[ ص: 532 ] القول في تأويل قوله ( فمن اضطر في مخمصة )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقول : "فمن اضطر" ، فمن أصابه ضر "في مخمصة" ، يعني : في مجاعة .
وهي"مفعلة" ، مثل"المجبنة" و"المبخلة" و"المنجبة" ، من"خمص البطن" ، وهو اضطماره ، وأظنه هو في هذا الموضع معني به : اضطماره من الجوع وشدة السغب . وقد يكون في غير هذا الموضع اضطمارا من غير الجوع والسغب ، ولكن من خلقة ، كما قال نابغة بني ذبيان في صفة امرأة بخمص البطن :
والبطن ذو عكن خميص لين والنحر تنفجه بثدي مقعد [ ص: 533 ]
فمعلوم أنه لم يرد صفتها بقوله : "خميص" بالهزال والضر من الجوع ، ولكنه أراد وصفها بلطافة طي ما على الأوراك والأفخاذ من جسدها ، لأن ذلك مما يحمد من النساء . ولكن الذي في معنى الوصف بالاضطمار والهزال من الضر من ذلك ، قول أعشى بني ثعلبة :
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم
وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا
يعني بذلك : يبتن مضطمرات البطون من الجوع والسغب والضر . فمن هذا المعنى قوله : "في مخمصة" .
وكان بعض نحويي البصرة يقول : "المخمصة" ، المصدر من"خمصه الجوع" .
[ ص: 534 ]
وكان غيره من أهل العربية يرى أنها اسم للمصدر ، وليست بمصدر ، ولذلك تقع"المفعلة" اسما في المصادر للتأنيث والتذكير .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
11114 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن عباس : " فمن اضطر في مخمصة " ، يعني : في مجاعة .
11115 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " فمن اضطر في مخمصة " ، أي : في مجاعة .
11116 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله .
11117 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : "فمن اضطر في مخمصة" ، قال : ذكر الميتة وما فيها ، فأحلها في الاضطرار "في مخمصة" ، يقول : في مجاعة . السدي
11118 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد يقول في قوله : " فمن اضطر في مخمصة " ، قال : المخمصة ، الجوع .