القول في تأويل قوله ( سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ( 124 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، معلمه ما هو صانع بهؤلاء المتمردين عليه : " سيصيب " ، يا محمد ، الذين اكتسبوا الإثم بشركهم بالله وعبادتهم غيره ( صغار ) ، يعني : ذلة وهوان ، كما : -
13851 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : ( السدي سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله ) ، قال : " الصغار " ، الذلة .
وهو مصدر من قول القائل : " صغر يصغر صغارا وصغرا " ، وهو أشد الذل . [ ص: 97 ]
وأما قوله : ( صغار عند الله ) ، فإن معناه : سيصيبهم صغار من عند الله ، كقول القائل : " سيأتيني رزقي عند الله " ، بمعنى : من عند الله ، يراد بذلك : سيأتيني الذي لي عند الله . وغير جائز لمن قال : " سيصيبهم صغار عند الله " ، أن يقول : " جئت عند عبد الله " ، بمعنى : جئت من عند عبد الله ؛ لأن معنى " سيصيبهم صغار عند الله " ، سيصيبهم الذي عند الله من الذل ، بتكذيبهم رسوله . فليس ذلك بنظير : " جئت من عند عبد الله " . .
وقوله : ( وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ) ، يقول : يصيب هؤلاء المكذبين بالله ورسوله ، المستحلين ما حرم الله عليهم من الميتة ، مع الصغار عذاب شديد ، بما كانوا يكيدون للإسلام وأهله بالجدال بالباطل ، والزخرف من القول ، غرورا لأهل دين الله وطاعته .