القول في تأويل قوله (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_14297nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " فإن عثر " فإن اطلع منهما أو ظهر .
وأصل " العثر " الوقوع على الشيء والسقوط عليه ، ومن ذلك قولهم : " عثرت إصبع فلان بكذا " إذا صدمته وأصابته ووقعت عليه ، ومنه قول
الأعشى ميمون بن قيس :
بذات لوث عفرناة إذا عثرت فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا
[ ص: 180 ]
يعني بقوله : " عثرت " أصاب منسم خفها حجرا أو غيره . ثم يستعمل ذلك في كل واقع على شيء كان عنه خفيا ، كقولهم : (
عثرت على الغزل بأخرة فلم تدع بنجد قردة
) ، بمعنى : وقعت .
وأما قوله : " على أنهما استحقا إثما " فإنه يقول - تعالى ذكره - : فإن اطلع من الوصيين اللذين ذكر الله أمرهما في هذه الآية بعد حلفهما بالله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107على أنهما استحقا إثما ، يقول : على أنهما استوجبا بأيمانهما التي حلفا بها إثما ، وذلك أن يطلع على أنهما كانا كاذبين في أيمانهما بالله ما خنا ولا بدلنا ولا غيرنا . فإن وجدا قد خانا من مال الميت شيئا ، أو غيرا وصيته ، أو بدلا فأثما بذلك من حلفهما بربهما "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فآخران يقومان مقامهما " يقول ، يقوم حينئذ مقامهما من ورثة الميت ، الأوليان الموصى إليهما .
[ ص: 181 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
12959 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
شعبة ، عن
أبي بشر ، عن
سعيد بن جبير : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أو آخران من غيركم " قال : إذا كان الرجل بأرض الشرك ، فأوصى إلى رجلين من أهل الكتاب ، فإنهما يحلفان بعد العصر . فإذا اطلع عليهما بعد حلفهما أنهما خانا شيئا ، حلف أولياء الميت أنه كان كذا وكذا ، ثم استحقوا .
12960 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
شعبة ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم ، بمثله .
12961 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أو آخران من غيركم " من غير المسلمين "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106تحبسونهما من بعد الصلاة " فإن ارتيب في شهادتهما استحلفا بعد الصلاة بالله : ما اشترينا بشهادتنا ثمنا قليلا . فإن اطلع الأولياء على أن الكافرين كذبا في شهادتهما ، قام رجلان من الأولياء فحلفا بالله : " إن شهادة الكافرين باطلة ، وإنا لم نعتد " . فذلك قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر على أنهما استحقا إثما " يقول : إن اطلع على أن الكافرين كذبا " فآخران يقومان مقامهما " يقول : من الأولياء ، فحلفا بالله : " إن شهادة الكافرين باطلة ، وإنا لم نعتد " فترد شهادة الكافرين ، وتجوز شهادة الأولياء .
19262 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر على أنهما استحقا إثما " أي : اطلع منهما على خيانة أنهما كذبا أو كتما .
واختلف أهل التأويل في المعنى الذي له حكم الله - تعالى ذكره - على الشاهدين
[ ص: 182 ] بالأيمان فنقلها إلى الآخرين ، بعد أن عثر عليهما أنهما استحقا إثما .
فقال بعضهم : إنما ألزمهما اليمين ، إذا ارتيب في شهادتهما على الميت في وصيته أنه أوصى بغير الذي يجوز في حكم الإسلام . وذلك أن يشهد أنه أوصى بماله كله ، أو أوصى أن يفضل بعض ولده ببعض ماله .
ذكر من قال ذلك :
12963 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت " إلى قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106ذوا عدل منكم " من أهل الإسلام "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أو آخران من غيركم " من غير أهل الإسلام "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إن أنتم ضربتم في الأرض " إلى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106فيقسمان بالله " يقول : فيحلفان بالله بعد الصلاة ، فإن حلفا على شيء يخالف ما أنزل الله - تعالى ذكره - من الفريضة ، يعني اللذين ليسا من أهل الإسلام "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فآخران يقومان مقامهما " من أولياء الميت ، فيحلفان بالله : " ما كان صاحبنا ليوصي بهذا " أو : " إنهما لكاذبان ، ولشهادتنا أحق من شهادتهما " .
12964 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : يوقف الرجلان بعد صلاتهما في دينهما ، يحلفان بالله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين " إن صاحبكم لبهذا أوصى ، وإن هذه لتركته : فإذا شهدا ، وأجاز الإمام شهادتهما على ما شهدا ، قال لأولياء الرجل : اذهبوا فاضربوا في الأرض واسألوا عنهما ، فإن أنتم وجدتم عليهما خيانة ، أو أحدا يطعن عليهما ، رددنا شهادتهما . فينطلق الأولياء فيسألون ، فإن وجدوا أحدا يطعن عليهما ، أو هما غير
[ ص: 183 ] مرضيين عندهم ، أو اطلع على أنهما خانا شيئا من المال وجدوه عندهما ، أقبل الأولياء فشهدوا عند الإمام ، وحلفوا بالله : " لشهادتنا أنهما لخائنان متهمان في دينهما مطعون عليها ، أحق من شهادتهما بما شهدا ، وما اعتدينا " . فذلك قوله : " فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان " .
وقال آخرون : بل إنما ألزم الشاهدان اليمين ، لأنهما ادعيا أنه أوصى لهما ببعض المال . وإنما ينقل إلى الآخرين من أجل ذلك ، إذا ارتابوا بدعواهما .
ذكر من قال ذلك :
12965 - حدثنا
عمران بن موسى القزاز قال : حدثنا
عبد الوارث بن سعد قال : حدثنا
إسحاق بن سويد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر في قوله : " تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله " قال : زعما أنه أوصى لهما بكذا وكذا "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر على أنهما استحقا إثما " . أي بدعواهما لأنفسهما "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان " أن صاحبنا لم يوص إليكما بشيء مما تقولان .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا ، أن الشاهدين ألزما اليمين في ذلك باتهام ورثة الميت إياهما فيما دفع إليهما الميت من ماله ، ودعواهم قبلهما خيانة مال معلوم المبلغ ، ونقلت بعد إلى الورثة عند ظهور الريبة التي كانت من الورثة فيهما ، وصحة التهمة عليهما بشهادة شاهد عليهما أو على أحدهما ، فيحلف الوارث حينئذ مع شهادة الشاهد عليهما ، أو على أحدهما ، إنما صحح دعواه إذا حقق حقه أو : الإقرار يكون من الشهود ببعض ما ادعى عليهما الوارث أو بجميعه ، ثم
[ ص: 184 ] دعواهما في الذي أقرا به من مال الميت ما لا يقبل فيه دعواهما إلا ببينة ، ثم لا يكون لهما على دعواهما تلك بينة ، فينقل حينئذ اليمين إلى أولياء الميت .
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصحة ، لأنا لا نعلم من أحكام الإسلام حكما يجب فيه اليمين على الشهود ، ارتيب بشهادتهما أو لم يرتب بها ، فيكون الحكم في هذه الشهادة نظيرا لذلك ولا - إذا لم نجد ذلك كذلك - صح بخبر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ولا بإجماع من الأمة . لأن استحلاف الشهود في هذا الموضع من حكم الله - تعالى ذكره - ، فيكون أصلا مسلما . والقول إذا خرج من أن يكون أصلا أو نظيرا لأصل فيما تنازعت فيه الأمة ، كان واضحا فساده .
وإذا فسد هذا القول بما ذكرنا ، فالقول بأن الشاهدين استحلفا من أجل أنهما ادعيا على الميت وصية لهما بمال من ماله ، أفسد من أجل أن أهل العلم لا خلاف بينهم في أن من حكم الله - تعالى ذكره - أن مدعيا لو
nindex.php?page=treesubj&link=14297ادعى في مال ميت وصية ، أن القول قول ورثة المدعي في ماله الوصية مع أيمانهم ، دون قول مدعي ذلك مع يمينه ، وذلك إذا لم يكن للمدعي بينة . وقد جعل الله تعالى اليمين في هذه الآية على الشهود إذا ارتيب بهما ، وإنما نقل الأيمان عنهم إلى أولياء الميت ، إذا عثر على أن الشهود استحقوا إثما في أيمانهم . فمعلوم بذلك فساد قول من قال : " ألزم اليمين الشهود ، لدعواهم لأنفسهم وصية أوصى بها لهم الميت من ماله " .
على أن ما قلنا في ذلك عن أهل التأويل هو التأويل الذي وردت به الأخبار عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى به حين نزلت هذه الآية ، بين الذين نزلت فيهم وبسببهم .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 185 ]
12966 - حدثني
ابن وكيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، عن
يحيى بن أبي زائدة ، عن
محمد بن أبي القاسم ، عن
عبد الملك بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810484خرج رجل من بني سهم مع nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري وعدي بن بداء ، فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم . فلما قدما بتركته ، فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب ، فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ثم وجد الجام بمكة ، فقالوا : اشتريناه من nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري وعدي بن بداء ! فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107لشهادتنا أحق من شهادتهما " وأن الجام لصاحبهم . قال : وفيهم أنزلت : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " .
