القول في تأويل قوله ( فإن الله غفور رحيم ( 3 ) )
قال أبو جعفر : وفي هذا الكلام متروك ، اكتفى بدلالة ما ذكر عليه منه . وذلك أن معنى الكلام : فمن اضطر في مخمصة إلى ما حرمت عليه مما ذكرت في هذه الآية ، غير متجانف لإثم فأكله ، فإن الله غفور رحيم فترك ذكر"فأكله" ، وذكر"له" لدلالة سائر ما ذكر من الكلام عليهما .
وأما قوله : " فإن الله غفور رحيم " ، فإن معناه : فإن الله لمن أكل ما حرمت عليه بهذه الآية أكله ، في مخمصة ، غير متجانف لإثم "غفور رحيم" ، يقول : يستر له عن أكله ما أكل من ذلك ، بعفوه عن مؤاخذته إياه ، وصفحه عنه وعن عقوبته عليه "رحيم" ، يقول : وهو به رفيق . ومن رحمته ورفقه به أباح له أكل ما أباح له أكله من الميتة وسائر ما ذكر معها في هذه الآية ، في حال خوفه على نفسه من كلب الجوع وضر الحاجة العارضة ببدنه .
فإن قال قائل : وما الأكل الذي وعد الله المضطر إلى الميتة وسائر المحرمات معها بهذه الآية ، غفرانه إذا أكل منها ؟
قيل : ما : - [ ص: 538 ]
11125 - حدثني عبد الأعلى بن واصل الأسدي قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسدي ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن قال : أبي واقد الليثي . قلنا : يا رسول الله ، إنا بأرض تصيبنا فيها مخمصة ، فما يصلح لنا من الميتة ؟ قال : إذا لم تصطبحوا ، أو تغتبقوا ، أو تحتفئوا بقلا فشأنكم بها
[ ص: 539 ]
11126 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم ، عن الخصيب بن زيد التميمي قال : حدثنا الحسن : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إلى متى يحل لي الحرام ؟ قال فقال : إلى أن يروى أهلك من اللبن ، أو تجيء ميرتهم" . [ ص: 540 ]
11127 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا خصيب بن زيد التميمي قال : حدثنا الحسن : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله إلا أنه قال : أو تجبى ميرتهم .
11128 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : حدثني عمر بن عبد الله بن عروة ، عن جده عروة بن الزبير ، عمن حدثه : " أن رجلا من الأعراب أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه في الذي حرم الله عليه ، والذي أحل له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تحل لك الطيبات ، وتحرم عليك الخبائث ، إلا أن تفتقر إلى طعام [ لا يحل لك ] ، فتأكل منه حتى تستغني عنه . فقال الرجل : وما فقري الذي يحل لي ؟ وما غناي الذي يغنيني عن ذلك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كنت ترجو نتاجا ، فتبلغ بلحوم ماشيتك إلى نتاجك ، أو كنت ترجو غنى تطلبه ، فتبلغ من ذلك شيئا ، فأطعم أهلك ما بدا لك حتى تستغني عنه . فقال الأعرابي : ما غناي الذي أدعه إذا وجدته ؟ [ ص: 541 ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أرويت أهلك غبوقا من الليل . فاجتنب ما حرم الله عليك من طعام . [ وأما ] مالك فإنه ميسور كله ، ليس فيه حرام .
11129 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ، عن ابن علية ابن عون قال : وجدت عند الحسن كتاب سمرة ، فقرأته عليه ، وكان فيه : ويجزي من الاضطرار غبوق أو صبوح .
11130 - حدثنا هناد قالا حدثنا وأبو هشام الرفاعي يحيى بن أبي زائدة ، عن ابن عون قال : قرأت في كتاب سمرة بن جندب : يكفي من الاضطرار أو : من الضرورة غبوق أو صبوح .
11131 - حدثني علي بن سعيد الكندي وأبو كريب قالا حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن ، عن هشام بن حسان الحسن قال : إذا اضطر الرجل إلى الميتة ، أكل منها قوته يعني : مسكته .
[ ص: 542 ]
11132 - حدثنا قال : حدثنا هناد بن السري ابن مبارك ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال : قال رجل : يا رسول الله ، إنا بأرض مخمصة ، فما يحل لنا من الميتة ؟ ومتى تحل لنا الميتة ؟ قال : إذا لم تصطبحوا ، أو تغتبقوا ، ولم تحتفئوا بقلا فشأنكم بها .
11133 - حدثنا قال : حدثنا هناد بن السري عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن رجل قد سمي لنا : . أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا نكون بأرض مخمصة ، فمتى تحل لنا الميتة ؟ قال : إذا لم تغتبقوا ، ولم تصطبحوا ، ولم تحتفئوا بقلا فشأنكم بها
قال أبو جعفر : يروى هذا على أربعة أوجه : "تحتفئوا" بالهمزة "وتحتفيوا" بتخفيف"الياء" و"الحاء" و"تحتفوا" ، بتشديد الفاء و"تحتفوا" بالحاء ، والتخفيف ، ويحتمل الهمز .