قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : مريدا إتلاف نفسه ومن يقتل مؤمنا عامدا قتله ، فجزاؤه جهنم يقول : فثوابه من قتله إياه جهنم يعني : عذاب جهنم خالدا فيها يعني : باقيا فيها و "الهاء" و "الألف" في قوله : فيها من ذكر "جهنم" وغضب الله عليه يقول : وغضب الله عليه بقتله إياه متعمدا ولعنه يقول : وأبعده من رحمته وأخزاه وأعد له عذابا عظيما وذلك ما لا يعلم قدر مبلغه سواه تعالى ذكره .
واختلف أهل التأويل في بعد إجماع جميعهم على أنه إذا ضرب رجل رجلا بحد حديد يجرح بحده ، أو يبضع ويقطع ، فلم يقلع عنه ضربا به حتى أتلف نفسه ، وهو في حال ضربه إياه به قاصد ضربه : أنه عامد قتله . ثم اختلفوا فيما عدا ذلك . فقال بعضهم : لا عمد إلا ما كان كذلك على الصفة التي وصفنا . صفة القتل الذي يستحق صاحبه أن يسمى متعمدا ،
ذكر من قال ذلك :
10174 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة قال : أخبرنا قال : قال ابن جريج عطاء : "العمد" ، السلاح أو قال : الحديد قال : وقال : هو السلاح . [ ص: 58 ] سعيد بن المسيب
10175 - حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : العمد ما كان بحديدة ، وما كان بدون حديدة ، فهو شبه العمد ، لا قود فيه .
10176 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن المغيرة ، عن إبراهيم قال : العمد ما كان بحديدة ، وشبه العمد ما كان بخشبة . وشبه العمد لا يكون إلا في النفس .
10178 - حدثني أحمد بن حماد الدولابي قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن طاوس قال : من قتل في عصبية ، في رمي يكون منهم بحجارة ، أو جلد بالسياط ، أو ضرب بالعصا ، فهو خطأ ، ديته دية الخطأ . ومن قتل عمدا فهو قود يده .
10179 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، ومغيرة ، عن الحارث وأصحابه ، في الرجل يضرب الرجل فيكون مريضا حتى يموت ، قال : أسأل الشهود أنه ضربه ، فلم يزل مريضا من ضربته حتى مات ، فإن كان بسلاح فهو قود ، وإن كان بغير ذلك فهو شبه العمد .
وقال آخرون : كل ما عمد الضارب إتلاف نفس المضروب فهو عمد ، إذا كان الذي ضرب به الأغلب منه أنه يقتل .
ذكر من قال ذلك :
10180 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى ، عن حبان بن أبي جبلة ، عن أنه قال : وأي [ ص: 59 ] عمد هو أعمد من أن يضرب رجلا بعصا ، ثم لا يقلع عنه حتى يموت؟ . عبيد بن عمير
10181 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن أبي هاشم ، عن إبراهيم قال : إذا خنقه بحبل حتى يموت ، أو ضربه بخشبة حتى يموت ، فهو القود .
وعلة من قال : "كل ما عدا الحديد خطأ" ، ما : -
10182 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن جابر ، عن أبي عازب ، عن النعمان بن بشير قال : [ ص: 60 ] قال النبي صلى الله عليه وسلم : كل شيء خطأ إلا السيف ، ولكل خطأ أرش
وعلة من قال : "حكم كل ما قتل المضروب به من شيء ، حكم السيف ، في أن من قتل به قتيل عمد" ، ما : -
10183 - حدثنا به ابن بشار قال : حدثنا أبو الوليد قال : حدثنا همام ، عن قتادة ، أنس بن مالك : أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها بين حجرين ، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقتله بين حجرين . عن
قالوا : فأقاد النبي صلى الله عليه وسلم من قاتل بحجر ، وذلك غير حديد . قالوا : وكذلك حكم كل من نظير حكم اليهودي القاتل الجارية بين الحجرين . قتل رجلا بشيء الأغلب منه أنه يقتل مثل المقتول به ،
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا ، قول من قال : كل من : أنه قاتل عمد ، ما كان المضروب به من شيء ، للذي ذكرنا من الخبر عن [ ص: 61 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم . ضرب إنسانا بشيء الأغلب منه أنه يتلفه ، فلم يقلع عنه حتى أتلف نفسه به
وأما قوله : فجزاؤه جهنم خالدا فيها فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه . فقال بعضهم معناه : فجزاؤه جهنم إن جازاه .