[ ص: 186 ]
12967 - حدثنا
الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة الحراني قال : حدثنا
محمد بن إسحاق ، عن
أبي النضر ، عن
باذان مولى أم هانئ ابنة أبي طالب ، عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810485عن تميم الدراي في هذه الآية : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت " قال : برئ الناس منها غيري وغير عدي بن بداء وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشأم قبل الإسلام . فأتيا الشأم لتجارتهما ، وقدم عليهما مولى لبني سهم يقال له بريل بن أبي مريم بتجارة ، ومعه جام فضة يريد به الملك ، وهو عظم تجارته ، فمرض ، فأوصى إليهما ، وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله . قال تميم : فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ، فقسمناه أنا وعدي بن بداء ، فلما قدمنا إلى أهله ، دفعنا إليهم ما كان معنا ، وفقدوا الجام ، فسألوا عنه ، فقلنا : ما ترك غير هذا ، وما دفع إلينا غيره : قال تميم : فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، تأثمت من ذلك ، فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر ، وأديت إليهم خمسمائة درهم ، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها! فوثبوا إليه ، فأتوا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . [ ص: 187 ] فسألهم البينة ، فلم يجدوا . فأمرهم أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ، فحلف ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " إلى قوله : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108أن ترد أيمان بعد أيمانهم " فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا ، فنزعت الخمسمائة من عدي بن بداء . [ ص: 188 ]
12968 - حدثنا
القاسم ، حدثنا
الحسين قال : حدثنا
أبو سفيان ، عن
معمر ، عن
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين وغيره قال : وثنا
الحجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عكرمة دخل حديث بعضهم في بعض : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " الآية ، قال :
كان عدي nindex.php?page=showalam&ids=155وتميم الداري ، وهما من لخم ، نصرانيان ، يتجران إلى مكة في الجاهلية . فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حولا متجرهما إلى المدينة ، فقدم ابن أبي مارية ، مولى عمرو بن العاص المدينة ، وهو يريد الشأم تاجرا ، فخرجوا جميعا ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق ، مرض ابن أبي مارية ، فكتب وصيته بيده ثم دسها في متاعه ، ثم أوصى إليهما . فلما مات فتحا متاعه ، فأخذا ما أرادا ، ثم قدما على أهله فدفعا ما أرادا ، ففتح أهله متاعه ، فوجدوا كتابه وعهده وما خرج به ، وفقدوا شيئا ، فسألوهما عنه ، فقالوا : هذا الذي قبضنا له ودفع إلينا . قال لهما أهله : فباع شيئا أو ابتاعه؟ قالا لا! قالوا : فهل استهلك من متاعه شيئا؟ قالا لا! قالوا : فهل تجر [ ص: 189 ] تجارة؟ قالا لا! قالوا : فإنا قد فقدنا بعضه! فاتهما ، فرفعوهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فنزلت هذه الآية : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت " إلى قوله : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إنا إذا لمن الآثمين " . قال : فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستحلفوهما في دبر صلاة العصر : بالله الذي لا إله إلا هو ، ما قبضنا له غير هذا ، ولا كتمنا " . قال : فمكثا ما شاء الله أن يمكثا ، ثم ظهر معهما على إناء من فضة منقوش مموه بذهب ، فقال : أهله : هذا من متاعه؟ قالا نعم ، ولكنا اشترينا منه ، ونسينا أن نذكره حين حلفنا ، فكرهنا أن نكذب أنفسنا! فترافعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فنزلت الآية الأخرى : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان " فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين من أهل الميت أن يحلفا على ما كتما وغيبا ويستحقانه . ثم إن nindex.php?page=showalam&ids=155تميما الداري أسلم وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان يقول : صدق الله ورسوله : أنا أخذت الإناء !
[ ص: 190 ]
12969 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم " الآية كلها . قال : هذا شيء كان حين لم يكن الإسلام إلا
بالمدينة ، وكانت الأرض كلها كفرا ، فقال الله - تعالى ذكره - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم " من المسلمين "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أو آخران من غيركم " من غير أهل الإسلام "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت " قال : كان الرجل يخرج مسافرا ، والعرب أهل كفر ، فعسى أن يموت في سفره ، فيسند وصيته إلى رجلين منهم "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106فيقسمان بالله إن ارتبتم " في أمرهما . إذا قال الورثة : كان مع صاحبنا كذا وكذا ، فيقسمان بالله : ما كان معه إلا هذا الذي قلنا "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر على أنهما استحقا إثما " أنما حلفا على باطل وكذب "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان " بالميت "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين " ذكرنا أنه كان مع صاحبنا كذا وكذا ، قال هؤلاء : لم يكن معه! قال : ثم عثر على بعض المتاع عندهما ، فلما عثر على ذلك ردت القسامة على وارثه ، فأقسما ، ثم ضمن هذان . قال الله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم " فتبطل أيمانهم "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين " الكاذبين ، الذين يحلفون على الكذب . وقال
ابن زيد : قدم
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري وصاحب له ، وكانا يومئذ مشركين ، ولم يكونا أسلما ، فأخبرا أنهما أوصى إليهما رجل ، وجاءا بتركته . فقال أولياء الميت :
[ ص: 191 ] كان مع صاحبنا كذا وكذا ، وكان معه إبريق فضة! وقال الآخران : لم يكن معه إلا الذي جئنا به! فحلفا خلف الصلاة ، ثم عثر عليهما بعد والإبريق معهما . فلما عثر عليهما ، ردت القسامة على أولياء الميت بالذي قالوا مع صاحبهم ، ثم ضمنهما الذي حلف عليه الأوليان .
12970 - حدثنا
الربيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قال : أخبرنا
أبو سعيد معاذ بن موسى الجعفري ، عن
بكير بن معروف ، عن
مقاتل بن حيان قال
بكير ، قال
مقاتل : أخذت هذا التفسير عن
مجاهد والحسن والضحاك في قول الله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106اثنان ذوا عدل منكم " أن رجلين نصرانيين من
أهل دارين ، أحدهما تميمي ، والآخر يماني ، صاحبهما مولى
لقريش في تجارة ، فركبوا البحر ، ومع القرشي مال معلوم قد علمه أولياؤه ، من بين آنية وبز ورقة . فمرض القرشي ، فجعل وصيته إلى الداريين ، فمات ، وقبض الداريان المال والوصية ، فدفعاه إلى أولياء الميت ، وجاءا ببعض ماله ، وأنكر القوم قلة المال ، فقالوا للداريين : إن صاحبنا قد خرج معه بمال أكثر مما أتيتمونا به ، فهل باع شيئا أو اشترى شيئا ، فوضع فيه ، وهل طال مرضه فأنفق على نفسه؟ قالا لا! قالوا : فإنكما خنتمانا! فقبضوا المال ، ورفعوا أمرهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأنزل الله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " إلى آخر الآية . فلما نزل : أن يحبسا من بعد الصلاة ، أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقاما بعد الصلاة ، فحلفا بالله رب السموات : " ما ترك مولاكم من المال إلا ما أتيناكم به ، وإنا لا نشتري بأيماننا
[ ص: 192 ] ثمنا قليلا من الدنيا ، ولو كان ذا قربى ، ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين " . فلما حلفا خلى سبيلهما . ثم إنهم وجدوا بعد ذلك إناء من آنية الميت ، فأخذ الداريان ، فقالا اشتريناه منه في حياته! وكذبا ، فكلفا البينة ، فلم يقدرا عليها . فرفعوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " فإن عثر " يقول : فإن اطلع "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107على أنهما استحقا إثما " يعني الداريين ، إن كتما حقا " فآخران " من أولياء الميت "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فيقسمان بالله : " إن مال صاحبنا كان كذا وكذا ، وإن الذي يطلب قبل الداريين لحق ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين " هذا قول الشاهدين أولياء الميت "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها " يعني : الداريين والناس ، أن يعودوا لمثل ذلك .
قال
أبو جعفر : ففيما ذكرنا من هذه الأخبار التي روينا ، دليل واضح على صحة ما قلنا ، من أن حكم الله - تعالى ذكره - باليمين على الشاهدين في هذا الموضع ، إنما هو من أجل دعوى ورثته على المسند إليهما الوصية ، خيانة فيما دفع الميت من ماله إليهما ، أو غير ذلك مما لا يبرأ فيه المدعى ذلك قبله إلا بيمين وأن نقل اليمين إلى ورثة الميت بما أوجبه الله - تعالى ذكره - ، بعد أن عثر على الشاهدين أنهما استحقا إثما ، في أيمانهما ، ثم ظهر على كذبهما فيها ، إن القوم ادعوا
[ ص: 193 ] فيما صح أنه كان للميت دعوى من انتقال ملك عنه إليهما ببعض ما تزول به الأملاك ، مما يكون اليمين فيها على ورثة الميت دون المدعى ، وتكون البينة فيها على المدعي وفساد ما خالف في هذه الآية ما قلنا من التأويل .
وفيها أيضا ، البيان الواضح على أن معنى " الشهادة " التي ذكرها الله تعالى في أول هذه القصة إنما هي اليمين ، كما قال الله تعالى في مواضع أخر :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، [ سورة النور : 6 ] . فالشهادة في هذا الموضع ، معناها القسم ، من قول القائل : " أشهد بالله إني لمن الصادقين " وكذلك معنى قوله : " شهادة بينكم " إنما هو : قسم بينكم "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية " أن يقسم اثنان ذوا عدل منكم ، إن كانا اتمنا على مال فارتيب بهما ، أو اتمن آخران من غير المؤمنين فاتهما . وذلك أن الله - تعالى ذكره - ، لما ذكر نقل اليمين من اللذين ظهر على خيانتهما إلى الآخرين ، قال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما " . ومعلوم أن أولياء الميت المدعين قبل اللذين ظهر على خيانتهما ، غير جائز أن يكونا شهداء ، بمعنى الشهادة التي يؤخذ بها في الحكم حق مدعى عليه لمدع . لأنه لا يعلم لله - تعالى ذكره - حكم قضى فيه لأحد بدعواه ويمينه على مدعى عليه بغير بينة ولا إقرار من المدعى عليه ولا برهان . فإذ كان معلوما أن قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107لشهادتنا أحق من شهادتهما " إنما معناه : قسمنا أحق من قسمهما وكان قسم اللذين عثر على أنهما أثما ، هو الشهادة التي ذكر
[ ص: 194 ] الله - تعالى ذكره - في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107أحق من شهادتهما " صح أن معنى قوله : " شهادة بينكم " بمعنى : " الشهادة " في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107لشهادتنا أحق من شهادتهما " وأنها بمعنى القسم .
