قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن إحلاله بالخبيث عدو الله ما أحل به من نقمته ولعنته ، وطرده إياه عن جنته ، إذ عصاه وخالف أمره ، وراجعه من الجواب بما لم يكن له مراجعته به . يقول : قال الله له عند ذلك : ( اخرج منها ) ، أي من الجنة ( مذءوما مدحورا ) ، يقول : معيبا .
و " الذأم " ، العيب . يقال منه : " ذأمه يذأمه ذأما فهو مذءوم " ، ويتركون الهمز فيقولون : ذمته أذيمه ذيما وذاما " ، و " الذأم " و " الذيم " ، أبلغ في العيب من " الذم " ، وقد أنشد بعضهم هذا البيت :
[ ص: 343 ] صحبتك إذ عيني عليها غشاوة فلما انجلت قطعت نفسي أذيمها
وأكثر الرواة على إنشاده " ألومها " .
وأما المدحور : فهو المقصى ، يقال : " دحره يدحره دحرا ودحورا " ، إذا أقصاه وأخرجه ، ومنه قولهم : " ادحر عنك الشيطان " .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
14384 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( اخرج منها مذءوما مدحورا ) ، يقول : اخرج منها لعينا منفيا .
14385 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا أبو صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " مذءوما " ممقوتا .
14386 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبى قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( قال اخرج منها مذءوما ) ، يقول : صغيرا منفيا .
14387 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن قوله : ( السدي اخرج منها مذءوما مدحورا ) ، أما " مذءوما " ، فمنفيا ، وأما " مدحورا " ، فمطرودا .
14388 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( مذءوما ) ، قال : منفيا ( مدحورا ) ، قال : مطرودا .
14389 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي [ ص: 344 ] جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : ( اخرج منها مذءوما ) ، قال : منفيا . و " المدحور " ، قال : المصغر .
14390 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة ، عن يونس وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن التميمي ، عن ابن عباس : ( اخرج منها مذءوما ) ، قال : منفيا .
14391 - حدثني أبو عمرو القرقساني عثمان بن يحيى قال ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن التميمي ، سأل ابن عباس : ما ( اخرج منها مذءوما مدحورا ) ، قال : مقيتا .
14392 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( اخرج منها مذءوما مدحورا ) ، فقال : ما نعرف " المذءوم " و " المذموم " إلا واحدا ، ولكن تكون حروف منتقصة ، وقد قال الشاعر لعامر : يا " عام " ، ولحارث : " يا حار" ، وإنما أنزل القرآن على كلام العرب .