قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم
فيه خمس مسائل :
الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=29022قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17كانوا قليلا من الليل ما يهجعون معنى يهجعون ينامون ; والهجوع النوم ليلا ، والتهجاع النومة الخفيفة ; قال
أبو قيس بن الأسلت :
قد حصت البيضة رأسي فما أطعم نوما غير تهجاع
وقال
عمرو بن معدي كرب يتشوق أخته وكان أسرها
الصمة أبو دريد بن الصمة :
أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع
يقال : هجع يهجع هجوعا ، وهبغ يهبغ هبوغا بالغين المعجمة إذا نام ; قاله
الجوهري . واختلف في " ما " فقيل : صلة زائدة - قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي - والتقدير كانوا قليلا من الليل
[ ص: 35 ] يهجعون ; أي ينامون قليلا من الليل ويصلون أكثره . قال
عطاء : وهذا لما أمروا بقيام الليل . وكان
أبو ذر يحتجز ويأخذ العصا فيعتمد عليها حتى نزلت الرخصة
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قم الليل إلا قليلا الآية . وقيل : ليس " ما " صلة بل الوقف عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17قليلا ثم يبتدئ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17من الليل ما يهجعون ف " ما " للنفي وهو نفي النوم عنهم البتة . قال
الحسن : كانوا لا ينامون من الليل إلا أقله وربما نشطوا فجدوا إلى السحر . روي عن
يعقوب الحضرمي أنه قال : اختلفوا في تفسير هذه الآية فقال بعضهم : كانوا قليلا معناه كان عددهم يسيرا ثم ابتدأ فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17من الليل ما يهجعون على معنى من الليل يهجعون ; قال
ابن الأنباري : وهذا فاسد ; لأن الآية إنما تدل على قلة نومهم لا على قلة عددهم ، وبعد فلو ابتدأنا
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17من الليل ما يهجعون على معنى من الليل يهجعون لم يكن في هذا مدح لهم ; لأن الناس كلهم يهجعون من الليل إلا أن تكون ما جحدا . قلت : وعلى ما تأوله بعض الناس - وهو قول
الضحاك - من أن عددهم كان يسيرا يكون الكلام متصلا بما قبل من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=16إنهم كانوا قبل ذلك محسنين أي كان المحسنون قليلا ، ثم استأنف فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17من الليل ما يهجعون وعلى التأويل الأول ، والثاني يكون :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17كانوا قليلا من الليل خطابا مستأنفا بعد تمام ما تقدمه ويكون الوقف على
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17ما يهجعون ، وكذلك إن جعلت
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17قليلا خبر كان وترفع " ما " بقليل ; كأنه قال : كانوا قليلا من الليل هجوعهم . ف " ما " يجوز أن تكون نافية ، ويجوز أن تكون مع الفعل مصدرا ، ويجوز أن تكون رفعا على البدل من اسم كان ، التقدير كان هجوعهم قليلا من الليل ، وانتصاب قوله : قليلا إن قدرت " ما " زائدة مؤكدة ب " يهجعون " على تقدير كانوا وقتا قليلا أو هجوعا قليلا يهجعون ، وإن لم تقدر " ما " زائدة كان قوله : " قليلا " خبر كان ولم يجز نصبه ب " يهجعون " ; لأنه إذا قدر نصبه ب " يهجعون " مع تقدير " ما " مصدرا قدمت الصلة على الموصول . وقال
أنس وقتادة في تأويل الآية : أي كانوا يصلون بين العشاءين : المغرب والعشاء .
أبو العالية : كانوا لا ينامون بين العشاءين . وقاله
ابن وهب . وقال
مجاهد : نزلت في
الأنصار كانوا يصلون العشاءين في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم يمضون إلى
قباء . وقال
محمد بن علي بن الحسين : كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة . قال
الحسن : كأنه عد هجوعهم قليلا في جنب يقظتهم للصلاة . وقال
ابن عباس ومطرف : قل ليلة لا تأتي عليهم إلا يصلون لله فيها إما من أولها وإما من وسطها .