قال
أبو جعفر : واختلفت القرأة في قراءة قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107من الذين استحق عليهم الأوليان " .
فقرأ ذلك قرأة
الحجاز والعراق والشأم : من الذين استحق عليهم الأوليان ، بضم " التاء " .
وروي عن
علي ، nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ، والحسن البصري أنهم قرءوا ذلك : من الذين استحق عليهم ، بفتح " التاء " .
واختلفت أيضا في قراءة قوله : " الأوليان " .
فقرأته عامة قراء أهل
المدينة والشأم والبصرة : ( الأوليان ) .
وقرأ ذلك عامة قرأة أهل
الكوفة : ( الأولين ) .
وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك : " من الذين استحق عليهم الأولان " .
قال
أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107من الذين استحق عليهم " قراءة من قرأ بضم " التاء " لإجماع الحجة من القرأة عليه ، مع مشايعة عامة أهل التأويل على صحة تأويله ، وذلك إجماع عامتهم على أن تأويله : فآخران من أهل الميت ، الذين استحق المؤتمنان على مال الميت الإثم فيهم ،
[ ص: 195 ] يقومان مقام المستحقي الإثم فيهما ، بخيانتهما ما خانا من مال الميت .
وقد ذكرنا قائلي ذلك ، أو أكثر قائليه ، فيما مضى قبل ، ونحن ذاكرو باقيهم إن شاء الله ذلك :
12971 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله - تعالى ذكره - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106شهادة بينكم " أن يموت المؤمن فيحضر موته مسلمان أو كافران ، لا يحضره غير اثنين منهم . فإن رضي ورثته ما عاجل عليه من تركته فذاك ، وحلف الشاهدان إن اتهما : إنهما لصادقان "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر " وجد . . . . . . . . . ، حلف الاثنان الأوليان من الورثة ، فاستحقا وأبطلا أيمان الشاهدين .
وأحسب أن الذين قرءوا ذلك بفتح " التاء " أرادوا أن يوجهوا تأويله إلى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فآخران يقومان مقامهما " مقام المؤتمنين اللذين عثر على خيانتهما في القسم ، و " الاستحقاق به عليهما " دعواهما قبلهما من " الذين استحق " على المؤتمنين على المال على خيانتهما القيام مقامهما في القسم والاستحقاق ، الأوليان بالميت . وكذلك كانت قراءة من رويت هذه القراءة عنه ، فقرأ ذلك : " من الذين استحق " بفتح " التاء " و " الأوليان " على معنى : الأوليان بالميت وماله . وذلك مذهب صحيح ، وقراءة غير مدفوعة صحتها ، غير أنا نختار الأخرى ،
[ ص: 196 ] لإجماع الحجة من القرأة عليها ، مع موافقتها التأويل الذي ذكرنا عن الصحابة والتابعين .
12972 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، عن
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
أبي عبد الرحمن وكريب ، عن
علي : أنه كان يقرأ : " من الذين استحق عليهم الأوليان " .
12973 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
مالك بن إسماعيل ، عن
حماد بن زيد ، عن
واصل مولى أبي عيينة ، عن
يحيى بن عقيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر ، عن
أبي بن كعب : أنه كان يقرأ : " من الذين استحق عليهم الأوليان " .
قال
أبو جعفر : وأما أولى القراءات بالصواب في قوله : " الأوليان " عندي ،
[ ص: 197 ] فقراءة من قرأ : ( الأوليان ) لصحة معناها . وذلك لأن معنى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان " : فآخران يقومان مقامهما من الذي استحق ] فيهم الإثم ، ثم حذف " الإثم " وأقيم مقامه " الأوليان " لأنهما هما اللذان ظلما وأثما فيهما ، بما كان من خيانة اللذين استحقا الإثم ، وعثر عليهما بالخيانة منهما فيما كان اتمنهما عليه الميت ، كما قد بينا فيما مضى من فعل العرب مثل ذلك ، من حذفهم الفعل اجتزاء بالاسم ، وحذفهم الاسم اجتزاء بالفعل . ومن ذلك ما قد ذكرنا في تأويل هذه القصة ، وهو قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان " ومعناه : أن يشهد اثنان ، وكما قال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا " فقال : " به " فعاد بالهاء على اسم الله ، وإنما المعنى : لا نشتري بقسمنا بالله ، فاجتزئ بالعود على اسم الله بالذكر ، والمراد به : " لا نشتري بالقسم بالله " استغناء بفهم السامع بمعناه عن ذكر اسم القسم . وكذلك اجتزئ ، بذكر " الأوليين " من ذكر " الإثم " الذي استحقه الخائنان لخيانتهما إياهما ، إذ كان قد جرى ذكر ذلك بما أغنى السامع عند سماعه إياه عن إعادته ، وذلك قوله : " فإن عثر على أنهما استحقا إثما " .
وأما الذين قرءوا ذلك ( الأولين ) ، فإنهم قصدوا في معناه إلى الترجمة به عن " الذين " فأخرجوا ذلك على وجه الجمع ، إذ كان " الذين " جميعا ، وخفضا ،
[ ص: 198 ] إذ كان " الذين " مخفوضا ، وذلك وجه من التأويل ، غير أنه إنما يقال للشيء " أول " إذا كان له آخر هو له أول . وليس للذين استحق عليهم الإثم ، آخرهم له أول . بل كانت أيمان اللذين عثر على أنهما استحقا إثما قبل أيمانهم ، فهم إلى أن يكونوا إذ كانت أيمانهم آخرا أولى أن يكونوا " آخرين " من أن يكونوا " أولين " وأيمانهم آخرة لأولى قبلها .
وأما القراءة التي حكيت عن
الحسن; فقراءة عن قراءة الحجة من القرأة شاذة ، وكفى بشذوذها عن قراءتهم دليلا على بعدها من الصواب .
واختلف أهل العربية في الرافع لقوله : " الأوليان " إذا قرئ كذلك .
فكان بعض نحويي
البصرة يزعم أنه رفع ذلك ، بدلا من : " آخران " في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فآخران يقومان مقامهما " . وقال : إنما جاز أن يبدل " الأوليان " وهو معرفة ، من " آخران " وهو نكرة ، لأنه حين قال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم " كان كأنه قد حدهما حتى صارا كالمعرفة في المعنى ، فقال : " الأوليان " فأجرى المعرفة عليهما بدلا . قال : ومثل هذا مما يجري على المعنى كثير ، واستشهد لصحة قوله ذلك بقول الراجز :
علي يوم يملك الأمورا صوم شهور وجبت نذورا
وبادنا مقلدا منحورا
[ ص: 199 ]
قال : فجعله : علي واجب ، لأنه في المعنى قد أوجب .
وكان بعض نحويي
الكوفة ينكر ذلك ويقول : لا يجوز أن يكون " الأوليان " بدلا من : " آخران " من أجل أنه قد نسق " فيقسمان " على " يقومان " في قوله " فآخران يقومان " فلم يتم الخبر بعد " من " . قال : ولا يجوز الإبدال قبل إتمام الخبر . وقال : غير جائز : " مررت برجل قام زيد وقعد " و " زيد " بدل من " رجل " .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : " الأوليان " مرفوعان بما لم يسم فاعله ، وهو قوله : ( استحق عليهم ) وأنهما وضعا موضع الخبر عنهما ، فعمل فيهما ما كان عاملا في الخبر عنهما . وذلك أن معنى الكلام : " فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الإثم بالخيانة " فوضع " الأوليان " موضع " الإثم " كما قال - تعالى ذكره - في موضع آخر :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=19أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر [ سورة التوبة : 19 ] ، ومعناه : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة
المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر
[ ص: 200 ] وكما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ، [ سورة البقرة : 93 ] ، وكما قال بعض الهذليين .
يمشي بيننا حانوت خمر من الخرس الصراصرة القطاط
وهو يعني : صاحب حانوت خمر ، فأقام " الحانوت " مقامه ، لأنه معلوم أن " الحانوت " لا يمشي! ولكن لما كان معلوما عنده أنه لا يخفى على سامعه ما قصد إليه من معناه ، حذف " الصاحب " واجتزأ بذكر " الحانوت " منه . فكذلك قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107من الذين استحق عليهم الأوليان " إنما هو من الذين استحق فيهم خيانتهما ، فحذفت " الخيانة " وأقيم " المختانان " مقامها . فعمل فيهما ما كان يعمل في المحذوف ولو ظهر .
وأما قوله : " عليهم " في هذا الموضع ، فإن معناها : فيهم ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ، [ سورة البقرة : 102 ] ، يعني : في
[ ص: 201 ] ملك
سليمان ، وكما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=71ولأصلبنكم في جذوع النخل [ سورة طه : 71 ] . ف " في " توضع موضع " على " و " على " في موضع " في " كل واحدة منهما تعاقب صاحبتها في الكلام ،
ومنه قول الشاعر :
متى ما تنكروها تعرفوها على أقطارها علق نفيث
وقد تأولت جماعة من أهل التأويل قول الله - تعالى ذكره - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان " أنهما رجلان آخران من المسلمين ، أو رجلان أعدل من المقسمين الأولين
ذكر من قال ذلك :
12974 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثنا
عبد الأعلى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، عن
عامر ، عن
شريح في هذه الآية : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم " قال : إذا كان الرجل بأرض غربة ولم يجد مسلما يشهده على
[ ص: 202 ] وصيته ، فأشهد يهوديا ، أو نصرانيا ، أو مجوسيا ، فشهادتهم جائزة . فإن جاء رجلان مسلمان فشهدا بخلاف شهادتهم ، أجيزت شهادة المسلمين ، وأبطلت شهادة الآخرين .
12975 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : " فإن عثر " أي : اطلع منهما على خيانة ، على أنهما كذبا أو كتما ، فشهد رجلان هما أعدل منهما بخلاف ما قالا أجيزت شهادة الآخرين ، وأبطلت شهادة الأولين .
