيمِ ; كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=43فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ . وَإِقَامَةُ الْوَجْهِ هُوَ تَقْوِيمُ الْمَقْصِدِ وَالْقُوَّةُ عَلَى الْجَدِّ فِي أَعْمَالِ الدِّينِ ; وَخُصَّ الْوَجْهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ جَامِعُ حَوَاسِّ الْإِنْسَانِ وَأَشْرَفُهُ . وَدَخَلَ فِي هَذَا الْخِطَابِ أُمَّتُهُ بِاتِّفَاقٍ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ . وَ حَنِيفًا مَعْنَاهُ مُعْتَدِلًا مَائِلًا عَنْ جَمِيعِ الْأَدْيَانِ الْمُحَرَّفَةِ الْمَنْسُوخَةِ .
الثَّانِيَةُ : فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832282مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ - فِي رِوَايَةٍ ( عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ ) - أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ;
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ فِي رِوَايَةٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832283حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا [ ص: 24 ] قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ; أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ صَغِيرًا ؟ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ . لَفْظُ
مُسْلِمٍ .
الثَّالِثَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28644مَعْنَى الْفِطْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَقْوَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ ; مِنْهَا الْإِسْلَامُ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13283وَابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا ; قَالُوا : وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ ; وَاحْتَجُّوا بِالْآيَةِ وَحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَعَضَّدُوا ذَلِكَ بِحَدِيثِ
عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنَّاسِ يَوْمًا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500479أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمَا حَدَّثَنِي اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَبَنِيهِ حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ ، وَأَعْطَاهُمُ الْمَالَ حَلَالًا لَا حَرَامَ فِيهِ فَجَعَلُوا مِمَّا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ حَلَالًا وَحَرَامًا . . الْحَدِيثَ . وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832284خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ . . فَذَكَرَ مِنْهَا قَصَّ الشَّارِبِ ، وَهُوَ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ : أَنَّ الطِّفْلَ خُلِقَ سَلِيمًا مِنَ الْكُفْرِ عَلَى الْمِيثَاقِ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَى ذُرِّيَّةِ
آدَمَ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِهِ ، وَأَنَّهُمْ إِذَا مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكُوا فِي الْجَنَّةِ ; أَوْلَادَ مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ أَوْلَادَ كُفَّارٍ .
وَقَالَ آخَرُونَ : الْفِطْرَةُ هِيَ الْبَدَاءَةُ الَّتِي ابْتَدَأَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهَا ; أَيْ عَلَى مَا فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَلْقَهُ مِنْ أَنَّهُ ابْتَدَأَهُمْ لِلْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاءِ ، وَإِلَى مَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ عِنْدَ الْبُلُوغِ . قَالُوا : وَالْفِطْرَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْبَدَاءَةُ . وَالْفَاطِرُ : الْمُبْتَدِئُ ; وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : لَمْ أَكُنْ أَدْرِي مَا فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى أَتَى أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَنَا فَطَرْتُهَا ; أَيِ ابْتَدَأْتُهَا . قَالَ
الْمَرْوَزِيُّ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ تَرَكَهُ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ لَهُ : مَا رَسَمَهُ
مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ وَذَكَرَ فِي بَابَ الْقَدَرِ فِيهِ مِنَ الْآثَارِ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ نَحْوُ هَذَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ مَا رُوِيَ عَنْ
كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=30فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ قَالَ : مَنِ ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ لِلضَّلَالَةِ صَيَّرَهُ إِلَى الضَّلَالَةِ وَإِنْ
[ ص: 25 ] عَمِلَ بِأَعْمَالِ الْهُدَى ، وَمَنِ ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ عَلَى الْهُدَى صَيَّرَهُ إِلَى الْهُدَى وَإِنْ عَمِلَ بِأَعْمَالِ الضَّلَالَةَ ، ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَ إِبْلِيسٍ عَلَى الضَّلَالَةِ وَعَمِلَ بِأَعْمَالِ السَّعَادَةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ ، ثُمَّ رَدَّهُ اللَّهُ إِلَى مَا ابْتَدَأَ عَلَيْهِ خَلْقَهُ ، قَالَ : وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ .
قُلْتُ : قَدْ مَضَى قَوْلُ كَعْبٍ هَذَا فِي ( الْأَعْرَافِ ) وَجَاءَ مَعْنَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832285دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِنَازَةِ غُلَامٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ ، لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ ، قَالَ : أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ خَرَّجَهُ
ابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ . وَخَرَّجَ
أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832286خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ كِتَابَانِ فَقَالَ : أَتَدْرُونَ مَا هَذَانِ الْكِتَابَانِ ؟ فَقُلْنَا : لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِلَّا أَنْ تُخْبِرَنَا ; فَقَالَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ الْيُمْنَى : هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ ، ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا - ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي فِي شِمَالِهِ - هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ النَّارِ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا . . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ فِيهِ : حَدِيثٌ حَسَنٌ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَلَا قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832287كُلُّ مَوْلُودٌ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ الْعُمُومُ ؛ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالنَّاسِ الْمُؤْمِنُونَ ; إِذْ لَوْ فُطِرَ الْجَمِيعُ عَلَى الْإِسْلَامِ لَمَا كَفَرَ أَحَدٌ ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ خَلَقَ أَقْوَامًا لِلنَّارِ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ وَأَخْرَجَ الذُّرِّيَّةَ مِنْ صُلْبِ
آدَمَ سَوْدَاءَ وَبَيْضَاءَ . وَقَالَ فِي الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ
الْخَضِرُ : طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا . وَرَوَى
أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832288صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بِنَهَارٍ ; وَفِيهِ : وَكَانَ فِيمَا حَفِظْنَا أَنْ قَالَ : أَلَا إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا طَبَقَاتٍ شَتَّى فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَا مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَا كَافِرًا وَيَمُوتُ كَافِرًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَا مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ كَافِرًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَا كَافِرًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا ، وَمِنْهُمْ حَسَنُ الْقَضَاءِ حَسَنُ الطَّلَبِ . ذَكَرَهُ
حَمَّادُ بْنُ زَيْدِ بْنِ سَلَمَةَ فِي
[ ص: 26 ] مُسْنَدِ
الطَّيَالِسِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبِي نَضْرَةَ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ . قَالُوا : وَالْعُمُومُ بِمَعْنَى الْخُصُوصِ كَثِيرٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ ; أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=25تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ وَلَمْ تُدَمِّرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ وَلَمْ تُفْتَحْ عَلَيْهِمْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ الْحَنْظَلِيُّ : تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ أَيْ فَطَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ فِطْرَةً إِمَّا بِجَنَّةٍ أَوْ نَارٍ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832287كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَلِهَذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ قَالَ شَيْخُنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ : مَنْ قَالَ هِيَ سَابِقَةُ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ فَهَذَا إِنَّمَا يَلِيقُ بِالْفِطْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ وَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ فَلَا ; لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ بِأَنَّهَا تُبَدَّلُ وَتُغَيَّرُ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ : الْفِطْرَةُ هِيَ الْخِلْقَةُ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا الْمَوْلُودُ فِي الْمَعْرِفَةِ بِرَبِّهِ ; فَكَأَنَّهُ قَالَ : كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى خِلْقَةٍ يَعْرِفُ بِهَا رَبَّهُ إِذَا بَلَغَ مَبْلَغَ الْمَعْرِفَةِ ; يُرِيدُ خِلْقَةً مُخَالِفَةً لِخِلْقَةِ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَصِلُ بِخِلْقَتِهَا إِلَى مَعْرِفَتِهِ . وَاحْتَجُّوا عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ الْخِلْقَةُ ، وَالْفَاطِرَ الْخَالِقُ ; لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَعْنِي خَالِقَهُنَّ ، وَبِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=22وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي يَعْنِي خَلَقَنِي ، وَبِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=56الَّذِي فَطَرَهُنَّ يَعْنِي خَلَقَهُنَّ . قَالُوا : فَالْفِطْرَةُ الْخِلْقَةُ ، وَالْفَاطِرُ الْخَالِقُ ; وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ الْمَوْلُودُ يُفْطَرُ عَلَى كُفْرٍ أَوْ إِيمَانٍ أَوْ مَعْرِفَةٍ أَوْ إِنْكَارٍ . قَالُوا : وَإِنَّمَا الْمَوْلُودُ عَلَى السَّلَامَةِ فِي الْأَغْلَبِ خِلْقَةٍ وَطَبْعًا وَبِنْيَةً لَيْسَ مَعَهَا إِيمَانٌ وَلَا كُفْرٌ وَلَا إِنْكَارٌ وَلَا مَعْرِفَةٌ ; ثُمَّ يَعْتَقِدُونَ الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ إِذَا مَيَّزُوا . وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832289كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ - يَعْنِي سَالِمَةً -