ذكر من قال ذلك :
10184 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا عن ابن علية ، سليمان التيمي ، عن أبي مجلز في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : هو جزاؤه ، وإن شاء تجاوز عنه .
10185 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن المثنى أبو النعمان الحكم بن عبد الله قال : حدثنا شعبة ، عن يسار ، عن أبي صالح : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : جزاؤه جهنم إن جازاه .
وقال آخرون : عني بذلك رجل بعينه ، كان أسلم فارتد عن إسلامه ، وقتل رجلا مؤمنا . قالوا : فمعنى الآية : ومن يقتل مؤمنا متعمدا مستحلا قتله ، فجزاؤه جهنم خالدا فيها .
ذكر من قال ذلك :
10186 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، عكرمة : أن رجلا من الأنصار قتل أخا مقيس بن صبابة ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الدية فقبلها ، ثم وثب على قاتل أخيه فقتله . قال : وقال غيره : ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ديته على ابن جريج بني النجار ، ثم بعث مقيسا ، وبعث معه رجلا من بني فهر في حاجة للنبي صلى الله عليه وسلم ، فاحتمل مقيس الفهري وكان أيدا فضرب به الأرض ، [ ص: 62 ] ورضخ رأسه بين حجرين ، ثم ألفى يتغنى :
ثأرت به فهرا ، وحملت عقله سراة بني النجار أرباب فارع
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أظنه قد أحدث حدثا! أما والله لئن كان فعل ، لا أومنه في حل ولا حرم ولا سلم ولا حرب ! فقتل يوم الفتح . قال : وفيه نزلت هذه الآية : " ابن جريج ومن يقتل مؤمنا متعمدا " الآية ، 75
وقال آخرون : معنى ذلك : إلا من تاب .
ذكر من قال ذلك :
10187 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور قال : حدثني سعيد بن جبير أو : حدثني الحكم ، عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : إن الرجل إذا عرف الإسلام وشرائع الإسلام ، ثم قتل مؤمنا متعمدا ، فجزاؤه جهنم ، ولا توبة [ ص: 63 ] له فذكرت ذلك لمجاهد فقال : إلا من ندم .
وقال آخرون : ذلك إيجاب من الله الوعيد لقاتل المؤمن متعمدا ، كائنا من كان القاتل ، على ما وصفه في كتابه ، ولم يجعل له توبة من فعله . قالوا : فكل قاتل مؤمن عمدا ، فله ما أوعده الله من العذاب والخلود في النار ، ولا توبة له . وقالوا : نزلت هذه الآية بعد التي في "سورة الفرقان" .