12976 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
جرير ، عن
عبد الملك ، عن
عطاء قال : كان
ابن عباس يقرأ : " من الذين استحق عليهم الأولين " قال : كيف يكون " الأوليان " أرأيت لو كان الأوليان صغيرين؟
12977 - حدثنا
هناد nindex.php?page=showalam&ids=13631وابن وكيع قالا حدثنا
عبدة ، عن
عبد الملك ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس قال : كان يقرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107من الذين استحق عليهم الأوليان ) قال : وقال : أرأيت لو كان الأوليان صغيرين ، كيف يقومان مقامهما؟
قال
أبو جعفر : فذهب
ابن عباس ، فيما أرى ، إلى نحو القول الذي حكيت عن
شريح وقتادة ، من أن ذلك رجلان آخران من المسلمين ، يقومان مقام النصرانيين ، أو عدلان من المسلمين هما أعدل وأجوز شهادة من الشاهدين الأولين أو المقسمين .
وفي إجماع جميع أهل العلم على أن لا حكم لله - تعالى ذكره - يجب فيه على شاهد يمين فيما قام به من الشهادة ، دليل واضح على أن غير هذا التأويل الذي قاله
الحسن ومن قال بقوله في قول الله - تعالى ذكره - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فآخران يقومان مقامهما " أولى به .
[ ص: 203 ]
وأما قوله " الأوليان " فإن معناه عندنا : الأولى بالميت من المقسمين الأولين فالأولى . وقد يحتمل أن يكون معناه : الأولى باليمين منهما فالأولى ثم حذف " منهما " والعرب تفعل ذلك فتقول : " فلان أفضل " وهي تريد : " أفضل منك " وذلك إذا وضع " أفعل " موضع الخبر . وإن وقع موقع الاسم وأدخلت فيه " الألف واللام " فعلوا ذلك أيضا ، إذا كان جوابا لكلام قد مضى ، فقالوا : " هذا الأفضل ، وهذا الأشرف " يريدون : هو الأشرف منك .
وقال
ابن زيد : معنى ذلك : الأوليان بالميت .
12978 - حدثني
يونس ، عن
ابن وهب ، عنه .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_14297nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي - تَعَالَى ذِكْرُهُ - بِقَوْلِهِ : " فَإِنْ عُثِرَ " فَإِنِ اطُّلِعَ مِنْهُمَا أَوْ ظَهَرَ .
وَأَصْلُ " الْعَثْرِ " الْوُقُوعُ عَلَى الشَّيْءِ وَالسُّقُوطُ عَلَيْهِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ : " عَثَرَتْ إِصْبَعُ فُلَانٍ بِكَذَا " إِذَا صَدَمَتْهُ وَأَصَابَتْهُ وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
الْأَعْشَى مَيْمُونِ بْنِ قَيْسٍ :
بِذَاتِ لَوْثٍ عَفَرْنَاةٍ إِذَا عَثَرَتْ فَالتَّعْسُ أَدْنَى لَهَا مِنْ أَنْ أَقُولَ لَعَا
[ ص: 180 ]
يَعْنِي بِقَوْلِهِ : " عَثَرَتْ " أَصَابَ مَنْسِمُ خُفِّهَا حَجَرًا أَوْ غَيْرَهُ . ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَاقِعٍ عَلَى شَيْءٍ كَانَ عَنْهُ خَفِيًّا ، كَقَوْلِهِمْ : (
عَثَرَتْ عَلَى الْغَزْلِ بِأَخَرَةٍ فَلَمْ تَدَعْ بِنَجْدٍ قَرَدَةَ
) ، بِمَعْنَى : وَقَعَتْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا " فَإِنَّهُ يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : فَإِنَّ اطَّلَعَ مِنَ الْوَصِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَ اللَّهَ أَمْرَهُمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا بِاللَّهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا ، يَقُولُ : عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَوْجَبَا بِأَيْمَانِهِمَا الَّتِي حَلَفَا بِهَا إِثْمًا ، وَذَلِكَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا كَاذِبَيْنِ فِي أَيْمَانِهِمَا بِاللَّهِ مَا خُنَّا وَلَا بَدَّلْنَا وَلَا غَيَّرْنَا . فَإِنَّ وُجِدَا قَدْ خَانَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْئًا ، أَوْ غَيَّرَا وَصِيَّتَهُ ، أَوْ بَدَّلَا فَأَثِمَا بِذَلِكَ مَنْ حَلِفِهِمَا بِرَبِّهِمَا "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا " يَقُولُ ، يَقُومُ حِينَئِذٍ مَقَامَهُمَا مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ ، الْأَوْلَيَانِ الْمُوصَى إِلَيْهِمَا .
[ ص: 181 ]
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
12959 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ " قَالَ : إِذَا كَانَ الرَّجُلُ بِأَرْضِ الشِّرْكِ ، فَأَوْصَى إِلَى رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَإِنَّهُمَا يَحْلِفَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ . فَإِذَا اطُّلِعَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ حَلِفِهِمَا أَنَّهُمَا خَانَا شَيْئًا ، حَلَفَ أَوْلِيَاءُ الْمَيِّتِ أَنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ اسْتَحَقُّوا .
12960 - حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
مُغِيرَةَ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ ، بِمِثْلِهِ .
12961 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ " مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ " فَإِنِ ارْتِيبَ فِي شَهَادَتِهِمَا اسْتَحْلَفَا بَعْدَ الصَّلَاةِ بِاللَّهِ : مَا اشْتَرَيْنَا بِشَهَادَتِنَا ثَمَنًا قَلِيلًا . فَإِنِ اطَّلَعَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَيْنِ كَذَبَا فِي شَهَادَتِهِمَا ، قَامَ رَجُلَانِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ فَحَلَفَا بِاللَّهِ : " إِنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرَيْنِ بَاطِلَةٌ ، وَإِنَّا لَمْ نَعْتَدْ " . فَذَلِكَ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا " يَقُولُ : إِنِ اطُّلِعَ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَيْنِ كَذَبَا " فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا " يَقُولُ : مِنَ الْأَوْلِيَاءِ ، فَحَلَفَا بِاللَّهِ : " إِنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرَيْنِ بَاطِلَةٌ ، وَإِنَّا لَمْ نَعْتَدْ " فَتَرُدُّ شَهَادَةُ الْكَافِرَيْنِ ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَوْلِيَاءِ .
19262 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا " أَيِ : اطُّلِعَ مِنْهُمَا عَلَى خِيَانَةٍ أَنَّهُمَا كَذَبَا أَوْ كَتَمَا .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ حَكَمَ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - عَلَى الشَّاهِدَيْنِ
[ ص: 182 ] بِالْأَيْمَانِ فَنَقَلَهَا إِلَى الْآخَرِينِ ، بَعْدَ أَنْ عُثِرَ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا أَلْزَمَهُمَا الْيَمِينَ ، إِذَا ارْتِيبَ فِي شَهَادَتِهِمَا عَلَى الْمَيِّتِ فِي وَصِيَّتِهِ أَنَّهُ أَوْصَى بِغَيْرِ الَّذِي يَجُوزُ فِي حُكْمِ الْإِسْلَامِ . وَذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ أَوْصَى بِمَالِهِ كُلِّهِ ، أَوْ أَوْصَى أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَ وَلَدِهِ بِبَعْضِ مَالِهِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
12963 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ " إِلَى قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ " مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ " مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ " إِلَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ " يَقُولُ : فَيَحْلِفَانِ بِاللَّهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ، فَإِنْ حَلَفَا عَلَى شَيْءٍ يُخَالِفُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - مِنَ الْفَرِيضَةِ ، يَعْنِي اللَّذَيْنِ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا " مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ ، فَيَحْلِفَانِ بِاللَّهِ : " مَا كَانَ صَاحِبُنَا لِيُوصِيَ بِهَذَا " أَوْ : " إِنَّهُمَا لَكَاذِبَانِ ، وَلَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا " .
12964 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ قَالَ : يُوقَفُ الرَّجُلَانِ بَعْدَ صَلَاتِهِمَا فِي دِينِهِمَا ، يَحْلِفَانِ بِاللَّهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ " إِنَّ صَاحِبَكُمْ لَبِهَذَا أَوْصَى ، وَإِنَّ هَذِهِ لَتَرِكَتُهُ : فَإِذَا شَهِدَا ، وَأَجَازَ الْإِمَامُ شَهَادَتَهُمَا عَلَى مَا شَهِدَا ، قَالَ لِأَوْلِيَاءِ الرَّجُلِ : اذْهَبُوا فَاضْرِبُوا فِي الْأَرْضِ وَاسْأَلُوا عَنْهُمَا ، فَإِنْ أَنْتُمْ وَجَدْتُمْ عَلَيْهِمَا خِيَانَةً ، أَوْ أَحَدًا يَطْعُنُ عَلَيْهِمَا ، رَدَدْنَا شَهَادَتَهُمَا . فَيَنْطَلِقُ الْأَوْلِيَاءُ فَيَسْأَلُونَ ، فَإِنْ وَجَدُوا أَحَدًا يَطْعُنُ عَلَيْهِمَا ، أَوْ هُمَا غَيْرُ
[ ص: 183 ] مَرْضِيَّيْنِ عِنْدَهُمْ ، أَوِ اطُّلِعَ عَلَى أَنَّهُمَا خَانَا شَيْئًا مِنَ الْمَالِ وَجَدُوهُ عِنْدَهُمَا ، أَقْبَلَ الْأَوْلِيَاءُ فَشَهِدُوا عِنْدَ الْإِمَامِ ، وَحَلَفُوا بِاللَّهِ : " لَشَهَادَتُنَا أَنَّهُمَا لَخَائِنَانِ مُتَّهَمَانِ فِي دِينِهِمَا مَطْعُونٌ عَلَيْهَا ، أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا بِمَا شَهِدَا ، وَمَا اعْتَدَيْنَا " . فَذَلِكَ قَوْلُهُ : " فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا أُلْزِمَ الشَّاهِدَانِ الْيَمِينَ ، لِأَنَّهُمَا ادَّعَيَا أَنَّهُ أَوْصَى لَهُمَا بِبَعْضِ الْمَالِ . وَإِنَّمَا يُنْقَلُ إِلَى الْآخَرِينَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ، إِذَا ارْتَابُوا بِدَعْوَاهُمَا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
12965 - حَدَّثَنَا
عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17344يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ فِي قَوْلِهِ : " تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ " قَالَ : زَعَمَا أَنَّهُ أَوْصَى لَهُمَا بِكَذَا وَكَذَا "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا " . أَيْ بِدَعْوَاهُمَا لِأَنْفُسِهِمَا "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " أَنَّ صَاحِبَنَا لَمْ يُوصِ إِلَيْكُمَا بِشَيْءٍ مِمَّا تَقُولَانِ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا ، أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ أُلْزِمَا الْيَمِينَ فِي ذَلِكَ بِاتِّهَامِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ إِيَّاهُمَا فِيمَا دَفَعَ إِلَيْهِمَا الْمَيِّتُ مِنْ مَالِهِ ، وَدَعْوَاهُمْ قَبْلَهُمَا خِيَانَةَ مَالٍ مَعْلُومِ الْمَبْلَغِ ، وَنُقِلَتْ بَعْدُ إِلَى الْوَرَثَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الرِّيبَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنَ الْوَرَثَةِ فِيهِمَا ، وَصِحَّةِ التُّهْمَةِ عَلَيْهِمَا بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا ، فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ حِينَئِذٍ مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِمَا ، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا ، إِنَّمَا صَحَّحَ دَعْوَاهُ إِذَا حُقِّقَ حَقُّهُ أَوِ : الْإِقْرَارُ يَكُونُ مِنَ الشُّهُودِ بِبَعْضِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِمَا الْوَارِثُ أَوْ بِجَمِيعِهِ ، ثُمَّ
[ ص: 184 ] دَعْوَاهُمَا فِي الَّذِي أَقَرَّا بِهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ مَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ دَعَوَاهُمَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ ، ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُمَا عَلَى دَعْوَاهُمَا تِلْكَ بَيِّنَةٌ ، فَيُنْقَلُ حِينَئِذٍ الْيَمِينُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ .
وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ حُكْمًا يَجِبُ فِيهِ الْيَمِينُ عَلَى الشُّهُودِ ، ارْتِيبَ بِشَهَادَتِهِمَا أَوْ لَمْ يُرْتَبْ بِهَا ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ نَظِيرًا لِذَلِكَ وَلَا - إِذَا لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ كَذَلِكَ - صَحَّ بِخَبَرٍ عَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَلَا بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ . لِأَنَّ اسْتِحْلَافَ الشُّهُودِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - ، فَيَكُونُ أَصْلًا مُسَلَّمًا . وَالْقَوْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا أَوْ نَظِيرًا لِأَصْلٍ فِيمَا تَنَازَعَتْ فِيهِ الْأُمَّةُ ، كَانَ وَاضِحًا فَسَادُهُ .
وَإِذَا فَسَدَ هَذَا الْقَوْلُ بِمَا ذَكَرْنَا ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ اسْتُحْلِفَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا ادَّعَيَا عَلَى الْمَيِّتِ وَصِيَّةً لَهُمَا بِمَالٍ مِنْ مَالِهِ ، أَفْسَدُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِي أَنَّ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - أَنَّ مُدَّعِيًا لَوِ
nindex.php?page=treesubj&link=14297ادَّعَى فِي مَالِ مَيِّتٍ وَصِيَّةً ، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ وَرَثَةِ الْمُدَّعِي فِي مَالِهِ الْوَصِيَّةَ مَعَ أَيْمَانِهِمْ ، دُونَ قَوْلِ مُدَّعِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ . وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْيَمِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الشُّهُودِ إِذَا ارْتِيبَ بِهِمَا ، وَإِنَّمَا نُقِلَ الْأَيْمَانُ عَنْهُمْ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ ، إِذَا عُثِرَ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ اسْتَحَقُّوا إِثْمًا فِي أَيْمَانِهِمْ . فَمَعْلُومٌ بِذَلِكَ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ قَالَ : " أُلْزِمَ الْيَمِينَ الشُّهُودُ ، لِدَعْوَاهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَصِيَّةً أَوْصَى بِهَا لَهُمُ الْمَيِّتُ مِنْ مَالِهِ " .
عَلَى أَنَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، بَيْنَ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ وَبِسَبَبِهِمْ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
[ ص: 185 ]
12966 - حَدَّثَنِي
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ ، عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810484خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ nindex.php?page=showalam&ids=155تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ ، فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمٌ . فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ ، فَقَدُوا جَامًا مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا بِالذَّهَبِ ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . ثُمَّ وُجِدَ الْجَامُ بِمَكَّةَ ، فَقَالُوا : اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=155تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ ! فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ فَحَلَفَا : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا " وَأَنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ . قَالَ : وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ " .
[ ص: 186 ]
12967 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16969مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ
بَاذَّانِ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ابْنَةِ أَبِي طَالِبٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810485عَنْ تَمِيمٍ الدَّرِايِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ " قَالَ : بَرِئَ النَّاسُ مِنْهَا غَيْرِي وَغَيْرَ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ وَكَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّأْمِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ . فَأَتَيَا الشَّأْمَ لِتِجَارَتِهِمَا ، وَقَدِمَ عَلَيْهِمَا مَوْلًى لِبَنِي سَهْمٍ يُقَالُ لَهُ بُرَيْلُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ بِتِجَارَةٍ ، وَمَعَهُ جَامُ فِضَّةٍ يُرِيدُ بِهِ الْمَلِكَ ، وَهُوَ عُظْمُ تِجَارَتِهِ ، فَمَرِضَ ، فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا ، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يُبَلِّغَا مَا تَرَكَ أَهْلَهُ . قَالَ تَمِيمٌ : فَلَمَّا مَاتَ أَخَذْنَا ذَلِكَ الْجَامَ فَبِعْنَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَقَسَّمْنَاهُ أَنَا وَعَدِيُّ بْنُ بَدَّاءٍ ، فَلَمَّا قَدِمَنَا إِلَى أَهْلِهِ ، دَفَعَنَا إِلَيْهِمْ مَا كَانَ مَعَنَا ، وَفَقَدُوا الْجَامَ ، فَسَأَلُوا عَنْهُ ، فَقُلْنَا : مَا تَرَكَ غَيْرَ هَذَا ، وَمَا دَفَعَ إِلَيْنَا غَيْرَهُ : قَالَ تَمِيمٌ : فَلَمَّا أَسْلَمْتُ بَعْدَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ ، تَأَثَّمْتُ مِنْ ذَلِكَ ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِمْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِي مِثْلَهَا! فَوَثَبُوا إِلَيْهِ ، فَأَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . [ ص: 187 ] فَسَأَلَهُمُ الْبَيِّنَةَ ، فَلَمْ يَجِدُوا . فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يُعَظَّمُ بِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ ، فَحَلَفَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ " إِلَى قَوْلِهِ : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ " فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْهُمْ فَحَلَفَا ، فَنُزِعَتِ الْخَمْسُمِائَةٍ مِنْ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ . [ ص: 188 ]
12968 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو سُفْيَانَ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ قَالَ : وَثَنَا
الْحَجَّاجُ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ " الْآيَةَ ، قَالَ :
كَانَ عَدِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=155وَتَمِيمُ الدَّارِيُّ ، وَهُمَا مِنْ لَخْمٍ ، نَصْرَانِيَّانِ ، يَتَّجِرَانِ إِلَى مَكَّةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ . فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَوَّلَا مَتْجَرَهُمَا إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَقَدِمَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ ، وَهُوَ يُرِيدُ الشَّأْمَ تَاجِرًا ، فَخَرَجُوا جَمِيعًا ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ ، مَرِضَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ ، فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ ثَمَّ دَسَّهَا فِي مَتَاعِهِ ، ثُمَّ أَوْصَى إِلَيْهِمَا . فَلَمَّا مَاتَ فَتَحَا مَتَاعَهُ ، فَأَخَذَا مَا أَرَادَا ، ثُمَّ قَدِمَا عَلَى أَهْلِهِ فَدَفَعَا مَا أَرَادَا ، فَفَتَحَ أَهْلُهُ مَتَاعَهُ ، فَوَجَدُوا كِتَابَهُ وَعَهْدَهُ وَمَا خَرَجَ بِهِ ، وَفَقَدُوا شَيْئًا ، فَسَأَلُوهُمَا عَنْهُ ، فَقَالُوا : هَذَا الَّذِي قَبَضْنَا لَهُ وَدَفَعَ إِلَيْنَا . قَالَ لَهُمَا أَهْلُهُ : فَبَاعَ شَيْئًا أَوِ ابْتَاعَهُ؟ قَالَا لَا! قَالُوا : فَهَلِ اسْتَهْلَكَ مِنْ مَتَاعِهِ شَيْئًا؟ قَالَا لَا! قَالُوا : فَهَلْ تَجَرَ [ ص: 189 ] تِجَارَةً؟ قَالَا لَا! قَالُوا : فَإِنَّا قَدْ فَقَدْنَا بَعْضَهُ! فَاتُّهِمَا ، فَرَفَعُوهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ " إِلَى قَوْلِهِ : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ " . قَالَ : فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُمَا فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْعَصْرِ : بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، مَا قَبَضْنَا لَهُ غَيْرَ هَذَا ، وَلَا كَتَمْنَا " . قَالَ : فَمَكَثَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَا ، ثُمَّ ظُهِرَ مَعَهُمَا عَلَى إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ مَنْقُوشٍ مُمَوَّهٍ بِذَهَبٍ ، فَقَالَ : أَهْلُهُ : هَذَا مِنْ مَتَاعِهِ؟ قَالَا نَعَمْ ، وَلَكِنَّا اشْتَرَيْنَا مِنْهُ ، وَنَسِينَا أَنْ نَذْكُرَهُ حِينَ حَلَفْنَا ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُكَذِّبَ أَنْفُسَنَا! فَتَرَافَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الْأُخْرَى : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ أَنْ يَحْلِفَا عَلَى مَا كَتَمَا وَغَيَّبَا وَيَسْتَحِقَّانِهِ . ثُمَّ إِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=155تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَسْلَمَ وَبَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَكَانَ يَقُولُ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ : أَنَا أَخَذْتُ الْإِنَاءَ !