nindex.php?page=hadith&LINKID=832290هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ يَعْنِي مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ . فَمَثَّلَ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ بِالْبَهَائِمِ لِأَنَّهَا تُولَدُ كَامِلَةَ الْخَلْقِ لَيْسَ فِيهَا نُقْصَانٌ ، ثُمَّ تُقْطَعُ آذَانُهَا بَعْدُ وَأُنُوفُهَا ; فَيُقَالُ : هَذِهِ بَحَائِرُ وَهَذِهِ سَوَائِبُ . يَقُولُ : فَكَذَلِكَ قُلُوبُ الْأَطْفَالِ فِي حِينِ وِلَادَتِهِمْ لَيْسَ لَهُمْ كُفْرٌ وَلَا إِيمَانٌ ، وَلَا مَعْرِفَةٌ وَلَا إِنْكَارٌ كَالْبَهَائِمِ السَّائِمَةِ ، فَلَمَّا بَلَغُوا اسْتَهْوَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَكَفَرَ أَكْثَرُهُمْ ، وَعَصَمَ اللَّهُ أَقَلَّهُمْ . قَالُوا : وَلَوْ كَانَ الْأَطْفَالُ قَدْ فُطِرُوا عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ فِي أَوَّلِيَّةِ أُمُورِهِمْ مَا انْتَقَلُوا عَنْهُ أَبَدًا ، وَقَدْ نَجِدُهُمْ يُؤْمِنُونَ ثُمَّ يَكْفُرُونَ . قَالُوا : وَيَسْتَحِيلُ فِي الْمَعْقُولِ أَنْ يَكُونَ الطِّفْلُ فِي حِينِ وِلَادَتِهِ يَعْقِلُ كُفْرًا أَوْ إِيمَانًا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَهُمْ فِي حَالٍ لَا يَفْقَهُونَ مَعَهَا شَيْئًا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
[ ص: 27 ] nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا فَمَنْ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا اسْتَحَالَ مِنْهُ كُفْرٌ أَوْ إِيمَانٌ ، أَوْ مَعْرِفَةٌ أَوْ إِنْكَارٌ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ الَّتِي يُولَدُ النَّاسُ عَلَيْهَا . وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا فِي هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=38كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَقْتَ الْعَمَلِ لَمْ يَرْتَهِنْ بِشَيْءٍ . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى دَفْعِ الْقَوَدِ وَالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَالْآثَامِ عَنْهُمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا كَانَتِ الْآخِرَةُ أَوْلَى بِذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَيَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ الْفِطْرَةُ الْمَذْكُورَةُ الْإِسْلَامَ ، كَمَا قَالَ
ابْنُ شِهَابٍ ; لِأَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ : قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَاعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ ، وَهَذَا مَعْدُومٌ مِنَ الطِّفْلِ ، لَا يَجْهَلُ ذَلِكَ ذُو عَقْلٍ . وَأَمَّا قَوْلُ
الْأَوْزَاعِيِّ : سَأَلْتُ
الزُّهْرِيَّ عَنْ رَجُلٍ
nindex.php?page=treesubj&link=23891_16568عَلَيْهِ رَقَبَةٌ أَيَجْزِي عَنْهُ الصَّبِيُّ أَنْ يُعْتِقَهُ وَهُوَ رَضِيعٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ; لِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ يَعْنِي الْإِسْلَامَ ; فَإِنَّمَا أَجْزَى عِتْقُهُ عِنْدَ مَنْ أَجَازَهُ ; لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ أَبَوَيْهِ . وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا : لَا يَجْزِي فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ إِلَّا مَنْ صَامَ وَصَلَّى ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ وَلَا فِي ( أَنْ يَخْتِمُ اللَّهُ لِلْعَبْدِ بِمَا قَضَاهُ لَهُ وَقَدَّرَهُ عَلَيْهِ ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ يُولَدُ حِينَ يُولَدُ مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا ; لِمَا شَهِدَتْ لَهُ الْعُقُولُ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَيْسَ مِمَّنْ يَعْقِلُ إِيمَانًا وَلَا كُفْرًا ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ : ( إِنَّ النَّاسَ خُلِقُوا عَلَى طَبَقَاتٍ ) لَيْسَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا مَطْعَنَ فِيهَا ; لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16621عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، وَقَدْ كَانَ
شُعْبَةُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ . عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ : ( يُولَدُ مُؤْمِنًا ) ؛ أَيْ يُولَدُ لِيَكُونَ مُؤْمِنًا ، وَيُولَدُ لِيَكُونَ كَافِرًا عَلَى سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ فِيهِ ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=832291خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَخَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ أَكْثَرُ مِنْ مُرَاعَاةِ مَا يُخْتَمُ بِهِ لَهُمْ ; لَا أَنَّهُمْ فِي حِينِ طُفُولَتِهِمْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ جَنَّةً أَوْ نَارًا ، أَوْ يَعْقِلُ كُفْرًا أَوْ إِيمَانًا .