[ ص: 36 ] الثانية : روي عن بعض المتهجدين أنه أتاه آت في منامه فأنشده :
وكيف تنام الليل عين قريرة ولم تدر في أي المجالس تنزل
وروي عن رجل من
الأزد أنه قال : كنت لا أنام الليل فنمت في آخر الليل ، فإذا أنا بشابين أحسن ما رأيت ومعهما حلل ، فوقفا على كل مصل وكسواه حلة ، ثم انتهيا إلى النيام فلم يكسواهم ، فقلت لهما : اكسواني من حللكما هذه ; فقالا لي : إنها ليست حلة لباس إنما هي رضوان الله يحل على كل مصل . ويروى عن
أبي خلاد أنه قال : حدثني صاحب لي قال : فبينا أنا نائم ذات ليلة إذ مثلت لي القيامة ، فنظرت إلى أقوام من إخواني قد أضاءت وجوههم ، وأشرقت ألوانهم ، وعليهم الحلل من دون الخلائق ، فقلت : ما بال هؤلاء مكتسون والناس عراة ، ووجوههم مشرقة ووجوه الناس مغبرة ! فقال لي قائل : الذين رأيتهم مكتسون فهم المصلون بين الأذان والإقامة ، والذين وجوههم مشرقة فأصحاب السهر والتهجد ، قال : ورأيت أقواما على نجائب ، فقلت : ما بال هؤلاء ركبانا والناس مشاة حفاة ؟ فقال لي : هؤلاء الذين قاموا على أقدامهم تقربا لله تعالى فأعطاهم الله بذلك خير الثواب ; قال : فصحت في منامي : واها للعابدين ، ما أشرف مقامهم ! ثم استيقظت من منامي وأنا خائف .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=29022قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=18وبالأسحار هم يستغفرون مدح ثان ; أي يستغفرون من ذنوبهم ؛ قاله
الحسن .
nindex.php?page=treesubj&link=19753والسحر وقت يرجى فيه إجابة الدعاء . وقد مضى في " آل عمران " القول فيه . وقال
ابن عمر ومجاهد : أي يصلون وقت السحر فسموا الصلاة استغفارا . وقال
الحسن في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17كانوا قليلا من الليل ما يهجعون مدوا الصلاة من أول الليل إلى السحر ثم استغفروا في السحر .
ابن وهب : هي في
الأنصار ; يعني أنهم كانوا يغدون من
قباء فيصلون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم .
ابن وهب عن
ابن لهيعة عن
يزيد بن أبي حبيب قالوا : كانوا ينضحون لناس من
الأنصار بالدلاء على الثمار ثم يهجعون قليلا ، ثم يصلون آخر الليل .
الضحاك : صلاة الفجر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس : عرضت عملي على أعمال أهل الجنة فإذا قوم قد باينونا بونا بعيدا لا نبلغ أعمالهم
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وعرضت عملي على أعمال أهل النار فإذا قوم لا خير فيهم ، يكذبون بكتاب الله وبرسوله وبالبعث بعد الموت ، فوجدنا خيرنا منزلة قوما خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا .
الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=29022قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=19وفي أموالهم حق للسائل والمحروم مدح ثالث . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين وقتادة : الحق هنا الزكاة المفروضة . وقيل : إنه حق سوى الزكاة يصل به رحما ، أو يقري به ضيفا ، أو يحمل به كلا ، أو يغني محروما . وقاله
ابن عباس ; لأن السورة
[ ص: 37 ] مكية وفرضت الزكاة
بالمدينة .
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : والأقوى في هذه الآية أنها الزكاة ; لقوله تعالى في سورة " المعارج " :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=24والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم والحق المعلوم هو الزكاة التي بين الشرع قدرها وجنسها ووقتها ، فأما غيرها لمن يقول به فليس بمعلوم ; لأنه غير مقدر ولا مجنس ولا موقت .
