الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وكان الله على كل شيء مقيتا ( 85 ) )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : وكان الله على كل شيء مقيتا " .

فقال بعضهم : تأويله وكان الله على كل شيء حفيظا وشهيدا .

ذكر من قال ذلك :

10024 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " وكان الله على كل شيء مقيتا " يقول : حفيظا .

10025 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " مقيتا " شهيدا .

10026 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل اسمه مجاهد ، عن مجاهد مثله .

10027 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : " مقيتا " قال : شهيدا ، حسيبا ، حفيظا .

10028 - حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم قال : حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال : حدثنا أبي ، عن خصيف ، عن مجاهد أبي الحجاج : وكان الله على كل شيء مقيتا قال : المقيت الحسيب . [ ص: 584 ]

وقال آخرون : معنى ذلك : القائم على كل شيء بالتدبير .

ذكر من قال ذلك :

10029 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال عبد الله بن كثير : وكان الله على كل شيء مقيتا قال : المقيت : الواصب .

وقال آخرون : هو القدير .

ذكر من قال ذلك :

10030 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : وكان الله على كل شيء مقيتا : أما المقيت فالقدير .

10031 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وكان الله على كل شيء مقيتا " قال : على كل شيء قديرا ، المقيت : القدير .

قال أبو جعفر : والصواب من هذه الأقوال قول من قال : معنى " المقيت " القدير ؛ وذلك أن ذلك فيما يذكر كذلك بلغة قريش ، وينشد للزبير بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :


وذي ضغن كففت النفس عنه وكنت على مساءته مقيتا



أي : قادرا . وقد قيل إن منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : [ ص: 585 ]

10032 - " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقيت " .

في رواية من رواها : " يقيت " يعني : من هو تحت يديه وفي سلطانه من أهله وعياله ، فيقدر له قوته . يقال منه : أقات فلان الشيء يقيته إقاتة ، وقاته يقوته قياتة وقوتا ، والقوت الاسم . وأما المقيت في بيت اليهودي الذي يقول فيه :


ليت شعري ، وأشعرن إذا ما     قربوها منشورة ودعيت !
ألي الفضل أم علي إذا حوسبت ؟     إني على الحساب مقيت



فإن معناه : فإني على الحساب موقوف ، وهو من غير هذا المعنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية