القول في تأويل قوله ( وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون ( 31 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وهؤلاء الذين كذبوا بلقاء الله ، " يحملون أوزارهم على ظهورهم " . وقوله : " وهم " من ذكرهم " يحملون أوزارهم " يقول : آثامهم وذنوبهم .
واحدها " وزر " يقال منه : " وزر الرجل يزر " إذا أثم ، قال الله : " ألا ساء ما يزرون " . فإن أريد أنهم أثموا ، قيل : " قد وزر القوم فهم يوزرون ، وهم موزورون " . [ ص: 327 ]
قد زعم بعضهم أن " الوزر " الثقل والحمل . ولست أعرف ذلك كذلك في شاهد ، ولا من رواية ثقة عن العرب .
وقال - تعالى ذكره - : " على ظهورهم " لأن الحمل قد يكون على الرأس والمنكب وغير ذلك ، فبين موضع حملهم ما يحملون من ذلك .
وذكر أن حملهم أوزارهم يومئذ على ظهورهم ، نحو الذي : -
13187 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا الحكم بن بشير بن سلمان قال : حدثنا قال : إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيبه ريحا ، فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : لا ، إلا أن الله قد طيب ريحك وحسن صورتك ! فيقول : كذلك كنت في الدنيا ، أنا عملك الصالح ، طالما ركبتك في الدنيا ، فاركبني أنت اليوم ! وتلا عمرو بن قيس الملائي يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ، [ سورة مريم : 85 ] . وإن الكافر يستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحا ، فيقول : هل تعرفني ؟ فيقول : لا ، إلا أن الله قد قبح صورتك وأنتن ريحك ! فيقول : كذلك كنت في الدنيا ، أنا عملك السيئ ، طالما ركبتني في الدنيا ، فأنا اليوم أركبك وتلا " وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون " . [ ص: 328 ]
13188 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم " فإنه ليس من رجل ظالم يموت فيدخل قبره ، إلا جاء رجل قبيح الوجه ، أسود اللون ، منتن الريح ، عليه ثياب دنسة ، حتى يدخل معه قبره ، فإذا رآه قال له : ما أقبح وجهك ! قال : كذلك كان عملك قبيحا ! قال : ما أنتن ريحك ! قال : كذلك كان عملك منتنا ! قال : ما أدنس ثيابك ! قال فيقول : إن عملك كان دنسا . قال : من أنت ؟ قال : أنا عملك ! قال : فيكون معه في قبره ، فإذا بعث يوم القيامة قال له : إني كنت أحملك في الدنيا باللذات والشهوات ، فأنت اليوم تحملني . قال : فيركب على ظهره فيسوقه حتى يدخله النار ، فذلك قوله : " يحملون أوزارهم على ظهورهم " .
وأما قوله - تعالى ذكره - : " ألا ساء ما يزرون " فإنه يعني : ألا ساء الوزر الذي يزرون - أي : الإثم الذي يأثمونه بربهم ، كما : -
13189 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " ألا ساء ما يزرون " قال : ساء ما يعملون .