الخامسة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=19للسائل والمحروم السائل الذي يسأل الناس لفاقته ; قاله
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب وغيرهما . والمحروم الذي حرم المال . واختلف في تعيينه ; فقال
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب وغيرهما : المحروم المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم . وقالت
عائشة رضي الله عنها : المحروم المحارف الذي لا يتيسر له مكسبه ; يقال : رجل محارف بفتح الراء أي محدود محروم ، وهو خلاف قولك مبارك . وقد حورف كسب فلان إذا شدد عليه في معاشه كأنه ميل برزقه عنه . وقال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : المحروم المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا ولا يعلم بحاجته . وقال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12691ومحمد ابن الحنفية : المحروم الذي يجيء بعد الغنيمة وليس له فيها سهم .
nindex.php?page=hadith&LINKID=866203روي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأصابوا وغنموا فجاء قوم بعد ما فرغوا فنزلت هذه الآيةnindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=19وفي أموالهم .
وقال
عكرمة : المحروم الذي لا يبقى له مال . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : هو الذي أصيب ثمره أو زرعه أو نسل ماشيته . وقال
القرظي : المحروم الذي أصابته الجائحة ثم قرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=66إنا لمغرمون بل نحن محرومون نظيره في قصة أصحاب الجنة حيث قالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=27بل نحن محرومون وقال
أبو قلابة : كان رجل من
أهل اليمامة له مال فجاء سيل فذهب بماله ، فقال رجل من أصحابه : هذا المحروم فاقسموا له . وقيل : إنه الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه . وهو يروى عن
ابن عباس أيضا . وقال
عبد الرحمن بن حميد : المحروم المملوك . وقيل : إنه الكلب ; روي أن
عمر بن عبد العزيز كان في طريق
مكة ، فجاء كلب فانتزع
عمر - رحمه الله - كتف شاة فرمى بها إليه وقال : يقولون إنه المحروم . وقيل : إنه من وجبت نفقته بالفقر من ذوي الأنساب ; لأنه قد حرم كسب نفسه حتى وجبت نفقته في مال غيره . وروى
ابن وهب عن
مالك : أنه الذي يحرم الرزق ، وهذا قول حسن ; لأنه يعم جميع الأقوال . وقال
الشعبي : لي اليوم سبعون سنة منذ احتلمت أسأل عن المحروم فما أنا
[ ص: 38 ] اليوم بأعلم مني فيه يومئذ . رواه
شعبة عن
عاصم الأحول عن
الشعبي . وأصله في اللغة الممنوع ; من الحرمان وهو المنع . قال
علقمة :
ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه أنى توجه والمحروم محروم
وعن
أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=866204أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم ، فيقول الله تعالى : وعزتي وجلالي لأقربنكم ولأبعدنهم ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=19وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ذكره
الثعلبي .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=29022قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ مَعْنَى يَهْجَعُونَ يَنَامُونَ ; وَالْهُجُوعُ النَّوْمُ لَيْلًا ، وَالتَّهْجَاعُ النَّوْمَةُ الْخَفِيفَةُ ; قَالَ
أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ :
قَدْ حَصَّتِ الْبَيْضَةُ رَأْسِي فَمَا أَطْعَمُ نَوْمًا غَيْرَ تَهْجَاعِ
وَقَالَ
عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ يَتَشَوَّقُ أُخْتَهُ وَكَانَ أَسَرَهَا
الصِّمَّةُ أَبُو دُرَيْدِ بْنُ الصِّمَّةِ :
أَمِنْ رَيْحَانَةِ الدَّاعِي السَّمِيعُ يُؤَرِّقُنِي وَأَصْحَابِي هُجُوعُ
يُقَالُ : هَجَعَ يَهْجَعُ هُجُوعًا ، وَهَبَغَ يَهْبَغُ هُبُوغًا بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ إِذَا نَامَ ; قَالَهُ
