القول في تأويل قوله ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا )
يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : " قل " يا محمد ، لمشركي قومك القائلين لك : " ما أنزل الله على بشر من شيء " قل : " من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا " يعني : جلاء وضياء من ظلمة الضلالة " وهدى للناس " يقول : بيانا للناس ، يبين لهم به الحق من الباطل فيما أشكل عليهم من أمر دينهم " تجعلونه قراطيس تبدونها " .
فمن قرأ ذلك : ( تجعلونه ) ، جعله خطابا لليهود على ما بينت من تأويل من تأول ذلك كذلك .
ومن قرأه بالياء : ( يجعلونه ) ، فتأويله في قراءته : يجعله أهله قراطيس ، وجرى الكلام في " يبدونها " بذكر " القراطيس " والمراد منه المكتوب في القراطيس ، يراد : يبدون كثيرا مما يكتبون في القراطيس فيظهرونه للناس ، ويخفون كثيرا مما يثبتونه في القراطيس فيسرونه ويكتمونه الناس . [ ص: 527 ]
ومما كانوا يكتمونه إياهم ، ما فيها من أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - ونبوته ، كالذي : -
13545 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا " اليهود .
13546 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج عكرمة : " قل " يا محمد " من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس يجعلونه قراطيس يبدونها " يعني يهود ، لما أظهروا من التوراة " ويخفون كثيرا " مما أخفوا من ذكر محمد - صلى الله عليه وسلم - وما أنزل عليه ، قال : وقال ابن جريج عبد الله بن كثير : إنه سمع يقول : " يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا " قال : هم مجاهدا يهود ، الذين يبدونها ويخفون كثيرا .