قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وأخرجنا أيضا جنات من أعناب يعني : بساتين من أعناب .
واختلف القرأة في قراءة ذلك .
فقرأه عامة القرأة : ( وجنات ) نصبا ، غير أن " التاء " كسرت ؛ لأنها " تاء " جمع المؤنث ، وهي تخفض في موضع النصب .
وقد :
13669 - حدثني الحارث قال : حدثنا ، عن القاسم بن سلام الكسائي قال : أخبرنا حمزة ، عن الأعمش أنه قرأ : " وجنات من أعناب .
بالرفع ، فرفع " جنات " على إتباعها " القنوان " في الإعراب ، وإن لم تكن من جنسها ، كما قال الشاعر :
ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا
قال أبو جعفر : والقراءة التي لا أستجيز أن يقرأ ذلك إلا بها النصب : ( وجنات من أعناب ) ؛ لإجماع الحجة من القرأة على تصويبها والقراءة بها ، ورفضهم ما عداها ، وبعد معنى ذلك من الصواب إذا قرئ رفعا . [ ص: 578 ]
وقوله : " والزيتون والرمان " عطف ب " الزيتون " على " الجنات " بمعنى : وأخرجنا الزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه .
وكان قتادة يقول في معنى " مشتبها وغير متشابه " ما :
13670 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه " قال : مشتبها ورقه ، مختلفا ثمره .
وجائز أن يكون مرادا به : مشتبها في الخلق ، مختلفا في الطعم .
قال أبو جعفر : ومعنى الكلام : وشجر الزيتون والرمان ، فاكتفى من ذكر " الشجر " بذكر ثمره ، كما قيل : ( واسأل القرية ) [ سورة يوسف : 82 ] ، فاكتفى بذكر " القرية " من ذكر " أهلها " لمعرفة المخاطبين بذلك بمعناه .