قُلْتُ : وَإِلَى مَا اخْتَارَهُ
أَبُو عُمَرَ وَاحْتَجَّ لَهُ ، ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمُ
ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ ، وَشَيْخُنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَنَّهَا الْخِلْقَةُ وَالْهَيْئَةُ الَّتِي فِي نَفْسِ الطِّفْلِ الَّتِي هِيَ مُعَدَّةٌ وَمُهَيَّأَةٌ لِأَنْ يُمَيِّزَ بِهَا
[ ص: 28 ] مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَيَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى رَبِّهِ ، وَيَعْرِفُ شَرَائِعَهُ وَيُؤْمِنُ بِهِ ; فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الَّذِي هُوَ الْحَنِيفُ ، وَهُوَ فِطْرَةُ اللَّهِ الَّذِي عَلَى الْإِعْدَادِ لَهُ فَطَرَ الْبَشَرَ ، لَكِنْ تَعْرِضُهُمُ الْعَوَارِضُ ; وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832287كُلُّ مَوْلُودٌ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ فَذِكْرُ الْأَبَوَيْنِ إِنَّمَا هُوَ مِثَالٌ لِلْعَوَارِضِ الَّتِي هِيَ كَثِيرَةٌ . وَقَالَ شَيْخُنَا فِي عِبَارَتِهِ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ مُؤَهَّلَةً لِقَبُولِ الْحَقِّ ، كَمَا خَلَقَ أَعْيُنَهُمْ وَأَسْمَاعَهُمْ قَابِلَةً لِلْمَرْئِيَّاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ ، فَمَا دَامَتْ بَاقِيَةً عَلَى ذَلِكَ الْقَبُولِ وَعَلَى تِلْكَ الْأَهْلِيَّةِ أَدْرَكَتِ الْحَقَّ وَدِينَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ الدِّينُ الْحَقُّ . وَقَدْ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832289كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ يَعْنِي أَنَّ الْبَهِيمَةَ تَلِدُ وَلَدَهَا كَامِلَ الْخِلْقَةِ سَلِيمًا مِنَ الْآفَاتِ ، فَلَوْ تُرِكَ عَلَى أَصْلِ تِلْكَ الْخِلْقَةِ لَبَقِيَ كَامِلًا بَرِيئًا مِنَ الْعُيُوبِ ، لَكِنْ يُتَصَرَّفُ فِيهِ فَيُجْدَعُ أُذُنُهُ وَيُوسَمُ وَجْهُهُ ، فَتَطْرَأُ عَلَيْهِ الْآفَاتُ وَالنَّقَائِصُ فَيَخْرُجُ عَنِ الْأَصْلِ ; وَكَذَلِكَ الْإِنْسَانُ ، وَهُوَ تَشْبِيهٌ وَاقِعٌ وَوَجْهُهُ وَاضِحٌ .
قُلْتُ : وَهَذَا الْقَوْلُ مَعَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْمَعْنَى ، وَأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ حِينَ عَقَلُوا أَمْرَ الدُّنْيَا ، وَتَأَكَّدَتْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِمَا نَصَبَ مِنَ الْآيَاتِ الظَّاهِرَةِ : مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ; فَلَمَّا عَمِلَتْ أَهْوَاؤُهُمْ فِيهِمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَدَعَتْهُمْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةُ فَذَهَبَتْ بِأَهْوَائِهِمْ يَمِينًا وَشِمَالًا ، وَأَنَّهُمْ إِنْ مَاتُوا صِغَارًا فَهُمْ فِي الْجَنَّةِ ، أَعْنِي جَمِيعَ الْأَطْفَالِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ
آدَمَ مِنْ صُلْبِهِ فِي صُورَةِ الذَّرِّ أَقَرُّوا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا . ثُمَّ أَعَادَهُمْ فِي صُلْبِ
آدَمَ بَعْدَ أَنْ أَقَرُّوا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، وَأَنَّهُ اللَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ ، ثُمَّ يُكْتَبُ الْعَبْدُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا عَلَى الْكِتَابِ الْأَوَّلِ ; فَمَنْ كَانَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ شَقِيًّا عَمَّرَ حَتَّى يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْقَلَمُ فَيَنْقُضَ الْمِيثَاقَ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِ فِي صُلْبِ
آدَمَ بِالشِّرْكِ ، وَمَنْ كَانَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ سَعِيدًا عَمَّرَ حَتَّى يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْقَلَمُ فَيَصِيرُ سَعِيدًا ،
nindex.php?page=treesubj&link=28637وَمَنْ مَاتَ صَغِيرًا مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْقَلَمُ فَهُمْ مَعَ آبَائِهِمْ فِي الْجَنَّةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْقَلَمُ فَلَيْسَ يَكُونُونَ مَعَ آبَائِهِمْ ; لِأَنَّهُمْ مَاتُوا عَلَى الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ فِي صُلْبِ
آدَمَ وَلَمْ يَنْقُضِ الْمِيثَاقَ ،