[ ص: 190 ]
12969 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ " الْآيَةَ كُلَّهَا . قَالَ : هَذَا شَيْءٌ كَانَ حِينَ لَمْ يَكُنِ الْإِسْلَامُ إِلَّا
بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَتِ الْأَرْضُ كُلُّهَا كُفْرًا ، فَقَالَ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ " مِنَ الْمُسْلِمِينَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ " مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ " قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ مُسَافِرًا ، وَالْعَرَبُ أَهْلُ كَفْرٍ ، فَعَسَى أَنْ يَمُوتَ فِي سَفَرِهِ ، فَيُسْنِدُ وَصِيَّتَهُ إِلَى رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ " فِي أَمْرِهِمَا . إِذَا قَالَ الْوَرَثَةُ : كَانَ مَعَ صَاحِبِنَا كَذَا وَكَذَا ، فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ : مَا كَانَ مَعَهُ إِلَّا هَذَا الَّذِي قُلْنَا "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا " أَنَمَا حَلَفَا عَلَى بَاطِلٍ وَكَذِبٍ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " بِالْمَيِّتِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ " ذَكَرْنَا أَنَّهُ كَانَ مَعَ صَاحِبِنَا كَذَا وَكَذَا ، قَالَ هَؤُلَاءِ : لَمْ يَكُنْ مَعَهُ! قَالَ : ثُمَّ عُثِرَ عَلَى بَعْضِ الْمَتَاعِ عِنْدَهُمَا ، فَلَمَّا عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ رُدَّتِ الْقَسَامَةُ عَلَى وَارِثِهِ ، فَأَقْسَمَا ، ثُمَّ ضَمِنَ هَذَانَ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ " فَتُبْطَلُ أَيْمَانُهُمْ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ " الْكَاذِبِينَ ، الَّذِينَ يَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : قَدِمَ
nindex.php?page=showalam&ids=155تَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَصَاحِبٌ لَهُ ، وَكَانَا يَوْمَئِذٍ مُشْرِكَيْنِ ، وَلَمْ يَكُونَا أَسْلَمَا ، فَأَخْبَرَا أَنَّهُمَا أَوْصَى إِلَيْهِمَا رَجُلٌ ، وَجَاءَا بِتَرِكَتِهِ . فَقَالَ أَوْلِيَاءُ الْمَيِّتِ :
[ ص: 191 ] كَانَ مَعَ صَاحِبِنَا كَذَا وَكَذَا ، وَكَانَ مَعَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ! وَقَالَ الْآخَرَانِ : لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا الَّذِي جِئْنَا بِهِ! فَحَلَفَا خَلْفَ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ عُثِرَ عَلَيْهِمَا بَعْدُ وَالْإِبْرِيقُ مَعَهُمَا . فَلَمَّا عُثِرَ عَلَيْهِمَا ، رُدَّتِ الْقَسَامَةُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ بِالَّذِي قَالُوا مَعَ صَاحِبِهِمْ ، ثُمَّ ضَمِنَهُمَا الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ الْأَوْلَيَانِ .
12970 - حَدَّثَنَا
الرَّبِيعُ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو سَعِيدٍ مُعَاذُ بْنُ مُوسَى الْجَعْفَرِيُّ ، عَنْ
بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ ، عَنْ
مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ
بُكَيْرٌ ، قَالَ
مُقَاتِلٌ : أَخَذْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ
مُجَاهِدٍ وَالْحُسْنِ وَالضَّحَّاكِ فِي قَوْلِ اللَّهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ " أَنَّ رَجُلَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ مِنْ
أَهْلِ دَارَيْنِ ، أَحَدُهُمَا تَمِيمِيٌّ ، وَالْآخِرُ يَمَانِيٌّ ، صَاحَبَهُمَا مَوْلًى
لِقُرَيْشٍ فِي تِجَارَةٍ ، فَرَكِبُوا الْبَحْرَ ، وَمَعَ الْقُرَشِيِّ مَالٌ مَعْلُومٌ قَدْ عَلِمَهُ أَوْلِيَاؤُهُ ، مِنْ بَيْنِ آنِيَةٍ وَبَزٍّ وَرِقَةٍ . فَمَرِضَ الْقُرَشِيُّ ، فَجَعْلَ وَصِيَّتَهُ إِلَى الدَّارِيَّيْنِ ، فَمَاتَ ، وَقَبَضَ الدَّارِيَّانِ الْمَالَ وَالْوَصِيَّةَ ، فَدَفَعَاهُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ ، وَجَاءَا بِبَعْضِ مَالِهِ ، وَأَنْكَرَ الْقَوْمُ قِلَّةَ الْمَالِ ، فَقَالُوا لِلْدَارِيَّيْنِ : إِنَّ صَاحِبَنَا قَدْ خَرَجَ مَعَهُ بِمَالٍ أَكْثَرَ مِمَّا أَتَيْتُمُونَا بِهِ ، فَهَلْ بَاعَ شَيْئًا أَوِ اشْتَرَى شَيْئًا ، فَوُضِعَ فِيهِ ، وَهَلْ طَالَ مَرَضُهُ فَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَا لَا! قَالُوا : فَإِنَّكُمَا خُنْتُمَانَا! فَقَبَضُوا الْمَالَ ، وَرَفَعُوا أَمْرَهُمَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ " إِلَى آخَرِ الْآيَةِ . فَلَمَّا نَزَلَ : أَنْ يُحْبَسَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ ، أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقَامَا بَعْدَ الصَّلَاةِ ، فَحَلَفَا بِاللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ : " مَا تَرَكَ مَوْلَاكُمْ مِنَ الْمَالِ إِلَّا مَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ ، وَإِنَّا لَا نَشْتَرِي بِأَيْمَانِنَا
[ ص: 192 ] ثَمَنًا قَلِيلًا مِنَ الدُّنْيَا ، وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ " . فَلَمَّا حَلَفَا خَلَّى سَبِيلَهُمَا . ثُمَّ إِنَّهُمْ وَجَدُوا بَعْدَ ذَلِكَ إِنَاءً مِنْ آنِيَةِ الْمَيِّتِ ، فَأُخِذَ الدَّارِيَّانِ ، فَقَالَا اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ! وَكَذَبَا ، فَكُلِّفَا الْبَيِّنَةَ ، فَلَمْ يَقْدِرَا عَلَيْهَا . فَرَفَعُوا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : " فَإِنْ عُثِرَ " يَقُولُ : فَإِنِ اطُّلِعَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا " يَعْنِي الدَّارِيَّيْنِ ، إِنْ كَتَمَا حَقًّا " فَآخَرَانِ " مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ : " إِنَّ مَالَ صَاحِبِنَا كَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَإِنَّ الَّذِي يُطْلَبُ قِبَلَ الدَّارِيَيْنِ لَحَقٌّ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ " هَذَا قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا " يَعْنِي : الدَّارِيَّيْنِ وَالنَّاسَ ، أَنْ يَعُودُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي رَوَيْنَا ، دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى صِحَّةٍ مَا قُلْنَا ، مِنْ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - بِالْيَمِينِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ دَعْوَى وَرَثَتِهِ عَلَى الْمُسْنَدِ إِلَيْهِمَا الْوَصِيَّةَ ، خِيَانَةً فِيمَا دَفَعَ الْمَيِّتُ مِنْ مَالِهِ إِلَيْهِمَا ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَبْرَأُ فِيهِ الْمُدَّعَى ذَلِكَ قِبَلَهُ إِلَّا بِيَمِينٍ وَأَنَّ نَقْلَ الْيَمِينِ إِلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - ، بَعْدَ أَنْ عَثَرَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا ، فِي أَيْمَانِهِمَا ، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى كَذِبِهِمَا فِيهَا ، إِنِ الْقَوْمَ ادَّعَوْا
[ ص: 193 ] فِيمَا صَحَّ أَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ دَعْوًى مِنَ انْتِقَالِ مِلْكٍ عَنْهُ إِلَيْهِمَا بِبَعْضِ مَا تَزُولُ بِهِ الْأَمْلَاكُ ، مِمَّا يَكُونُ الْيَمِينُ فِيهَا عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ دُونَ الْمُدَّعَى ، وَتَكُونُ الْبَيِّنَةُ فِيهَا عَلَى الْمُدَّعِي وَفَسَادِ مَا خَالَفَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا قُلْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ .
وَفِيهَا أَيْضًا ، الْبَيَانُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى " الشَّهَادَةِ " الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ إِنَّمَا هِيَ الْيَمِينُ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، [ سُورَةُ النُّورِ : 6 ] . فَالشَّهَادَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، مَعْنَاهَا الْقَسَمُ ، مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : " أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ " وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ " إِنَّمَا هُوَ : قَسَمٌ بَيْنَكُمْ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ " أَنْ يُقْسِمَ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ، إِنْ كَانَا اتُّمِنَا عَلَى مَالٍ فَارْتِيبَ بِهِمَا ، أَوِ اتُّمِنَ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَاتُّهِمَا . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - ، لَمَّا ذَكَرَ نَقْلَ الْيَمِينِ مِنَ اللَّذَيْنِ ظُهِرَ عَلَى خِيَانَتِهِمَا إِلَى الْآخَرَيْنِ ، قَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا " . وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَيِّتِ الْمُدَّعِينَ قِبَلَ اللَّذَيْنِ ظُهِرَ عَلَى خِيَانَتِهِمَا ، غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَا شُهَدَاءُ ، بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ الَّتِي يُؤْخَذُ بِهَا فِي الْحُكْمِ حَقُّ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِمُدَّعٍ . لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لِلَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - حُكْمٌ قَضَى فِيهِ لِأَحَدٍ بِدَعْوَاهُ وَيَمِينِهِ عَلَى مُدَّعًى عَلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا إِقْرَارٍ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا بُرْهَانٍ . فَإِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا " إِنَّمَا مَعْنَاهُ : قَسَمُنَا أَحَقُّ مِنْ قَسَمِهِمَا وَكَانَ قَسَمُ اللَّذَيْنِ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا أَثِمَا ، هُوَ الشَّهَادَةُ الَّتِي ذَكَرَ
[ ص: 194 ] اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا " صَحَّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ : " شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ " بِمَعْنَى : " الشَّهَادَةِ " فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا " وَأَنَّهَا بِمَعْنَى الْقَسَمِ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَاخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " .
فَقَرَأَ ذَلِكَ قَرَأَةُ
الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّأْمِ : مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ ، بِضَمِّ " التَّاءِ " .
وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ ، nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ : مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ، بِفَتْحِ " التَّاءِ " .
وَاخْتَلَفَتْ أَيْضًا فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ : " الْأَوْلَيَانِ " .
فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ وَالشَّأْمِ وَالْبَصْرَةِ : ( الْأَوْلَيَانِ ) .
وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قَرَأَةِ أَهْلِ
الْكُوفَةِ : ( الْأَوَّلِينَ ) .
وَذُكِرَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ : " مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوَّلَانِ " .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ " قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِضَمِّ " التَّاءِ " لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقَرَأَةِ عَلَيْهِ ، مَعَ مُشَايَعَةِ عَامَّةِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِهِ ، وَذَلِكَ إِجْمَاعُ عَامَّتِهِمْ عَلَى أَنَّ تَأْوِيلَهُ : فَآخَرَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ ، الَّذِينَ اسْتَحَقَّ الْمُؤْتَمَنَانِ عَلَى مَالِ الْمَيِّتِ الْإِثْمَ فِيهِمْ ،
[ ص: 195 ] يَقُومَانِ مَقَامَ الْمُسْتَحِقَّيِ الْإِثْمِ فِيهِمَا ، بِخِيَانَتِهِمَا مَا خَانَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا قَائِلِي ذَلِكَ ، أَوْ أَكْثَرَ قَائِلِيهِ ، فِيمَا مَضَى قَبْلُ ، وَنَحْنُ ذَاكِرُو بَاقِيهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ :
12971 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ " أَنْ يَمُوتَ الْمُؤْمِنُ فَيَحْضُرُ مَوْتَهُ مُسْلِمَانِ أَوْ كَافِرَانِ ، لَا يَحْضُرُهُ غَيْرُ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ . فَإِنْ رَضِيَ وَرَثَتُهُ مَا عَاجَلَ عَلَيْهِ مِنْ تَرِكَتِهِ فَذَاكَ ، وَحَلَفَ الشَّاهِدَانِ إِنِ اتُّهِمَا : إِنَّهُمَا لَصَادِقَانِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ " وُجِدَ . . . . . . . . . ، حَلَفَ الِاثْنَانِ الْأَوْلَيَانِ مِنَ الْوَرَثَةِ ، فَاسْتَحَقَّا وَأَبْطَلَا أَيْمَانَ الشَّاهِدَيْنِ .
وَأَحْسَبُ أَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِفَتْحِ " التَّاءِ " أَرَادُوا أَنْ يُوَجِّهُوا تَأْوِيلَهُ إِلَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا " مَقَامَ الْمُؤْتَمَنَيْنِ اللَّذَيْنِ عُثِرَ عَلَى خِيَانَتِهِمَا فِي الْقَسَمِ ، وَ " الِاسْتِحْقَاقِ بِهِ عَلَيْهِمَا " دَعَوَاهُمَا قِبَلَهُمَا مِنَ " الَّذِينَ اسْتَحَقَّ " عَلَى الْمُؤْتَمَنَيْنِ عَلَى الْمَالِ عَلَى خِيَانَتِهِمَا الْقِيَامَ مَقَامَهُمَا فِي الْقَسَمِ وَالِاسْتِحْقَاقِ ، الْأَوْلَيَانِ بِالْمَيِّتِ . وَكَذَلِكَ كَانَتْ قِرَاءَةُ مَنْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْهُ ، فَقَرَأَ ذَلِكَ : " مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ " بِفَتْحِ " التَّاءِ " وَ " الْأَوْلَيَانِ " عَلَى مَعْنَى : الْأَوْلَيَانِ بِالْمَيِّتِ وَمَالِهِ . وَذَلِكَ مَذْهَبٌ صَحِيحٌ ، وَقِرَاءَةٌ غَيْرُ مَدْفُوعَةٍ صِحَّتُهَا ، غَيْرُ أَنَّا نَخْتَارُ الْأُخْرَى ،
[ ص: 196 ] لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مَنَّ الْقَرَأَةِ عَلَيْهَا ، مَعَ مُوَافَقَتِهَا التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ .
12972 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، عَنْ
إِسْرَائِيلَ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكُرَيْبٌ ، عَنْ
عَلِيٍّ : أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ : " مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " .
12973 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ
حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ
وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17344يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، عَنْ
أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ : " مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَمَّا أَوْلَى الْقِرَاءَاتِ بِالصَّوَابِ فِي قَوْلِهِ : " الْأَوْلَيَانِ " عِنْدِي ،
[ ص: 197 ] فَقِرَاءَةُ مِنْ قَرَأَ : ( الْأَوْلَيَانِ ) لِصِحَّةِ مَعْنَاهَا . وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " : فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِي اسْتُحِقَّ ] فِيهِمُ الْإِثْمُ ، ثُمَّ حُذِفَ " الْإِثْمُ " وَأُقِيمَ مَقَامَهُ " الْأَوْلَيَانِ " لِأَنَّهُمَا هُمَا اللَّذَانِ ظَلَمَا وَأَثِمَا فِيهِمَا ، بِمَا كَانَ مِنْ خِيَانَةِ اللَّذَيْنِ اسْتَحَقَّا الْإِثْمَ ، وَعُثِرَ عَلَيْهِمَا بِالْخِيَانَةِ مِنْهُمَا فِيمَا كَانَ اتَّمَنَهُمَا عَلَيْهِ الْمَيِّتُ ، كَمَا قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مِنْ فِعْلِ الْعَرَبِ مِثْلَ ذَلِكَ ، مِنْ حَذْفِهِمُ الْفِعْلَ اجْتِزَاءً بِالِاسْمِ ، وَحَذْفِهِمُ الِاسْمَ اجْتِزَاءً بِالْفِعْلِ . وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ " وَمَعْنَاهُ : أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ ، وَكَمَا قَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا " فَقَالَ : " بِهِ " فَعَادَ بِالْهَاءِ عَلَى اسْمِ اللَّهِ ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى : لَا نَشْتَرِي بِقَسَمِنَا بِاللَّهِ ، فَاجْتُزِئَ بِالْعَوْدِ عَلَى اسْمِ اللَّهِ بِالذِّكْرِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ : " لَا نَشْتَرِي بِالْقَسَمِ بِاللَّهِ " اسْتِغْنَاءً بِفَهْمِ السَّامِعِ بِمَعْنَاهُ عَنْ ذِكْرِ اسْمِ الْقَسَمِ . وَكَذَلِكَ اجْتُزِئَ ، بِذِكْرِ " الْأَوْلَيَيْنِ " مِنْ ذِكْرِ " الْإِثْمِ " الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْخَائِنَانِ لِخِيَانَتِهِمَا إِيَّاهُمَا ، إِذْ كَانَ قَدْ جَرَى ذِكْرُ ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى السَّامِعَ عِنْدَ سَمَاعِهِ إِيَّاهُ عَنْ إِعَادَتِهِ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ : " فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا " .
وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ ( الْأَوَّلِينَ ) ، فَإِنَّهُمْ قَصَدُوا فِي مَعْنَاهُ إِلَى التَّرْجَمَةِ بِهِ عَنِ " الَّذِينَ " فَأَخْرَجُوا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْجَمْعِ ، إِذْ كَانَ " الَّذِينَ " جَمِيعًا ، وَخَفْضًا ،
[ ص: 198 ] إِذْ كَانَ " الَّذِينَ " مَخْفُوضًا ، وَذَلِكَ وَجْهٌ مِنَ التَّأْوِيلِ ، غَيْرُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ لِلشَّيْءِ " أَوَّلُ " إِذَا كَانَ لَهُ آخِرُ هُوَ لَهُ أَوَّلُ . وَلَيْسَ لِلَّذِينِ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْإِثْمُ ، آخِرُهُمْ لَهُ أَوَّلُ . بَلْ كَانَتْ أَيْمَانُ اللَّذَيْنِ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا قَبْلَ أَيْمَانِهِمْ ، فَهُمْ إِلَى أَنْ يَكُونُوا إِذْ كَانَتْ أَيْمَانُهُمْ آخِرًا أَوْلَى أَنْ يَكُونُوا " آخِرَيْنِ " مِنْ أَنْ يَكُونُوا " أَوَّلَيْنِ " وَأَيْمَانُهُمْ آخِرَةٌ لِأُولَى قَبْلَهَا .
وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الَّتِي حُكِيَتْ عَنِ
الْحَسَنِ; فَقِرَاءَةٌ عَنْ قِرَاءَةِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقَرَأَةِ شَاذَّةٌ ، وَكَفَى بِشُذُوذِهَا عَنْ قِرَاءَتِهِمْ دَلِيلًا عَلَى بُعْدِهَا مِنَ الصَّوَابِ .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الرَّافِعِ لِقَوْلِهِ : " الْأَوْلَيَانِ " إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ .
فَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي
الْبَصْرَةِ يَزْعُمُ أَنَّهُ رُفِعَ ذَلِكَ ، بَدَلًا مِنْ : " آخَرَانِ " فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا " . وَقَالَ : إِنَّمَا جَازَ أَنْ يُبْدَلَ " الْأَوْلَيَانِ " وَهُوَ مَعْرِفَةٌ ، مِنْ " آخَرَانِ " وَهُوَ نَكِرَةٌ ، لِأَنَّهُ حِينَ قَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ " كَانَ كَأَنَّهُ قَدْ حَدَّهُمَا حَتَّى صَارَا كَالْمَعْرِفَةِ فِي الْمَعْنَى ، فَقَالَ : " الْأَوْلَيَانِ " فَأَجْرَى الْمُعَرَّفَةُ عَلَيْهِمَا بَدَلًا . قَالَ : وَمِثْلُ هَذَا مِمَّا يَجْرِي عَلَى الْمَعْنَى كَثِيرٌ ، وَاسْتَشْهَدَ لِصِحَّةِ قَوْلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ الرَّاجِزِ :
عَلَيَّ يَوْمَ يَمْلِكُ الْأُمُورَا صَوْمُ شُهُورٍ وَجَبَتْ نُذُورَا
وَبَادِنًا مُقَلَّدًا مَنْحُورَا
[ ص: 199 ]
قَالَ : فَجَعَلَهُ : عَلَيَّ وَاجِبٌ ، لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى قَدْ أُوجِبَ .
وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي
الْكُوفَةِ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَقُولُ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " الْأَوْلَيَانِ " بَدَلًا مِنْ : " آخَرَانِ " مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ نَسَقَ " فَيُقْسِمَانِ " عَلَى " يَقُومَانِ " فِي قَوْلِهِ " فَآخَرَانِ يَقُومَانِ " فَلَمْ يَتِمَّ الْخَبَرُ بَعْدَ " مِنْ " . قَالَ : وَلَا يَجُوزُ الْإِبْدَالُ قَبْلَ إِتْمَامِ الْخَبَرِ . وَقَالَ : غَيْرُ جَائِزٍ : " مَرَرْتُ بِرَجُلٍ قَامَ زَيْدٍ وَقَعَدَ " وَ " زِيدٌ " بَدَلٌ مِنْ " رَجُلٍ " .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ : " الْأَوْلَيَانِ " مَرْفُوعَانِ بِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : ( اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمْ ) وَأَنَّهُمَا وُضِعَا مَوْضِعَ الْخَبَرِ عَنْهُمَا ، فَعَمِلَ فِيهِمَا مَا كَانَ عَامِلًا فِي الْخَبَرِ عَنْهُمَا . وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ : " فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْإِثْمُ بِالْخِيَانَةِ " فَوَضَعَ " الْأَوْلَيَانِ " مَوْضِعَ " الْإِثْمِ " كَمَا قَالَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - فِي مَوْضِعٍ آخَرَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=19أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 19 ] ، وَمَعْنَاهُ : أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَإِيمَانِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
[ ص: 200 ] وَكَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ، [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 93 ] ، وَكَمَا قَالَ بَعْضُ الْهُذَلِيِّينَ .
يُمَشِّي بَيْنَنَا حَانُوتُ خَمْرٍ مِنَ الْخُرْسِ الصَّرَاصِرَةِ الْقِطَاطِ
وَهُوَ يَعْنِي : صَاحِبُ حَانُوتِ خَمْرٍ ، فَأَقَامَ " الْحَانُوتُ " مَقَامَهُ ، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ " الْحَانُوتَ " لَا يَمْشِي! وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَى سَامِعِهِ مَا قَصَدَ إِلَيْهِ مِنْ مَعْنَاهُ ، حَذَفَ " الصَّاحِبَ " وَاجْتَزَأَ بِذِكْرِ " الْحَانُوتِ " مِنْهُ . فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " إِنَّمَا هُوَ مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ فِيهِمْ خِيَانَتُهُمَا ، فَحُذِفَتِ " الْخِيَانَةُ " وَأُقِيمَ " الْمُخْتَانَانِ " مَقَامَهَا . فَعَمِلَ فِيهِمَا مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الْمَحْذُوفِ وَلَوْ ظَهَرَ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " عَلَيْهِمْ " فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، فَإِنَّ مَعْنَاهَا : فِيهِمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ، [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 102 ] ، يَعْنِي : فِي
[ ص: 201 ] مُلْكِ
سُلَيْمَانَ ، وَكَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=71وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [ سُورَةُ طه : 71 ] . فَ " فِي " تُوضَعُ مَوْضِعَ " عَلَى " وَ " عَلَى " فِي مَوْضِعِ " فِي " كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُعَاقِبُ صَاحِبَتَهَا فِي الْكَلَامِ ،
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
مَتَى مَا تُنْكِرُوهَا تَعْرِفُوهَا عَلَى أَقْطَارِهَا عَلَقٌ نَفِيثُ
وَقَدْ تَأَوَّلَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ قَوْلَ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " أَنَّهُمَا رَجُلَانِ آخَرَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ رَجُلَانِ أَعْدَلُ مِنَ الْمُقْسِمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
12974 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15854دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ
عَامِرٍ ، عَنْ
شُرَيْحٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ " قَالَ : إِذَا كَانَ الرَّجُلُ بِأَرْضِ غُرْبَةٍ وَلَمْ يَجِدْ مُسْلِمًا يُشْهِدُهُ عَلَى
[ ص: 202 ] وَصِيَّتِهِ ، فَأَشْهَدَ يَهُودِيًّا ، أَوْ نَصْرَانِيًّا ، أَوْ مَجُوسِيًّا ، فَشَهَادَتُهُمْ جَائِزَةٌ . فَإِنْ جَاءَ رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ فَشَهِدَا بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمْ ، أُجِيزَتْ شَهَادَةُ الْمُسْلِمَيْنِ ، وَأُبْطِلَتْ شَهَادَةُ الْآخَرَيْنِ .
12975 - حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : " فَإِنْ عُثِرَ " أَيِ : اطَّلَعَ مِنْهُمَا عَلَى خِيَانَةٍ ، عَلَى أَنَّهُمَا كَذَبَا أَوْ كَتَمَا ، فَشَهِدَ رَجُلَانِ هُمَا أَعْدَلُ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا قَالَا أُجِيزَتْ شَهَادَةُ الْآخَرَيْنِ ، وَأُبْطِلَتْ شَهَادَةُ الْأَوَّلَيْنِ .
12976 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ
عَطَاءٍ قَالَ : كَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ : " مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوَّلَيْنِ " قَالَ : كَيْفَ يَكُونُ " الْأَوْلَيَانِ " أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ الْأَوْلَيَانِ صَغِيرَيْنِ؟
12977 - حَدَّثَنَا
هَنَّادٌ nindex.php?page=showalam&ids=13631وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا
عَبْدَةُ ، عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ يَقْرَأُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوَّلَيَانِ ) قَالَ : وَقَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ الْأَوْلَيَانِ صَغِيرَيْنِ ، كَيْفَ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا؟
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ
ابْنُ عَبَّاسٍ ، فِيمَا أَرَى ، إِلَى نَحْوِ الْقَوْلِ الَّذِي حَكَيْتُ عَنْ
شُرَيْحٍ وَقَتَادَةَ ، مِنْ أَنَّ ذَلِكَ رَجُلَانِ آخَرَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، يَقُومَانِ مَقَامَ النَّصْرَانِيَّيْنِ ، أَوْ عَدْلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ هُمَا أَعْدَلُ وَأَجْوَزُ شَهَادَةً مِنَ الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَوِ الْمُقْسِمَيْنِ .
وَفِي إِجْمَاعِ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ لَا حُكْمَ لِلَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - يَجِبُ فِيهِ عَلَى شَاهِدِ يَمِينٌ فِيمَا قَامَ بِهِ مِنَ الشَّهَادَةِ ، دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي قَالَهُ
الْحَسَنُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا " أَوْلَى بِهِ .
[ ص: 203 ]
وَأَمَّا قَوْلُهُ " الْأَوْلَيَانِ " فَإِنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا : الْأَوْلَى بِالْمَيِّتِ مِنَ الْمُقْسِمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَالْأَوْلَى . وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : الْأَوْلَى بِالْيَمِينِ مِنْهُمَا فَالْأَوْلَى ثُمَّ حَذَفَ " مِنْهُمَا " وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فَتَقُولُ : " فُلَانٌ أَفْضَلُ " وَهِيَ تُرِيدُ : " أَفْضَلُ مِنْكَ " وَذَلِكَ إِذَا وُضِعَ " أَفْعَلُ " مَوْضِعَ الْخَبَرِ . وَإِنْ وَقَعَ مَوْقِعَ الِاسْمِ وَأُدْخِلَتْ فِيهِ " الْأَلِفُ وَاللَّامُ " فَعَلُوا ذَلِكَ أَيْضًا ، إِذَا كَانَ جَوَابًا لِكَلَامٍ قَدْ مَضَى ، فَقَالُوا : " هَذَا الْأَفْضَلُ ، وَهَذَا الْأَشْرَفُ " يُرِيدُونَ : هُوَ الْأَشْرَفُ مِنْكَ .
وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : مَعْنَى ذَلِكَ : الْأَوْلَيَانِ بِالْمَيِّتِ .
12978 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، عَنِ
ابْنِ وَهْبٍ ، عَنْهُ .