الْجَوْهَرِيُّ . وَاخْتُلِفَ فِي " مَا " فَقِيلَ : صِلَةٌ زَائِدَةٌ - قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ - وَالتَّقْدِيرُ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ
[ ص: 35 ] يَهْجَعُونَ ; أَيْ يَنَامُونَ قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ وَيُصَلُّونَ أَكْثَرَهُ . قَالَ
عَطَاءٌ : وَهَذَا لَمَّا أُمِرُوا بِقِيَامِ اللَّيْلِ . وَكَانَ
أَبُو ذَرٍّ يَحْتَجِزُ وَيَأْخُذُ الْعَصَا فَيَعْتَمِدُ عَلَيْهَا حَتَّى نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا الْآيَةَ . وَقِيلَ : لَيْسَ " مَا " صِلَةً بَلِ الْوَقْفُ عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17قَلِيلًا ثُمَّ يَبْتَدِئُ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ فَ " مَا " لِلنَّفْيِ وَهُوَ نَفْيُ النَّوْمِ عَنْهُمُ الْبَتَّةَ . قَالَ
الْحَسَنُ : كَانُوا لَا يَنَامُونَ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا أَقَلَّهُ وَرُبَّمَا نَشِطُوا فَجَدُّوا إِلَى السَّحَرِ . رُوِيَ عَنْ
يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ : اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : كَانُوا قَلِيلًا مَعْنَاهُ كَانَ عَدَدُهُمْ يَسِيرًا ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ عَلَى مَعْنَى مِنَ اللَّيْلِ يَهْجَعُونَ ; قَالَ
ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : وَهَذَا فَاسِدٌ ; لِأَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ نَوْمِهِمْ لَا عَلَى قِلَّةِ عَدَدِهِمْ ، وَبَعْدُ فَلَوِ ابْتَدَأْنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ عَلَى مَعْنَى مِنَ اللَّيْلِ يَهْجَعُونَ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا مَدْحٌ لَهُمْ ; لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَهْجَعُونَ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَا جَحْدًا . قُلْتُ : وَعَلَى مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ النَّاسِ - وَهُوَ قَوْلُ
الضَّحَّاكِ - مِنْ أَنَّ عَدَدَهُمْ كَانَ يَسِيرًا يَكُونُ الْكَلَامُ مُتَّصِلًا بِمَا قَبْلُ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=16إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ أَيْ كَانَ الْمُحْسِنُونَ قَلِيلًا ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ ، وَالثَّانِي يَكُونُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ خِطَابًا مُسْتَأْنَفًا بَعْدَ تَمَامِ مَا تَقَدَّمَهُ وَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17مَا يَهْجَعُونَ ، وَكَذَلِكَ إِنْ جَعَلْتَ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17قَلِيلًا خَبَرَ كَانَ وَتَرْفَعُ " مَا " بِقَلِيلٍ ; كَأَنَّهُ قَالَ : كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ هُجُوعُهُمْ . فَ " مَا " يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَافِيَةً ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْفِعْلِ مَصْدَرًا ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَفْعًا عَلَى الْبَدَلِ مِنَ اسْمِ كَانَ ، التَّقْدِيرُ كَانَ هُجُوعُهُمْ قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ، وَانْتِصَابُ قَوْلِهِ : قَلِيلًا إِنْ قَدَّرْتَ " مَا " زَائِدَةً مُؤَكَّدَةً بِ " يَهْجَعُونَ " عَلَى تَقْدِيرِ كَانُوا وَقْتًا قَلِيلًا أَوْ هُجُوعًا قَلِيلًا يَهْجَعُونَ ، وَإِنْ لَمْ تُقَدِّرْ " مَا " زَائِدَةً كَانَ قَوْلُهُ : " قَلِيلًا " خَبَرَ كَانَ وَلَمْ يَجُزْ نَصْبُهُ بِ " يَهْجَعُونَ " ; لِأَنَّهُ إِذَا قُدِّرَ نَصْبُهُ بِ " يَهْجَعُونَ " مَعَ تَقْدِيرِ " مَا " مَصْدَرًا قُدِّمَتِ الصِّلَةُ عَلَى الْمَوْصُولِ . وَقَالَ
أَنَسٌ وَقَتَادَةُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ : أَيْ كَانُوا يُصَلُّونَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ : الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ .
أَبُو الْعَالِيَةِ : كَانُوا لَا يَنَامُونَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ . وَقَالَهُ
ابْنُ وَهْبٍ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : نَزَلَتْ فِي
الْأَنْصَارِ كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِشَاءَيْنِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَمْضُونَ إِلَى
قُبَاءَ . وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ : كَانُوا لَا يَنَامُونَ حَتَّى يُصَلُّوا الْعَتَمَةَ . قَالَ
الْحَسَنُ : كَأَنَّهُ عَدَّ هُجُوعَهُمْ قَلِيلًا فِي جَنْبِ يَقَظَتِهِمْ لِلصَّلَاةِ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُطَرِّفٌ : قَلَّ لَيْلَةً لَا تَأْتِي عَلَيْهِمْ إِلَّا يُصَلُّونَ لِلَّهِ فِيهَا إِمَّا مِنْ أَوَّلِهَا وَإِمَّا مِنْ وَسَطِهَا .
[ ص: 36 ] الثَّانِيَةُ : رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَهَجِّدِينَ أَنَّهُ أَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فَأَنْشَدَهُ :
وَكَيْفَ تَنَامُ اللَّيْلَ عَيْنٌ قَرِيرَةٌ وَلَمْ تَدْرِ فِي أَيِ الْمَجَالِسِ تَنْزِلُ
وَرُوِيَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ
الْأَزْدِ أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ لَا أَنَامُ اللَّيْلَ فَنِمْتُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ ، فَإِذَا أَنَا بِشَابَّيْنِ أَحْسَنَ مَا رَأَيْتُ وَمَعَهُمَا حُلَلٌ ، فَوَقَفَا عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ وَكَسَوَاهُ حُلَّةً ، ثُمَّ انْتَهَيَا إِلَى النِّيَامِ فَلَمْ يَكْسُوَاهُمْ ، فَقُلْتُ لَهُمَا : اكْسُوَانِي مِنْ حُلَلِكُمَا هَذِهِ ; فَقَالَا لِي : إِنَّهَا لَيْسَتْ حُلَّةَ لِبَاسٍ إِنَّمَا هِيَ رِضْوَانُ اللَّهِ يَحُلُّ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ . وَيُرْوَى عَنْ
أَبِي خَلَّادٍ أَنَّهُ قَالَ : حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لِي قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ مُثِّلَتْ لِيَ الْقِيَامَةُ ، فَنَظَرْتُ إِلَى أَقْوَامٍ مِنْ إِخْوَانِي قَدْ أَضَاءَتْ وُجُوهُهُمْ ، وَأَشْرَقَتْ أَلْوَانُهُمْ ، وَعَلَيْهِمُ الْحُلَلُ مِنْ دُونِ الْخَلَائِقِ ، فَقُلْتُ : مَا بَالُ هَؤُلَاءِ مُكْتَسُونَ وَالنَّاسُ عُرَاةٌ ، وَوُجُوهُهُمْ مُشْرِقَةٌ وَوُجُوهُ النَّاسِ مُغْبَرَّةٌ ! فَقَالَ لِي قَائِلٌ : الَّذِينَ رَأَيْتَهُمْ مُكْتَسُونَ فَهُمُ الْمُصَلُّونَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ، وَالَّذِينَ وُجُوهُهُمْ مُشْرِقَةٌ فَأَصْحَابُ السَّهَرِ وَالتَّهَجُّدِ ، قَالَ : وَرَأَيْتُ أَقْوَامًا عَلَى نَجَائِبَ ، فَقُلْتُ : مَا بَالُ هَؤُلَاءِ رُكْبَانًا وَالنَّاسُ مُشَاةٌ حُفَاةٌ ؟ فَقَالَ لِي : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَامُوا عَلَى أَقْدَامِهِمْ تَقَرُّبًا لِلَّهِ تَعَالَى فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ خَيْرَ الثَّوَابِ ; قَالَ : فَصِحْتُ فِي مَنَامِي : وَاهًا لِلْعَابِدِينَ ، مَا أَشْرَفَ مَقَامَهُمْ ! ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ مِنْ مَنَامِي وَأَنَا خَائِفٌ .
الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29022قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=18وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ مَدْحٌ ثَانٍ ; أَيْ يَسْتَغْفِرُونَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ ؛ قَالَهُ
الْحَسَنُ .
nindex.php?page=treesubj&link=19753وَالسَّحَرُ وَقْتٌ يُرْجَى فِيهِ إِجَابَةُ الدُّعَاءِ . وَقَدْ مَضَى فِي " آلِ عِمْرَانَ " الْقَوْلُ فِيهِ . وَقَالَ
ابْنُ عُمَرَ وَمُجَاهِدٌ : أَيْ يُصَلُّونَ وَقْتَ السَّحَرِ فَسَمَّوُا الصَّلَاةَ اسْتِغْفَارًا . وَقَالَ
الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ مَدُّوا الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى السَّحَرِ ثُمَّ اسْتَغْفَرُوا فِي السَّحَرِ .
ابْنُ وَهْبٍ : هِيَ فِي
الْأَنْصَارِ ; يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَغْدُونَ مِنْ
قُبَاءَ فَيُصَلُّونَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ابْنُ وَهْبٍ عَنِ
ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالُوا : كَانُوا يَنْضَحُونَ لِنَاسٍ مِنَ
الْأَنْصَارِ بِالدِّلَاءِ عَلَى الثِّمَارِ ثُمَّ يَهْجَعُونَ قَلِيلًا ، ثُمَّ يُصَلُّونَ آخِرَ اللَّيْلِ .
الضَّحَّاكُ : صَلَاةُ الْفَجْرِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13669الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ : عَرَضْتُ عَمَلِي عَلَى أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِذَا قَوْمٌ قَدْ بَايَنُونَا بَوْنًا بَعِيدًا لَا نَبْلُغُ أَعْمَالَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=17كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَعَرَضْتُ عَمَلِي عَلَى أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ لَا خَيْرَ فِيهِمْ ، يُكَذِّبُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَوَجَدْنَا خَيْرَنَا مَنْزِلَةً قَوْمًا خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا .
الرَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29022قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=19وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ مَدْحٌ ثَالِثٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَقَتَادَةُ : الْحَقُّ هُنَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ . وَقِيلَ : إِنَّهُ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ يَصِلُ بِهِ رَحِمًا ، أَوْ يَقْرِي بِهِ ضَيْفًا ، أَوْ يَحْمِلُ بِهِ كَلًّا ، أَوْ يُغْنِي مَحْرُومًا . وَقَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ ; لِأَنَّ السُّورَةَ
[ ص: 37 ] مَكِّيَّةٌ وَفُرِضَتِ الزَّكَاةُ
بِالْمَدِينَةِ .
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَالْأَقْوَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهَا الزَّكَاةُ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْمَعَارِجِ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=24وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَالْحَقُّ الْمَعْلُومُ هُوَ الزَّكَاةُ الَّتِي بَيَّنَ الشَّرْعُ قَدْرَهَا وَجِنْسَهَا وَوَقْتَهَا ، فَأَمَّا غَيْرُهَا لِمَنْ يَقُولُ بِهِ فَلَيْسَ بِمَعْلُومٍ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَلَا مُجَنَّسٍ وَلَا مُوَقَّتٍ .
الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=19لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ السَّائِلُ الَّذِي يَسْأَلُ النَّاسَ لِفَاقَتِهِ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُهُمَا . وَالْمَحْرُومُ الَّذِي حُرِمَ الْمَالَ . وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِهِ ; فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُهُمَا : الْمَحْرُومُ الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ سَهْمٌ . وَقَالَتْ
عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : الْمَحْرُومُ الْمُحَارَفُ الَّذِي لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ مَكْسَبُهُ ; يُقَالُ : رَجُلٌ مُحَارَفٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ مَحْدُودٌ مَحْرُومٌ ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِكَ مُبَارَكٌ . وَقَدْ حُورِفَ كَسْبُ فُلَانٍ إِذَا شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي مَعَاشِهِ كَأَنَّهُ مِيلَ بِرِزْقِهِ عَنْهُ . وَقَالَ
قَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ : الْمَحْرُومُ الْمُتَعَفِّفُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَا يُعْلَمُ بِحَاجَتِهِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=12691وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : الْمَحْرُومُ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَ الْغَنِيمَةِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا سَهْمٌ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=866203رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فَأَصَابُوا وَغَنِمُوا فَجَاءَ قَوْمٌ بَعْدَ مَا فَرَغُوا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُnindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=19وَفِي أَمْوَالِهِمْ .
وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : الْمَحْرُومُ الَّذِي لَا يَبْقَى لَهُ مَالٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ : هُوَ الَّذِي أُصِيبَ ثَمَرُهُ أَوْ زَرْعُهُ أَوْ نَسْلُ مَاشِيَتِهِ . وَقَالَ
الْقُرَظِيُّ : الْمَحْرُومُ الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ ثُمَّ قَرَأَ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=66إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ نَظِيرُهُ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ حَيْثُ قَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=27بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ وَقَالَ
أَبُو قِلَابَةَ : كَانَ رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ الْيَمَامَةِ لَهُ مَالٌ فَجَاءَ سَيْلٌ فَذَهَبَ بِمَالِهِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : هَذَا الْمَحْرُومُ فَاقْسِمُوا لَهُ . وَقِيلَ : إِنَّهُ الَّذِي يَطْلُبُ الدُّنْيَا وَتُدْبِرُ عَنْهُ . وَهُوَ يُرْوَى عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا . وَقَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ : الْمَحْرُومُ الْمَمْلُوكُ . وَقِيلَ : إِنَّهُ الْكَلْبُ ; رُوِيَ أَنَّ
عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ فِي طَرِيقِ
مَكَّةَ ، فَجَاءَ كَلْبٌ فَانْتَزَعَ
عُمَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَتِفَ شَاةٍ فَرَمَى بِهَا إِلَيْهِ وَقَالَ : يَقُولُونَ إِنَّهُ الْمَحْرُومُ . وَقِيلَ : إِنَّهُ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ بِالْفَقْرِ مِنْ ذَوِي الْأَنْسَابِ ; لِأَنَّهُ قَدْ حُرِمَ كَسْبَ نَفْسِهِ حَتَّى وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ . وَرَوَى
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
مَالِكٍ : أَنَّهُ الَّذِي يُحْرَمُ الرِّزْقَ ، وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ ; لِأَنَّهُ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَقْوَالِ . وَقَالَ
الشَّعْبِيُّ : لِيَ الْيَوْمَ سَبْعُونَ سَنَةً مُنْذُ احْتَلَمْتُ أَسْأَلُ عَنِ الْمَحْرُومِ فَمَا أَنَا
[ ص: 38 ] الْيَوْمَ بِأَعْلَمَ مِنِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ . رَوَاهُ
شُعْبَةُ عَنْ
عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنِ
الشَّعْبِيِّ . وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الْمَمْنُوعُ ; مِنَ الْحِرْمَانِ وَهُوَ الْمَنْعُ . قَالَ
عَلْقَمَةُ :
وَمُطْعَمُ الْغُنْمِ يَوْمَ الْغُنْمِ مُطْعَمُهُ أَنَّى تَوَجَّهَ وَالْمَحْرُومُ مَحْرُومُ
وَعَنْ
أَنَسٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=866204أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وَيْلٌ لِلْأَغْنِيَاءِ مِنَ الْفُقَرَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُونَ رَبَّنَا ظَلَمُونَا حُقُوقَنَا الَّتِي فُرِضَتْ لَنَا عَلَيْهِمْ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُقَرِّبَنَّكُمْ وَلَأُبْعِدَنَّهُمْ ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=19وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ذَكَرَهُ
الثَّعْلَبِيُّ .