قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في وهم ينهون عنه وينأون عنه " . تأويل قوله : "
فقال بعضهم : معناه : هؤلاء المشركون المكذبون بآيات الله ، ينهون الناس عن اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - والقبول منه " وينأون عنه " يتباعدون عنه .
ذكر من قال ذلك :
13159 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا حفص بن غياث وهانئ بن سعيد ، عن حجاج ، عن سالم ، عن : " ابن الحنفية وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال : يتخلفون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يجيبونه ، وينهون الناس عنه .
13160 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " يعني : ينهون الناس عن محمد أن يؤمنوا به " وينأون عنه " يعني : يتباعدون عنه .
13161 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي وهم ينهون عنه وينأون عنه " أن يتبع محمد ، ويتباعدون هم منه . [ ص: 312 ]
13162 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " يقول : لا يلقونه ، ولا يدعون أحدا يأتيه .
13163 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال سمعت أبا معاذ يقول في قوله : " وهم ينهون عنه " يقول : عن محمد - صلى الله عليه وسلم - .
13164 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " جمعوا النهي والنأي . و " النأي " التباعد . وقال بعضهم : بل معناه : " وهم ينهون عنه " عن القرآن ، أن يسمع له ويعمل بما فيه .
ذكر من قال ذلك :
13165 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " وهم ينهون عنه " قال : ينهون عن القرآن ، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - " وينأون عنه " ويتباعدون عنه .
13166 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : " وهم ينهون عنه " قال : قريش ، عن الذكر " وينأون عنه " يقول : يتباعدون .
13167 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قريش ، عن الذكر . " ينأون عنه " يتباعدون .
13168 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال : ينهون عن القرآن ، [ ص: 313 ] وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويتباعدون عنه .
13169 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله : " ينأون عنه " قال : " وينأون عنه " يباعدونه .
وقال آخرون : معنى ذلك : وهم ينهون عن أذى محمد - صلى الله عليه وسلم - " وينأون عنه " يتباعدون عن دينه واتباعه .
ذكر من قال ذلك :
13170 - حدثنا هناد قال : حدثنا وكيع وقبيصة وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عمن سمع ابن عباس يقول : نزلت في أبي طالب ، كان ينهى عن محمد أن يؤذى ، وينأى عما جاء به أن يؤمن به .
13171 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت قال حدثني من سمع ابن عباس يقول : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال : نزلت في أبي طالب ، ينهى عنه أن يؤذى ، وينأى عما جاء به .
13172 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عمن سمع ابن عباس : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال : نزلت في أبي طالب ، كان ينهى المشركين أن يؤذوا محمدا ، وينأى عما جاء به .
13173 - حدثنا هناد قال : حدثنا عبدة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن القاسم بن مخيمرة قال : كان أبو طالب ينهى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يصدقه . [ ص: 314 ]
13174 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن ومحمد بن بشر إسماعيل بن أبي خالد ، عن القاسم بن مخيمرة في قوله : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال : نزلت في أبي طالب ، قال ابن وكيع ، قال ابن بشر : كان أبو طالب ينهى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤذى ولا يصدق به .
13175 - حدثنا هناد قال : حدثنا ، عن يونس بن بكير أبي محمد الأسدي ، عن حبيب بن أبي ثابت قال حدثني من سمع ابن عباس يقول في قول الله - تعالى ذكره - : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " نزلت في أبي طالب ، كان ينهى عن أذى محمد ، وينأى عما جاء به أن يتبعه .
13176 - حدثنا هناد قال : حدثنا ، عن وكيع إسماعيل بن أبي خالد ، عن القاسم بن مخيمرة في قوله : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال : نزلت في أبي طالب .
13177 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ، عن عبيد الله بن موسى عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب قال : ذاك أبو طالب ، في قوله : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " .
13178 - حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال حدثني قال قال سعيد بن أبي أيوب عطاء بن دينار في قول الله : " وهم ينهون عنه وينأون عنه " [ ص: 315 ] إنها نزلت في أبي طالب ، أنه كان ينهى الناس عن إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وينأى عما جاء به من الهدى .
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ، قول من قال : تأويله : " وهم ينهون عنه " عن اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - من سواهم من الناس ، وينأون عن اتباعه .
وذلك أن الآيات قبلها جرت بذكر جماعة المشركين العادلين به ، والخبر عن تكذيبهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والإعراض عما جاءهم به من تنزيل الله ووحيه ، فالواجب أن يكون قوله : " وهم ينهون عنه " خبرا عنهم ، إذ لم يأتنا ما يدل على انصراف الخبر عنهم إلى غيرهم . بل ما قبل هذه الآية وما بعدها ، يدل على صحة ما قلنا ، من أن ذلك خبر عن جماعة مشركي قوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، دون أن يكون خبرا عن خاص منهم .
وإذ كان ذلك كذلك ، فتأويل الآية : وإن ير هؤلاء المشركون ، يا محمد ، كل آية لا يؤمنوا بها ، حتى إذا جاءوك يجادلونك يقولون : " إن هذا الذي جئتنا به إلا أحاديث الأولين وأخبارهم " ! وهم ينهون عن استماع التنزيل ، وينأون عنك فيبعدون منك ومن اتباعك " وإن يهلكون إلا أنفسهم " يقول : وما يهلكون بصدهم عن سبيل الله ، وإعراضهم عن تنزيله ، وكفرهم بربهم - إلا أنفسهم لا غيرها ، وذلك أنهم يكسبونها بفعلهم ذلك ، سخط الله وأليم عقابه ، [ ص: 316 ] وما لا قبل لها به " وما يشعرون " يقول : وما يدرون ما هم مكسبوها من الهلاك والعطب بفعلهم .
والعرب تقول لكل من بعد عن شيء : " قد نأى عنه ، فهو ينأى نأيا " . ومسموع منهم : " نأيتك " بمعنى : " نأيت عنك " . وأما إذا أرادوا : أبعدتك عني ، قالوا : " أنأيتك " . ومن " نأيتك " بمعنى : نأيت عنك ، قول الحطيئة :
نأتك أمامة إلا سؤالا وأبصرت منها بطيف خيالا