[ ص: 403 ] القول في تأويل قوله ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ( 59 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ولا تسقط ورقة في الصحاري والبراري ، ولا في الأمصار والقرى ، إلا الله يعلمها " ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين " يقول : ولا شيء أيضا مما هو موجود ، أو مما سيوجد ولم يوجد بعد ، إلا وهو مثبت في اللوح المحفوظ ، مكتوب ذلك فيه ، ومرسوم عدده ومبلغه ، والوقت الذي يوجد فيه ، والحال التي يفنى فيها .
ويعني بقوله : " مبين " أنه يبين عن صحة ما هو فيه ، بوجود ما رسم فيه على ما رسم .
فإن قال قائل : وما وجه إثباته في اللوح المحفوظ والكتاب المبين ، ما لا يخفى عليه ، وهو بجميعه عالم لا يخاف نسيانه ؟
قيل له : لله - تعالى ذكره - فعل ما شاء . وجائز أن يكون كان ذلك منه امتحانا منه لحفظته ، واختبارا للمتوكلين بكتابة أعمالهم ، فإنهم فيما ذكر مأمورون بكتابة أعمال العباد ، ثم بعرضها على ما أثبته الله من ذلك في اللوح المحفوظ ، حتى أثبت فيه ما أثبت كل يوم . وقيل إن ذلك معنى قوله : إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ، [ سورة الجاثية : 29 ] . وجائز أن يكون ذلك لغير ذلك ، مما هو أعلم به ، إما بحجة يحتج بها على بعض ملائكته ، وإما على بني آدم وغير ذلك ، وقد : - [ ص: 404 ]
13308 - حدثني زياد بن يحيى الحساني أبو الخطاب قال : حدثنا مالك بن سعير قال : حدثنا الأعمش ، عن ، عن يزيد بن أبي زياد عبد الله بن الحارث قال : ما في الأرض من شجرة ولا كمغرز إبرة ، إلا عليها ملك موكل بها يأتي الله بعلمها : يبسها إذا يبست ، ورطوبتها إذا رطبت .