الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وجعل الظلمات والنور )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض ، وأظلم الليل ، وأنار النهار ، كما : - [ ص: 250 ]

13040 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وجعل الظلمات والنور " قال : الظلمات ظلمة الليل ، والنور نور النهار .

13041 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : أما قوله : " الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور " فإنه خلق السماوات قبل الأرض ، والظلمة قبل النور ، والجنة قبل النار .

فإن قال قائل : فما معنى قوله إذا : " جعل " .

قيل : إن العرب تجعلها ظرفا للخبر والفعل فتقول : " جعلت أفعل كذا " و " جعلت أقوم وأقعد " تدل بقولها " جعلت " على اتصال الفعل ، كما تقول "علقت أفعل كذا " لا أنها في نفسها فعل . يدل على ذلك قول القائل : " جعلت أقوم " وأنه لا جعل هناك سوى القيام ، وإنما دل بقوله : " جعلت " على اتصال الفعل ودوامه ،

ومن ذلك قول الشاعر :


وزعمت أنك سوف تسلك فاردا والموت مكتنع طريقي قادر     فاجعل تحلل من يمينك إنما
حنث اليمين على الأثيم الفاجر

[ ص: 251 ]

يقول : " فاجعل تحلل " بمعنى : تحلل شيئا بعد شيء لا أن هناك جعلا من غير التحليل . فكذلك كل " جعل " في الكلام ، إنما هو دليل على فعل له اتصال ، لا أن له حظا في معنى الفعل .

فقوله : " وجعل الظلمات والنور " إنما هو : أظلم ليلهما ، وأنار نهارهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية