القول في تأويل قوله ( إلا ما يتلى عليكم )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في الذي عناه الله بقوله : " إلا ما يتلى عليكم " . فقال بعضهم : عنى الله بذلك : أحلت لكم أولاد الإبل والبقر والغنم ، إلا ما بين الله لكم فيما يتلى عليكم بقوله : ( حرمت عليكم الميتة والدم ) ، الآية [ سورة المائدة : 3 ] .
ذكر من قال ذلك :
10927 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا [ ص: 458 ] عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم " ، إلا الميتة وما ذكر معها .
10928 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم " ، أي : من الميتة التي نهى الله عنها ، وقدم فيها .
10929 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : " إلا ما يتلى عليكم " ، قال : إلا الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه .
10930 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي إلا ما يتلى عليكم " ، الميتة والدم ولحم الخنزير .
10931 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم " ، الميتة ولحم الخنزير .
10932 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم " ، هي الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به .
وقال آخرون : بل الذي استثنى الله بقوله : " إلا ما يتلى عليكم " ، الخنزير .
ذكر من قال ذلك .
10933 - حدثني عبد الله بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " إلا ما يتلى عليكم قال : الخنزير .
10934 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " إلا ما يتلى عليكم " ، يعني : الخنزير .
[ ص: 459 ]
قال أبو جعفر : وأولى التأويلين في ذلك بالصواب ، تأويل من قال : "عنى بذلك : إلا ما يتلى عليكم من تحريم الله ما حرم عليكم بقوله : " حرمت عليكم الميتة " ، الآية . لأن الله عز وجل استثنى مما أباح لعباده من بهيمة الأنعام ، ما حرم عليهم منها . والذي حرم عليهم منها ، ما بينه في قوله : ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) [ سورة المائدة : 3 ] . وإن كان حرمه الله علينا ، فليس من بهيمة الأنعام فيستثنى منها . فاستثناء ما حرم علينا مما دخل في جملة ما قبل الاستثناء ، أشبه من استثناء ما حرم مما لم يدخل في جملة ما قبل الاستثناء .