ذكر من قال ذلك :
10188 - حدثنا ابن حميد قالا حدثنا وابن وكيع جرير ، عن يحيى الجابر ، عن قال : كنا عند سالم بن أبي الجعد ابن عباس بعد ما كف بصره ، فأتاه رجل فناداه : يا ما ترى في رجل قتل مؤمنا متعمدا؟ فقال : عبد الله بن عباس ، جزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما قال : أفرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال ابن عباس : ثكلته أمه! وأنى له التوبة والهدى؟ فوالذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : ثكلته أمه! رجل قتل رجلا متعمدا جاء يوم القيامة آخذا بيمينه أو بشماله ، تشخب أوداجه دما ، في قبل عرش الرحمن ، يلزم قاتله بيده الأخرى يقول : سل هذا فيم قتلني؟ ووالذي نفس عبد الله بيده ، لقد أنزلت هذه الآية ، فما نسختها من آية حتى قبض نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وما نزل بعدها من برهان . [ ص: 64 ]
10189 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو خالد : عن عمرو بن قيس ، عن يحيى بن الحارث التيمي ، عن سالم بن أبي الجعد ، ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما فقيل له : وإن تاب وآمن وعمل صالحا! فقال : وأنى له التوبة! عن
10190 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا موسى بن داود قال : حدثنا همام ، عن يحيى ، عن رجل ، عن سالم قال : كنت جالسا مع ابن عباس ، فسأله رجل فقال : أرأيت رجلا قتل مؤمنا متعمدا ، أين منزله؟ قال : جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما قال : أفرأيت إن هو قال : وأنى له الهدى ، ثكلته أمه؟ والذي نفسي بيده لسمعته يقول - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - يجيء يوم القيامة معلقا رأسه بإحدى يديه ، إما بيمينه أو بشماله ، آخذا صاحبه بيده الأخرى ، تشخب أوداجه حيال عرش الرحمن ، يقول : يا رب ، سل عبدك هذا علام قتلني؟ فما جاء نبي بعد نبيكم ، ولا نزل كتاب بعد كتابكم . [ ص: 65 ] تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى؟
10191 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا قبيصة قال : حدثنا عمار بن رزيق ، عن عن عمار الدهني ، سالم بن أبي الجعد ، ابن عباس : بنحوه إلا أنه قال في حديثه : فوالله لقد أنزلت على نبيكم ، ثم ما نسخها شيء ، ولقد سمعته يقول : ويل لقاتل المؤمن ، يجيء يوم القيامة آخذا رأسه بيده ثم ذكر الحديث نحوه . عن
10192 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير قال : قال لي عبد الرحمن بن أبزى : سئل ابن عباس عن قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، فقال : لم ينسخها شيء . وقال في هذه الآية : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) [ سورة الفرقان : 68 ] . قال : نزلت في أهل الشرك .
10193 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن المثنى محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن سعيد بن جبير قال : أمرني عبد الرحمن بن أبزى أن أسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين ، فذكر نحوه .
10194 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن منصور قال : حدثني سعيد بن جبير أو : حدثت عن سعيد بن جبير : أن عبد الرحمن بن أبزى أمره أن يسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين التي في "النساء" : [ ص: 66 ] " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " إلى آخر الآية والتي في "الفرقان" : ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) إلى ( ويخلد فيه مهانا ) ، قال ابن عباس : إذا دخل الرجل في الإسلام وعلم شرائعه وأمره ، ثم قتل مؤمنا متعمدا ، فلا توبة له . وأما التي في "الفرقان" ، فإنها لما أنزلت قال المشركون من أهل مكة : فقد عدلنا بالله ، وقتلنا النفس التي حرم الله بغير الحق ، وأتينا الفواحش ، فما ينفعنا الإسلام! قال فنزلت : ( إلا من تاب ) الآية 75
10195 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : ما نسخها شيء .
10196 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا شعبة ، عن المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : هي من آخر ما نزلت ، ما نسخها شيء .
10197 - حدثنا قال : حدثنا ابن المثنى محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير قال : اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن ، فدخلت إلى ابن عباس فسألته فقال : لقد نزلت في آخر ما أنزل من القرآن ، وما نسخها شيء .
10198 - حدثني المثنى قال : حدثنا آدم العسقلاني قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا أبو إياس معاوية بن قرة قال : أخبرني قال : [ ص: 67 ] سمعت شهر بن حوشب ابن عباس يقول : نزلت هذه الآية : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " بعد قوله : ( إلا من تاب وآمن وعمل صالحا ) ، بسنة .
10199 - حدثنا قال : حدثنا ابن المثنى سلم بن قتيبة قال : حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن ابن عباس قال : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : نزلت بعد ( إلا من تاب ) ، بسنة .