[ ص: 29 ] ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ ، وَهُوَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28638أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832292اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ يَعْنِي لَوْ بَلَغُوا . وَدَلَّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَيْضًا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ حَدِيثُ الرُّؤْيَا ، وَفِيهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832293وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ . قَالَ فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ . وَهَذَا نَصٌّ يَرْفَعُ الْخِلَافَ ، وَهُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِيهَا عِلَلٌ وَلَيْسَتْ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ ; قَالَهُ
أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ . وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ
أَنَسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864482سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ : لَمْ تَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَيُجْزَوْا بِهَا فَيَكُونُوا مِنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ سَيِّئَاتٌ فَيُعَاقَبُوا عَلَيْهَا فَيَكُونُوا مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَهُمْ خَدَمٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ ذَكَرَهُ
يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ فِي التَّفْسِيرِ لَهُ . قَدْ زِدْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ ، وَذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْمُقْتَبَسِ فِي شَرْحِ مُوَطَّأِ
مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مَا ذَكَرَهُ
أَبُو عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .
وَذَكَرَ
إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ : أَخْبَرَنَا
جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12004أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ
ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : لَا يَزَالُ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُوَاتِيًا أَوْ مُتَقَارِبًا - أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُ هَاتَيْنِ - حَتَّى يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَنْظُرُوا فِي الْأَطْفَالِ وَالْقَدَرِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17294يَحْيَى بْنُ آدَمَ فَذَكَرْتُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16418لِابْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ : أَيَسْكُتُ الْإِنْسَانُ عَلَى الْجَهْلِ ؟ قُلْتُ : فَتَأْمُرُ بِالْكَلَامِ ؟ قَالَ فَسَكَتَ . وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا هِيَ الْفَقْرُ وَالْفَاقَةُ ; وَهَذَا حَسَنٌ ; فَإِنَّهُ مُنْذُ وُلِدَ إِلَى حِينِ يَمُوتُ فَقِيرٌ مُحْتَاجٌ ، نَعَمْ ، وَفِي الْآخِرَةِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ أَيْ هَذِهِ الْفِطْرَةُ لَا تَبْدِيلَ لَهَا مِنْ جِهَةِ الْخَالِقِ . وَلَا يَجِيءُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ هَذَا بِوَجْهٍ ; أَيْ لَا يَشْقَى مَنْ خَلَقَهُ سَعِيدًا ، وَلَا يَسْعَدُ مَنْ خَلَقَهُ شَقِيًّا . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الْمَعْنَى لَا تَبْدِيلَ لِدِينِ اللَّهِ ; وَقَالَهُ
قَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ وَالنَّخَعِيُّ ، قَالُوا : هَذَا مَعْنَاهُ فِي الْمُعْتَقَدَاتِ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ
[ ص: 30 ] الْمَعْنَى : لَا تَغْيِيرَ لِخَلْقِ اللَّهِ مِنَ الْبَهَائِمِ أَنْ تُخْصَى فُحُولُهَا ; فَيَكُونُ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=25279خِصَاءِ الْفُحُولِ مِنَ الْحَيَوَانِ . وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي ( النِّسَاءِ ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أَيْ ذَلِكَ الْقَضَاءُ الْمُسْتَقِيمُ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : ذَلِكَ الْحِسَابُ الْبَيِّنُ . وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أَيْ دِينُ الْإِسْلَامِ هُوَ الدِّينُ الْقَيِّمُ الْمُسْتَقِيمُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ أَيْ لَا يَتَفَكَّرُونَ فَيَعْلَمُونَ أَنَّ لَهُمْ خَالِقًا مَعْبُودًا ، وَإِلَهًا قَدِيمًا سَبَقَ قَضَاؤُهُ وَنَفَذَ حُكْمُهُ .