[ ص: 350 ] القول في تأويل قوله ( والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ( 39 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : والذين كذبوا بحجج الله وأعلامه وأدلته " صم " عن سماع الحق " بكم " عن القيل به " في الظلمات " يعني : في ظلمة الكفر حائرا فيها ، يقول : هو مرتطم في ظلمات الكفر ، لا يبصر آيات الله فيعتبر بها ، ويعلم أن الذي خلقه وأنشأه فدبره وأحكم تدبيره ، وقدره أحسن تقدير ، وأعطاه القوة ، وصحح له آلة جسمه لم يخلقه عبثا ، ولم يتركه سدى ، ولم يعطه ما أعطاه من الآلات إلا لاستعمالها في طاعته وما يرضيه ، دون معصيته وما يسخطه . فهو لحيرته في ظلمات الكفر ، وتردده في غمراتها ، غافل عما الله قد أثبت له في أم الكتاب ، وما هو به فاعل يوم يحشر إليه مع سائر الأمم . ثم أخبر - تعالى ذكره - أنه المضل من يشاء إضلاله من خلقه عن الإيمان إلى الكفر ، والهادي إلى الصراط المستقيم منهم من أحب هدايته ، فموفقه بفضله وطوله للإيمان به ، وترك الكفر به وبرسله وما جاءت به أنبياؤه ، وأنه لا يهتدي من خلقه أحد إلا من سبق له في أم الكتاب السعادة ، ولا يضل منهم أحد إلا من سبق له فيها الشقاء ، وأن بيده الخير كله ، وإليه الفضل كله ، له الخلق والأمر . [ ص: 351 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال قتادة :
13225 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " صم وبكم " هذا مثل الكافر ، أصم أبكم ، لا يبصر هدى ، ولا ينتفع به ، صم عن الحق في الظلمات ، لا يستطيع منها خروجا ، متسكع فيها .