القول في تأويل قوله ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ( 165 ) )
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بذلك : إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ، ومن ذكر من الرسل "رسلا" ، فنصب"الرسل" على القطع من أسماء الأنبياء الذين ذكر أسماءهم "مبشرين" ، يقول : أرسلتهم رسلا إلى خلقي وعبادي ، مبشرين بثوابي من أطاعني واتبع أمري وصدق رسلي ، ومنذرين [ ص: 408 ] عقابي من عصاني وخالف أمري وكذب رسلي"لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" ، يقول : أرسلت رسلي إلى عبادي مبشرين ومنذرين ، لئلا يحتج من كفر بي وعبد الأنداد من دوني ، أو ضل عن سبيلي بأن يقول إن أردت عقابه : ( لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ) [ سورة طه : 134 ] . فقطع حجة كل مبطل ألحد في توحيده وخالف أمره ، بجميع معاني الحجج القاطعة عذره ، إعذارا منه بذلك إليهم ، لتكون لله الحجة البالغة عليهم وعلى جميع خلقه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
10849 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " ، فيقولوا : ما أرسلت إلينا رسلا .
"وكان الله عزيزا حكيما" ، يقول : ولم يزل الله ذا عزة في انتقامه ممن انتقم [ منه ] من خلقه ، على كفره به ، ومعصيته إياه ، بعد تثبيته حجته عليه برسله وأدلته"حكيما" ، في تدبيره فيهم ما دبره .