اختلف أهل التأويل في معنى قوله : واللاتي تخافون نشوزهن .
فقال بعضهم : معناه : واللاتي تعلمون نشوزهن . ووجه صرف " الخوف " في هذا الموضع إلى " العلم " في قول هؤلاء - نظير صرف " الظن " إلى " العلم " ؛ لتقارب معنييهما ، إذ كان " الظن " شكا ، وكان " الخوف " مقرونا برجاء ، وكانا جميعا من فعل المرء بقلبه كما قال الشاعر :
ولا تدفنني في الفلاة فإنني أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
معناه : فإنني أعلم ، وكما قال الآخر :
[ ص: 299 ]
أتاني كلام عن نصيب يقوله وما خفت يا سلام أنك عائبي
بمعنى : وما ظننت .
وقال جماعة من أهل التأويل :
معنى " الخوف " في هذا الموضع - الخوف الذي هو خلاف " الرجاء " . قالوا : معنى ذلك : إذا رأيتم منهن ما تخافون أن ينشزن عليكم من نظر إلى ما لا ينبغي لهن أن ينظرن إليه ، ويدخلن ويخرجن ، واستربتم بأمرهن ، فعظوهن واهجروهن . وممن قال ذلك محمد بن كعب .
وأما قوله : " نشوزهن " فإنه يعني : استعلاءهن على أزواجهن ، وارتفاعهن عن فرشهم بالمعصية منهن ، والخلاف عليهم فيما لزمهن طاعتهم فيه ، بغضا منهن وإعراضا عنهم .
وأصل " النشوز " الارتفاع . ومنه قيل للمكان المرتفع من الأرض : " نشز " و " نشاز " .
" فعظوهن " يقول : ذكروهن الله ، وخوفوهن وعيده في ركوبها ما حرم الله عليها من معصية زوجها فيما أوجب عليها طاعته فيه .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال : " النشوز " البغض ومعصية الزوج .
9335 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا [ ص: 300 ] أسباط ، عن : السدي واللاتي تخافون نشوزهن قال : بغضهن .
9336 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : واللاتي تخافون نشوزهن قال : التي تخاف معصيتها . قال : " النشوز " معصيته وخلافه .
9337 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : واللاتي تخافون نشوزهن تلك المرأة تنشز ، وتستخف بحق زوجها ولا تطيع أمره .
9338 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا روح قال : حدثنا قال : قال ابن جريج عطاء : " النشوز " أن تحب فراقه ، والرجل كذلك .
ذكر الرواية عمن قال ما قلنا في قوله : " فعظوهن " .
9339 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " فعظوهن " يعني : عظوهن بكتاب الله . قال : أمره الله إذا نشزت أن يعظها ويذكرها الله ، ويعظم حقه عليها .
9340 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن ، قال : إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها يقول لها : " اتقي الله وارجعي إلى فراشك " ! فإن أطاعته ، فلا سبيل له عليها .
9341 - حدثني المثنى قال : حدثنا قال : حدثنا عمرو بن عون هشيم ، [ ص: 301 ] عن يونس ، عن الحسن قال : إذا فليعظها بلسانه . يقول : يأمرها بتقوى الله وطاعته . نشزت المرأة على زوجها
9342 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن موسى بن عبيدة ، عن قال : إذا رأى الرجل خفة في بصرها ومدخلها ومخرجها قال : يقول لها بلسانه : قد رأيت منك كذا وكذا فانتهي . فإن أعتبت فلا سبيل له عليها . وإن أبت هجر مضجعها . محمد بن كعب القرظي
9343 - حدثني المثنى قال : حدثنا قال : حدثنا حبان بن موسى ابن المبارك قال : أخبرنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : فعظوهن قال : إذا فإنه يقول لها : اتقي الله وارجعي . نشزت المرأة عن فراش زوجها
9344 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عطاء : فعظوهن قال : بالكلام .
9345 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن قوله : فعظوهن قال : بالألسنة . ابن جريج
9346 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير : فعظوهن قال : عظوهن باللسان .