قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : إنا أوحينا إليك ، كما أوحينا إلى نوح وإلى رسل قد قصصناهم عليك ، ورسل لم نقصصهم عليك .
فلعل قائلا يقول : فإذ كان ذلك معناه ، فما بال قوله : "ورسلا" منصوبا غير مخفوض ؟ قيل : نصب ذلك إذ لم تعد عليه"إلى" التي خفضت الأسماء قبله ، وكانت الأسماء قبلها ، وإن كانت مخفوضة ، فإنها في معنى النصب . لأن معنى الكلام : إنا أرسلناك رسولا كما أرسلنا نوحا والنبيين من بعده ، فعطفت "الرسل" على معنى الأسماء قبلها في الإعراب ، لانقطاعها عنها دون ألفاظها ، إذ لم يعد عليها ما خفضها ، كما قال الشاعر .
[ ص: 403 ]
لو جئت بالخبز له منشرا والبيض مطبوخا معا والسكرا
لم يرضه ذلك حتى يسكرا
وقد يحتمل أن يكون نصب"الرسل" ، لتعلق"الواو" بالفعل ، بمعنى : وقصصنا رسلا عليك من قبل ، كما قال جل ثناؤه : ( يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) [ سورة الإنسان : 31 ] .
وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي ورسل قد قصصناهم عليك من قبل ورسل لم نقصصهم عليك ، فرفع ذلك ، إذ قرئ كذلك ، بعائد الذكر في قوله : "قصصناهم عليك" .
وأما قوله : " وكلم الله موسى تكليما " ، فإنه يعني بذلك جل ثناؤه : وخاطب الله بكلامه موسى خطابا ، وقد : -
10842 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا قال : حدثنا يحيى بن واضح نوح بن أبي مريم ، وسئل : كيف كلم الله موسى تكليما ؟ فقال : مشافهة .
[ ص: 404 ]
وقد : -
10843 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو أسامة ، عن ابن مبارك ، عن معمر ويونس ، عن الزهري ، عن قال : أخبرني أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام جزء بن جابر الخثعمي قال : سمعت كعبا يقول : إن الله جل ثناؤه لما كلم موسى ، كلمه بالألسنة كلها قبل كلامه يعني : كلام موسى فجعل يقول : يا رب ، لا أفهم! حتى كلمه بلسانه آخر الألسنة ، فقال : يا رب هكذا كلامك ؟ قال : لا ولو سمعت كلامي أي : على وجهه لم تك شيئا!
قال ابن وكيع : قال أبو أسامة ( ) : وزادني أبو بكر الصغاني في هذا الحديث أن موسى قال : يا رب ، هل في خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا وأقرب خلقي شبها بكلامي ، أشد ما تسمع الناس من الصواعق .
[ ص: 405 ]
10844 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو أسامة ، عن عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر قال : سمعت يقول : سئل محمد بن كعب القرظي موسى : ما شبهت كلام ربك مما خلق ؟ فقال موسى : الرعد الساكب .
10845 - حدثني قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى [ ص: 406 ] قال : أخبرني عبد الله بن وهب يونس ، عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن : أنه أخبره عن جزء بن جابر الخثعمي قال : لما كلم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه ، فطفق يقول : والله يا رب ، ما أفقه هذا!! حتى كلمه بلسانه آخر الألسنة بمثل صوته ، فقال موسى : يا رب هذا كلامك ؟ قال : لا . قال : هل في خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا ، وأقرب خلقي شبها بكلامي ، أشد ما يسمع الناس من الصواعق .
10846 - حدثني أبو يونس المكي قال : حدثنا قال : أخبرني أخي ، عن ابن أبي أويس سليمان ، عن محمد بن أبي عتيق ، عن ابن شهاب ، عن : أنه أخبره أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام جزء بن جابر الخثعمي : أنه سمع [ كعب ] الأحبار يقول : لما كلم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه ، فطفق موسى يقول : أي رب ، والله ما أفقه هذا!! حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته ، فقال موسى : أي رب ، أهكذا كلامك ؟ فقال : لو كلمتك بكلامي لم تكن شيئا! قال : أي رب ، هل في خلقك شيء يشبه كلامك ؟ فقال : لا وأقرب خلقي شبها بكلامي ، أشد ما يسمع من الصواعق . [ ص: 407 ]
10847 - حدثنا ابن عبد الرحيم قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا زهير ، عن يحيى ، عن الزهري ، عن عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، جزء بن جابر : أنه سمع كعبا يقول : لما كلم الله موسى بالألسنة قبل لسانه ، طفق موسى يقول : أي رب ، إني لا أفقه هذا!! حتى كلمه الله آخر الألسنة بمثل لسانه ، فقال موسى : أي رب ، هذا كلامك ؟ قال الله : لو كلمتك بكلامي لم تكن شيئا! قال : يا رب ، فهل من خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا وأقرب خلقي شبها بكلامي ، أشد ما يسمع من الصواعق .