10200 - حدثنا قال : حدثنا ابن المثنى عبد الصمد بن عبد الوارث قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا أبو إياس قال : حدثني من سمع ابن عباس يقول في قاتل المؤمن : نزلت بعد ذلك بسنة . فقلت لأبي إياس : من أخبرك؟ فقال : . شهر بن حوشب
10201 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن أبي حصين ، عن سعيد ، عن ابن عباس في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " ، قال : ليس لقاتل توبة ، إلا أن يستغفر الله .
10202 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " الآية ، قال عطية : وسئل عنها ابن عباس ، فزعم أنها نزلت بعد الآية التي في "سورة الفرقان" بثماني سنين ، وهو قوله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) إلى قوله : ( غفورا رحيما ) .
10203 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن مطرف عن عن أبي السفر ، ناجية ، عن ابن عباس قال : هما المبهمتان : الشرك والقتل .
10204 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : أكبر الكبائر الإشراك [ ص: 68 ] بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، لأن الله سبحانه يقول : " فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " .
10205 - حدثني المثنى قال : حدثنا قال : أخبرنا عمرو بن عون هشيم ، عن بعض أشياخه الكوفيين ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن ابن مسعود في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : إنها لمحكمة ، وما تزداد إلا شدة .
10206 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عثمان بن سعيد قال : حدثني هياج بن بسطام ، عن محمد بن عمرو ، عن عن موسى بن عقبة ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، قال : نزلت "سورة النساء" بعد "سورة الفرقان" بستة أشهر . زيد بن ثابت
10207 - حدثنا ابن البرقي قال : حدثنا ابن أبي مريم قال : أخبرنا نافع بن يزيد قال : حدثني أبو صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس : يأتي المقتول يوم القيامة آخذا رأسه بيمينه وأوداجه تشخب دما ، يقول : يا رب ، دمي عند فلان! فيؤخذان فيسندان إلى العرش ، فما أدري ما يقضى بينهما . ثم نزع بهذه الآية : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها " الآية ، 75 قال ابن عباس : والذي نفسي بيده ، ما نسخها الله جل وعز منذ أنزلها على نبيكم عليه السلام .
10208 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عن يحيى بن آدم ، ابن عيينة ، [ ص: 69 ] عن قال : سمعت رجلا يحدث أبي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت ، قال : سمعت أباك يقول : نزلت الشديدة بعد الهينة بستة أشهر ، قوله : " زيد بن ثابت ومن يقتل مؤمنا متعمدا " ، إلى آخر الآية ، بعد قوله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) إلى آخر الآية ، [ سورة الفرقان ، 68 ] .
10209 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن قال : سمعت رجلا يحدث أبي الزناد قال : سمعت أباك في هذا المكان بمنى يقول : نزلت الشديدة بعد الهينة - قال : أراه - بستة أشهر ، يعني : خارجة بن زيد ومن يقتل مؤمنا متعمدا بعد : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) [ سورة النساء : 48 ، 116 ] .
10210 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك بن مزاحم قال : ما نسخها شيء منذ نزلت ، وليس له توبة .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : معناه : ومن يقتل مؤمنا متعمدا ، فجزاؤه إن جزاه جهنم خالدا فيها ، ولكنه يعفو ويتفضل على أهل الإيمان به وبرسوله ، فلا يجازيهم بالخلود فيها ، ولكنه عز ذكره إما أن يعفو بفضله فلا يدخله النار ، وإما أن يدخله إياها ثم يخرجه منها بفضل رحمته ، لما سلف من وعده عباده المؤمنين بقوله : ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) [ سورة الزمر : 53 ] .
فإن ظن ظان أن القاتل إن وجب أن يكون داخلا في هذه الآية ، فقد يجب أن يكون المشرك داخلا فيه ، لأن الشرك من الذنوب ، فإن الله عز ذكره قد أخبر [ ص: 70 ] أنه غير غافر الشرك لأحد بقوله : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ سورة النساء : 48 ، 116 ] ، والقتل دون الشرك .